تساءلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، حول ما إذا كانت إسبانيا نموذجاً اقتصادياً حقيقياً، فالبلاد سجلت أعلى نسبة بطالة فى الاتحاد اﻷوروبى وأعلى معدلات فقر فى منطقة اليورو، ما يدل على أن الاقتصاد الإسبانى لا يزال مضطرباً.
وأوضحت أنه بعد المعاناة من ركودين اقتصاديين خلال عقد من الزمن، نجحت إسبانيا فى تحقيق الانتعاش، الذى حولها لتصبح محركاً اقتصادياً كان مستبعداً فى منطقة اليورو.
وظهرت إسبانيا فى الإحصاءات اﻷخيرة كأكبر مساهم منفرد فى نمو منطقة اليورو، منتجة حصة أكبر من الناتج المحلى الإجمالى السنوى فى الربع الرابع من العام الماضى مقارنة بأى دولة أخرى فى منطقة العملة الواحدة، وذلك فى ظل تعثر دول منها ألمانيا وإيطاليا.
ونما الاقتصاد الإسبانى بنسبة 2.5% عام 2018، مسجلاً بذلك نمواً اقتصادياً قوياً للعام الخامس على التوالى، بجانب تسجيله أسرع معدل نمو بين اقتصادات منطقة اليورو الكبرى كافة.
وأوضح الاقتصادى لدى مؤسسة «فوكس إيكونوميكس»، جافيير كولاتو، أن إسبانيا اكتسبت زخماً اقتصادياً فى النصف الثانى من عام 2018. وأوضحت الصحيفة أن جزءاً من اﻷداء الاقتصادى القوى يعكس محاولات إسبانيا للحاق بنظرائها فى منطقة اليورو بعد تعمق أزمتها، فقد فقدت البلاد 3.8 مليون وظيفة بين عامى 2007 و2014 وانخفضت الأجور الحقيقية بنسبة 10%.
بالإضافة إلى ذلك، عانت أعمال التشييد والبناء فى البلاد من تدهور شديد، إذ انخفضت الموافقات الشهرية على بناء المنازل من نحو 20 ألف فى مارس 2007 إلى أقل من 700 موافقة فى أغسطس 2013، ولكن الوضع تعافى الآن بشكل طفيف إلى ما يقل عن 2000.
وساعدت التجارة فى تحفيز التحول فى إسبانيا، إذ أصبحت الصادرات أكثر تنافسية بعد انخفاض تكاليف العمالة، ولكن الانتعاش المستمر أصبح يعتمد بشكل متزايد على الاقتصاد المحلى، حيث ساعد وجود مزيد من الأموال فى جيوب المستهلكين فى تحفيز النمو وخلق فرص العمل.
بالإضافة إلى ذلك، نمت معدلات العمالة فى إسبانيا بنحو 3% سنوياً، وهى نسبة لم يشهدها أى اقتصاد أوروبى رئيسى آخر.
وارتفع الطلب على السلع الاستهلاكية فى أسبانيا، وهو أكبر عنصر فى الناتج المحلى الإجمالى، بمعدل سنوى بلغ 2.2% فى نهاية العام الماضى، مقارنة بنسبة 1% فقط فى منطقة اليورو ككل، كما أن التدابير التوسعية فى موازنة 2018 والنمو المزدهر فى الاستثمار ساعدا فى تعزيز الانتعاش الاقتصادى.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الاستثمار نما بمعدل سنوى يبلغ 4.6% فى نهاية العام الماضى.
وقالت «فاينانشيال تايمز»، إن الانتعاش الاقتصادى أمامه طريق طويل، فقد وصلت نسبة البطالة إلى 14% تقريباً، لتعد بذلك ثانى أعلى معدل فى منطقة اليورو بعد اليونان، كما أن العديد من وظائفها مؤقتة فقط، فى حين أن معدلات الفقر والمديونية لا تزال مرتفعة.
ومن المتوقع، أيضاً، أن يساعد نمو فرص العمل والاستثمار والسياحة فى اعتدال فرص النمو.
ومع ذلك، يبقى هناك سؤال واحد فقط يدور حول مدى تأثير الحالة الهشة للسياسة الإسبانية وعلامات زيادة الجمود على الانتعاش الاقتصادى. ويعتقد المحللون الرئيسيون، أن عام 2019 سيكون مرة أخرى عام تقدم لاقتصاد إسبانيا، فمن المتوقع توسع اقتصاد البلاد بنسبة 2.2%، وهو نسبة نمو تزيد عن ألمانيا وفرنسا وإيطاليا كما أنها تقارب ضعف معدل نمو منطقة اليورو.