الرئيس الشرفى لمجلس معلومات سوق السيارات «أميك»:
الشركات الأم تراقب الوكلاء.. وربح التاجر لا يتجاوز %8
شركات الاستيراد الجديدة تواجه تحديات كبيرة أولها شهادة «يورو 1»
يستعد سوق السيارات المحلى، لدخول مرحلة جديدة، بعد الاضطرابات التى عاشها على مدار الأشهر الثلاثة الماضية.
قال رأفت مسروجة، الرئيس الشرفى لمجلس معلومات سوق السيارات «أميك»، إن حملة «خليها تصدى» شارفت على نهايتها، لأنها جاوزت حد المنطق، وارتفع سقف المطالب بما يدمر الحملة ويفقدها مصداقيتها.
وتحدث مسروجة فى حوار لـ«البورصة»، عن سبب انخفاض أسعار بعض السيارات فى السعودية مقارنة بأسعارها فى مصر، موضحاً أن فوائد قروض البنوك فى السعودية ودول الخليج أقل منها فى مصر.
قال رأفت مسروجة، إن سوق السيارات فى مصر، يشهد حالياً صراعاً بين طرفين متشددين تسببا فى ركود السوق وتشتت المستهلك.
وأضاف أن الطرف الأول، هو المستوردون والتجار والموزعين الذين أعلنوا عن تخفيضات بمبالغ كبيرة للسيارات الفارهة ومنها «مرسيدس» و«بى إم دبليو».
والطرف الآخر هم المستهلكون الذين يطالبون بتخفيض أسعار السيارات بنسب مبالغ فيها تصل إلى نصف ثمنها، ولذلك توجد حالة من عدم الثقة بين المستهلك والوكيل منذ الإعلان عن إلغاء الجمارك على السيارات ذات المنشأ الأوروبى.
واستنكر مسروجة، استمرار أعضاء حملة مقاطعة شراء السيارات المعروفة بـ «خليها تصدى»، فى مطالبهم التى يرى أنها غير منطقية، لأن هناك ظروفاً معينة تحكم السوق المحلى وتحكم أسعار السيارات فيه، موضحاً أن ما يثار عن الأرباح الكبيرة التى يحصل عليها الوكلاء غير حقيقى وليس منطقياً.
وأضاف: «الحملة شارفت على نهايتها، لأنها جاوزت حد المنطق، وارتفع سقف المطالب بما يدمر الحملة ويفقدها مصداقيتها»، مطالباً الشباب بعدم الاندفاع وضرورة الوعى بحجم التكاليف التى تقع على عاتق المستورد قبل الحكم عليه.
وكشف مسروجة عن نسبة الأرباح المعلنة والمعروفة للعاملين فى مجال استيراد وتجارة السيارات، موضحاً أن النسبة الإجمالية للأرباح على السيارة تصل إلى %16 مقسمة على المستورد والموزع والتاجر، فالتاجر يحصل على نسبة ربح من 7 إلى %8 من سعر السيارة، ويحصل الموزع على نسبة ربح %5.. أما التاجر فيحصل على نسبة ربح تصل إلى %4.. وتوجد منافسة بين التجار وبعضهم البعض، ومن الممكن أن يبيع تاجر نفس السيارة بسعر أقل من تاجر آخر، ويتنازل عن جزء من أرباحه مقابل بيع عدد أكبر من السيارات.
وشدد الرئيس الشرفى لـ«أميك»، على ضرورة إدراك المستهلك حجم الإنفاق والتكاليف التى تقع على عاتق المستورد والموزع والتاجر قبل أن تصل السيارة إلى المستهلك بسعرها النهائى، مؤكداً وجود حسابات أخرى تقع بين التكلفة والتسعير.
فسعر السيارة فى ميناء البلد الأوروبية يضاف إليه تكاليف الشحن إلى الميناء المصرى والتأمين والنقل وإيجار المنطقة الحرة التى يصل إلى 30 مليون جنيه سنوياً، وتكاليف تأمين السيارة فى المنطقة الحرة، هذا بالإضافة إلى فوائد القروض التى يحصل عليها الوكيل من البنك وتصل إلى %18 ويتم تحميلها أيضاً على السعر النهائى للسيارة، وكل سيارة يشمل سعرها النهائى %5 سداد دين بنك، مضيفاً: «كل هذه التكاليف بخلاف ضريبة القيمة المضافة التى تضاف أيضاً على سعر السيارة».
