أرجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الفضل الكامل إلى نفسه في قوة الاقتصاد وسوق الأوراق المالية، قائلا إن كافة الأمور انضبطت عندما انتقل إلى البيت الأبيض وحل مكان الرئيس السابق باراك أوباما.
وقال ترامب، في مقابلة أجراها مع “فوكس نيوز” في أكتوبر الماضي، إن الاقتصاد كان على شفا الانهيار عند توليه الرئاسة، إذ كانت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي 1%.. ولكنها وصلت الآن إلى 4.2%.
وفي الوقت نفسه، قال الاقتصادي في جامعة برينستون، آلان بليندر، ان قصة الاقتصاد الأمريكي الحالي هي في الواقع الطفرة الاقتصادية لأوباما وترامب.
وأشار إلى أن التوسع الاقتصادي الحالي، البالغ مدته 116 شهرا، يعد من بين التوسعات الاقتصادية الأطول في التاريخ، فهو يأتي في المرتبة الثانية بعد عصر الرئيس السابق بيل كلينتون الذي دام 120 شهرا.
وأفادت شبكة “سي.إن.إن” الإخبارية الأمريكية بأن هذه المزاعم تتطلب تقييم أداء لاقتصاد ترامب الحالي، ومقارنة عهده مع عهد أوباما، لذا سلطت الضوء على بعض المؤشرات الاقتصادية التي يمكن أن يتباهى بها ترامب، وبعض علامات القلق والوعود التي لم يفي بها والتي سيتعين عليه الإجابة عنها:
فرص العمل التي أنشئت في عهد ترامب وأوباما
يجب أن يأمل ترامب، في استمرار خلق فرص العمل بمعدلات قياسية، ولكن نوعية التقارير التي صدرت مؤخرا والتي اظهرت إضافة الاقتصاد الأمريكي لـ20 ألف وظيفة فقط في فبراير الماضي، وهو أقل مستوى منذ سبتمبر 2017، لن تساعد ترامب على الإطلاق.
عندما تولى أوباما منصبه، كان الاقتصاد الأمريكي يخفض الوظائف بوتيرة مخيفة تزيد على 700 ألف وظيفة في الشهر. ولكن هذه الانخفاضات تباطأت في النهاية وبدأت البلاد إضافة وظائف شهريا منذ أكتوبر 2010، وهي السنة الثانية من ولاية أوباما الأولى، ومن ثم سجل نمو الوظائف أرقاما قياسية منذ مارس الماضي والتي استمرت حتى يومنا هذا، حتى مع الانخفاض المفاجئ المسجل في فبراير.. لذا فإن الازدهار في خلق الوظائف جاء في عهد الرئيسين.
ومن الصعب المقارنة بين ترامب وأوباما فيما يخص خلق فرص العمل، إذ تولى أوباما منصبه عندما كان الاقتصاد في حالة يرثى لها ، في حين تولى ترامب الرئاسة عندما بدأ الاقتصاد في تسجيل أداء جيدا، رغم إدعائه أنه كان على حافة الهاوية.
الاقتصاد ينمو ولكن بشكل لا يفي بوعود ترامب
تعهد الجمهوريون بنمو اقتصادي مستدام وملحوظ نتيجة سياسات ترامب الاقتصادية ونتيجة تخفيضاته الضريبية بشكل خاص.
ونما الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وهو القيمة الإجمالية لكافة السلع والخدمات الأمريكية المنتجة في عام واحد، بين 1.6% و2.9% سنويا منذ عام 2010، وكان النمو بنسبة 2.9% في عام 2018 جيد للغاية كما أنه كان أعلى مستوى نمو تسجله البلاد منذ عام 2015، ولكن تلك النسبة لم تكن الـ 4% التي وعد بها ترامب عندما كان مرشحا لتولى الرئاسة أو 3.2% التي توقعها البيت الأبيض مؤخرا في ظل مشروع الموازنة المقترح لعام 2020.
