اقتصادنا يا تعبنا.. الحلقة 102
صفقة تم تدشينها بـ 3.1 مليار دولار باستحواذ شركة أوبر على شركة كريم.. خبر يحمل فيه ظاهرة الإيجابية ولكن يحمل فى باطنه كثير من التساؤلات والتفكير فيما قد يولده هذا الاستحواذ من تحديات على السوق المصرى.
كلنا مع تشجيع الاستثمار بجميع صوره سواء جديدة أو توسعات أو استحواذات أو اندماجات، ولكن تقضى آليات السوق الحر تعظيم وحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية حتى لا يتاُثر السوق سلبا بسيطرة طرف وحيد على مجريات قطاع أو مجال بعينه .. فدائما ما تخلق المنافسة الصحية فرصا لتقديم الأفضل من حيث الجودة والأسعار وخلق تنوع فى الخدمات أو السلع المقدمة.
فدولة الإمارات التى شهدت ميلاد شركة كريم وشركة سوق دوت كوم (التى اشترتها أمازون) بمدينة دبي للإنترنت، توجد بها خدمات نقل متميزة حكومية أو قطاع خاص وبالتالى لن يضار قطاع النقل التشاركي فيها بل أن قطاع النقل التشاركى فيها يواجه منافسة صحية مع القطاع الخاص وكذلك القطاع الحكومى بجميع وسائل النقل المتميزة التى يوفرها للناس (مواطنين ومقيمين) وتشرف عليها هيئة النقل والمواصلات بدبي RTA التى تنظم عمل هذا القطاع وتشرف عليها رقابيا بأعلى مستويات للجودة من حيث تقديم الخدمة وتوافرها دون احتكار.
وبالنظر إلى مصر فإن هذا الاستحواذ الذى تم فى الخارج سيكون له أثر داخلى فى ظل توافر خدمات النقل العام وبعض الخدمات النقل التشاركى الأخرى مثل SWVL وBus seat وغيره من المبادرات الوليدة التى تعمل بنظام تطبيقات الموبايل الذكي Mobile applications.
إن وجود شركتين تقدمان نفس الخدمة كان مفيداً جداً للسوق المصري بإتاحة منتجات متنوعة تناسب أطيافاً مختلفة من الشعب المصرى.. ونموها وتوسعهما فى السوق والانطباع الجيد التى خلقتها لدى المستخدمين، شجع شركات أخرى لتقدم خدمات متنوعة متشابهة.. بالإضافة وسائل النقل العامة الموجودة.. بل ودفع الحكومة إلى تطوير منظومة النقل لديها حيث تبذل الدولة جهودًا حثيثة لتطوير هذا القطاع الحيوى الذي يمس كافة المواطنين بكافة أطيافهم ومستويات دخولهم.
لكن استحواذ شركة أوبر على شركة كريم يخلق تساؤلات بشكل وضع السوق بسيطرة شركة واحدة على أكبر حصة من النقل التشاركى بما قد يولده من ممارسات احتكارية بالسيطرة على هذا المجال.. وبعد أن كانت الخدمة متاحة لدى مشغلين أصبحت متاحة لدى مشغل واحد وبالتالى نوع الخدمة وجودتها وتسعيرها سيكون فى يد شركة واحدة.. وهو ما يضر بوضع المنافسة ويعظم من الفرص الاحتكارية لدى مشغل واحد… ويزيد من التحديات التى ستواجه المبادرات الوليدة من المشغلين الجدد..
وهو ما يتطلب تشديد الرقابة على هذا السوق خوفا من تحقق ممارسات احتكارية تضر بالآخرين من المشغلين الصغار أو المتوسطين فى مواجهة هذا الكيان الكبير الذى سيخلق بعد الاستحواذ، كما يتطلب تسريع وتير تطوير وسائل النقل العامة وتحسين جودتها..
فهل توافق مصر على تحول الشركتين إلى شركة واحدة داخل مصر أيضا أم تكلف جهاز حماية المنافسة بدراسة أثر هذا الاستحواذ على الوضع التنافسي فى السوق (وهو ما تم فعليا حيث تم تكليف الجهاز بدراسة أثر الاستحواذ).. وهل من حق مصر رفض تنفيذ الاستحواذ داخليا فى ضوء توافق الشركتين الأم على ذلك؟ وما هى الحلول المتاحة لضمان عدم وجود ممارسات احتكارية إذا تم قبول الوضع الحالى..
لسنا ضد حركة الاستثمار من خلال الاندماجات والاستحواذات ما لم تخلق وضعا احتكاريا لطرف على حساب تنافسية السوق.. وهو أمر يجب على الجهات الرقابية المختصة بتنظيم السوق والمختصة بالرقابة على حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية مراعاته برقابة سابقة ولاحقة..
هناك شركات كانت مساهمة فى شركة كريم هذا الاستحواذ سيؤثر على حصص المساهمين فى الشركة الجديدة الناتجة عن الاستحواذ أيضا.. أسئلة كثير تطرحها مثل هذه الاستحواذات فى سوق عدد المنافسين فيه محدود.. ويقلقل الكثير من المساهمين فى شركة كريم..
وما نبغى إلا إصلاحا وتوعية