وفسر مسروجة، سبب انخفاض أسعار بعض السيارات فى السعودية مقارنة بأسعارها فى مصر بأن فوائد قروض البنوك فى السعودية ودول الخليج أقل منها فى مصر، لأن فوائد البنوك مرتبطة بنسبة التضخم لكل بلد، وأضاف: «تقع على عاتق الوكيل، العديد من المصاريف الإدارية، ورواتب الموظفين وتأميناتهم وإيجار مقار الشركات والمخازن ومراكز الخدمة والصيانة».
وإذا كان الوكيل يدفع 50 مليون جنيه مصاريف إدارية فى السنة، سيتم تحميلها على السيارات التى يبيعها، والموزع أيضًا يضيف تكاليفه الإدارية والإعلانات وحفلات الدعاية والتسويق للسيارات على أسعار السيارات التى يبيعها، وأكد مسروجة أن الحملة أثرت على مبيعات السيارات خلال شهر يناير الماضى، إذ تراجعت بنسبة %35 ـ 40، واستمر التأثير على مبيعات شهر فبراير الماضى التى تراجعت بنسبة %25، متوقعاً أن يتجاوز السوق المحلى هذه الأزمة ويعود لطبيعته خلال مارس الحالى، وانتقد مسروجة حالة صمت الوكلاء وعدم ردهم على الاتهامات الموجهة لهم، وطالبهم بالنزول إلى المستهلك لشرح الحقيقة له، واللجوء إلى حملة علاقات عامة لإعادة الثقة بينهم وبين المستهلك.
ولفت مسروجة إلى دور الشركات الأم فى مراقبة الوكيل، مشددا على أنها لن تسمح له بالحصول على الأرباح الوهمية والأرقام الكبيرة غير المنطقية المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعى، قائلاً: «الشركة مش هتسمح للوكيل أنه يكسب أكثر منها».
وضرب مثلاً بشركة تويوتا العالمية التى اكتشفت فى عام 2004 أن «تويوتا مصر» تبيع سيارات مخصصة لبعض الجهات بناءً على مناقصة ربحتها وحصلت عليها بسعر أقل من سعرها التجارى المتعارف عليه للمستهلك، وحققت أرباحاً كبيرة خلال تلك الفترة.
فوجهت «تويوتا العالمية»، خطاباً شديد اللهجة للوكيل، وطالبته برد الأرباح التى حصل عليها للشركة الأم، وحول إمكانية سحب الشركات الأم، التعاقدات مع الوكلاء فى مصر بسبب «خليها تصدى»، قال إن ذلك غير وارد ودرب من المحال، لأن كل شركة تقوم بإيفاد مراقبين للسوق كل بضعة أشهر، ويمكنها أن تميز ما إذا كان انخفاض المبيعات بسبب ركود عام فى السوق وتأثر بالظروف العامة المحيطة أم بسبب تقصير من الوكيل، قائلاً: «طالما أن الوكيل يفعل ما عليه، فإن الشركة الأم لن تسحب الوكالة، وما يحدث يمثل ظروف سوقية، وأى وكيل جديد لن يقدم جديداً، فالشركة لن تخسر وكيلها».
وأضاف أن تراجع المبيعات خلال الأشهر الماضية لن يؤثر كثيراً على أرباح الوكلاء وشركاتهم لأن الشركات الكبرى تعمل بنظام المحاسبة التراكمية، أى أنها حققت أرباحاً كبيرة فى السنوات السابقة مما يمكنها من تغطية العجز والاستمرار فى صرف رواتب الموظفين ومصاريفها الإدارية خلال هذه الفترة.
وقال الرئيس الشرفى لـ«أميك»، إن شركات استيراد السيارات التى ظهرت مؤخراً، تواجه تحديات كبيرة تتمثل فى كيفية التعامل مع جميع العلامات التجارية والحصول على شهادة اليورو 1 «وتوفير مراكز خدمة وصيانة لجميع العلامات التجارية، مضيفاً: «بخبرة 50 عاماً أرى أن الأمر يمثل تحدياً كبيراً».
ويؤكد مسروجة، أن «صناعة سيارة مصرية» لن يتحقق، ولا يدعم استراتيجية صناعة السيارات، قائلاً: «مفيش صناعة سيارات بالحماية.. بمعنى خفض الجمارك على السيارات المحلية وزيادتها على المستورد حتى يشترى المستهلك المنتج المحلى، بالعكس ينبغى رفع الحماية.. وإذا كانت الجمارك %صفر على الأوروبى، تصبح %صفر على جميع الأنواع».
وأشار إلى أن الاستراتيجيات تقوم على محورين، إما أن يكون البلد استهلاكياً مثل الصين، أو يعتمد البلد على التصدير مثل المغرب.