الأسواق مرتفعة
كان ترامب محقا في مواصلة سوق الأسهم النمو، ولكن من الصعب القول إن الأمر كان على وشك الانهيار عندما تولى الرئاسة، فقد كانت هناك بعض حالات الصعود والهبوط.
أما في مارس 2009، أي بعد ثلاثة أشهر من رئاسة أوباما، وصل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى أدنى مستوياته عند 676 نقطة مقارنة بـ 2750 التي وصل إليها حاليا، كما ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي، الذي يستخدمه ترامب كمقياس، بشكل مماثل، فقد كان يقل عن مستوى 8000 في عهد أوباما ولكنه أصبح اليوم أكثر من 25000.
انخفاض البطالة
انخفضت معدلات البطالة بشكل عام منذ عام 2009، بعد تولي أوباما منصبه، وانخفض المعدل الحالي إلى أدنى مستوى له عند 3.8%، ولكن مثل ارتفاع سوق الأسهم بدأ اتجاه انخفاض معدلات البطالة قبل تولى ترامب منصبه في 2016.
الأجور الأمريكية آخذة في الازدياد ولكن ربما بشكل غير كافٍ
يشهد النمو في الأجور الأمريكية زيادة سنوية منذ عام 2010، ولكن هذه الزيادة تركزت مؤخرا على أصحاب الأجور المرتفعة، مما أدى إلى تفاقم المشكلة الحقيقية المتمثلة في عدم المساواة في الدخل في الولايات المتحدة، مما يعني أن أجور الأمريكيين بدأت ترتفع بالكاد منذ عقود.
وفي الوقت الذي نمت فيه الأجور بشكل عام، لم يرتفع الحد الأدنى للأجور الأمريكية منذ بداية عهد أوباما، أي منذ نحو 10 أعوام، وليس هناك ما يشير إلى أن ترامب يعتزم زيادته، فهو يصل الآن إلى 7.25 دولار في الساعة ويجب زيادته إلى 8.47 دولار فورا لمواكبة التضخم.
ارتفاع الوظائف التصنيعية ولكن ليس بالشكل الذي أعلنه ترامب
لم يرتفع نصيب الوظائف التصنيعية في الاقتصاد الأمريكي، ومن المحتمل ألا يرتفع لأن الاقتصاد الأمريكي ابتعد عن التصنيع، الذي أصبح يمثل الآن نسبة تقل عن 10% بعد أن كان يمثل الجزء الأكبر من القوى العاملة الأمريكية.
العجز التجاري لم ينخفض
كان تقليص العجز التجاري هو السبب الرئيسي الذي دفع ترامب إلى خوض حرب تجارية مع الصين وتهديداته وفرضه لتعريفات جمركية على أكثر من 250 مليار دولار من البضائع القادمة من الصين ودول أخرى، وسبب وعوده بتحسين اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية “نافتا”،
ومع ذلك، استمر العجز التجاري الأمريكي في النمو، اذ ارتفع بمقدار يزيد على 100 مليار دولار منذ تولى ترامب منصبه، وهو العجز الأكبر منذ عام 2008 أي قبل أن يكون أوباما رئيسا.
ترامب لم يلغ الديون.. بل إنها ترتفع بجنون
خلال حملته الانتخابية في 2016، وعد ترامب بإلغاء الدين الأمريكي خلال 8 أعوام، ولكن في ظل بقاء 6 أعوام للوفاء بوعده بدأت معدلات الديون في الارتفاع بشكل كبير، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس الأمريكي.
وارتفع عجز الموازنة الأمريكية بنسبة 77% في الأشهر الأربعة الأولى من العام المالي 2019، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقا لبيانات جديدة صادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية.
وبما أن الضرائب تنخفض والإنفاق يرتفع، لا يتوقع القضاء على الدين، بل إن العكس سيحدث إذا بقيت القوانين الحالية على حالها، كما يتوقع مكتب الموازنة في الكونجرس ارتفاع العجز السنوي إلى ما يزيد على تريليون دولار سنويا ابتداءً من عام 2022.