وأوضح أن تجربة الصين تقوم على الاستهلاك الداخلى فبعد خفض الجمارك على السيارات أصبح سعرها فى متناول الجميع، وزاد الاستهلاك حتى وصل إلى 30 مليون سيارة سنوياً، مما دفع جميع الشركات الأم للتوجه لإنشاء مصانع لتجميع سياراتها بالصين بدلاً من شحن هذا الكم الهائل من السيارات إلى هناك.
وتابع: «فى المغرب لا يوجد استهلاك داخلى وتعتمد على التصدير، فعملت المملكة على دعوة الشركات، التى التقت الملك محمد السادس، ووفر لهم الأرض والعمال والتأمين، ورفع عنهم الضرائب.. فاتجهوا لصناعة السيارات منخفضة التكلفة لتصديرها بأسعار منخفضة ونجحوا فى الصناعة ودخلوا اتفاقية أغادير».
وأعرب مسروجة، عن تفاؤله باهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى شخصياً بمستقبل صناعة السيارات، وبالخطوة التى اتخذها بالتفاوض مع قيادات «مرسيدس» لعودة مصنعها فى مصر للعمل، ثم لقاءه قيادات «بيجو»، وقيادات «بى إم دبليو» فى ألمانيا، موضحا أنها بداية قوية لنشاط صناعة السيارات فى مصر خصوصا أنها تتميز بموقعها الذى يجعلها مركزاً للتصدير لأفريقيا ودول الخليج وآسيا.
وتحدث مسروجة، عن أهمية مجلس معلومات سوق السيارات «أميك»، موضحاً أنه عبارة عن شركة بيانات الغرض منها تأكيد التحليلات والبيانات لسوق السيارات، مما يساعد شركات السيارات ومديرى تسويقها على التخطيط الجيد للمبيعات.
أضاف أن «أميك» تم تأسيسه نتيجة الأزمات التى تعرض لها سوق السيارات المحلى بسبب تضارب الرؤى، ففى عام 1998 حدثت نهضة وارتفاع ملحوظ فى مبيعات السيارات خصوصاً بعد اقتحام النمور الآسيوية للسوق المصرى، وبيعت وقتها أكثر من 100 ألف سيارة، وبناءً عليه استعدت الشركات لتحقيق مبيعات عالية للعام التالى 1999، لكن حدث انخفاضاً فى المبيعات عكس المتوقع، مما تسبب فى خسائر كبيرة، لذلك اجتمع كل مديرى الشركات فى 2000، وقرروا تأسيس هيئة واحدة لإرسال بيانات المبيعات إليها كل شهر لتجميعها وتحليلها وتبويبها، وإرسال التقرير المجمع للشركات مرة أخرى لتعتمد عليه فى خطة مبيعاتها.
وأضاف مسروجة، أن التقارير الشهرية لمجلس معلومات سوق السيارات غير دقيقة بالدرجة الكافية، عكس التقارير السنوية التى تكون أكثر دقة، فكلما اتسعت المدة الزمنية للتقرير كلما أصبح أكثر دقة، موضحاً أن الأمر فى مصر يختلف عن باقى دول العالم لأن البيانات التى ترسل إلى «أميك» مبيعات الشركات للموزعين والتجار وليست مبيعات السيارات التى تصل للمستهلك ويتم ترخيصها واستخدامها بالفعل، عكس أمريكا وأوروبا التى تشمل تقاريرها المبيعات الدقيقة للمستهلك، لذلك يكون التقرير السنوى أكثر دقة، لأنه يعتمد على التراكمية.
وعن مدى دقة ومصداقية البيانات التى ترسلها شركات السيارات «أميك»، أكد مسروجة أنه لا يوجد مجال لهذه الشركات للتلاعب فى أرقام مبيعاتها، لأن «أميك» يحرص على إرسال تقاريره الشهرية والسنوية إلى الشركات الأم التى تقوم بدورها بجرد دورى لشركات الوكلاء فى مصر للتأكد من صحة بياناتها وأرقامها، وتابع أنه يمكن حدوث نسبة خطأ فى أرقام بعض الشركات الصينية الصغيرة التى لا تحرص شركاتها الأم على مراقبتها والمتابعة الدورية لها، أما الشركات اليابانية والأوروبية فتراقب وكلائها باستمرار.
وأوضح أن ما أثير حول عدم مصداقية تقرير «أميك» الأخير لشهر ديسمبر 2018، كان بسبب بعض الشركات الصينية التى لم ترسل تقاريرها فى الأشهر السابقة وأرسلتها فى الشهر الأخير من العام.. فتم إضافتها للتقرير، مما أدى إلى حدوث زيادة فى نسبة المبيعات وصلت إلى %15.
حوار- نور أحمد