بقلم: جوليان لي
كاتب مقالات رأي لدى وكالة أنباء “بلومبرج”
ما الشيء المشترك بين منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” ومجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بخلاف أنهما الطرف المتلقي للتغريدات الغاضبة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟
وتعاني المنظمة والبنك، من وقت عصيب لتقييم آفاق جانب الطلب، وهو ما يجعل صناعة السياسة صعبة بشكل خاص.
ويحتاج “الفيدرالي” لتعديل أسعار الفائدة وغيرها من الأدوات السياسية لتحقيق هدفه المزدوج وهو التضخم المستقر والمنخفض والعمالة الكاملة.
أما في حالة “أوبك” وأصدقائها، فينبغي أن يحدد الوزراء قدر الإنتاج المطلوب لموازنة العرض والطلب، وفي المرحلة الحالية يعني ذلك اتخاذ قرار بشأن مواصلة القيود على الإنتاج الموضوعة في بداية 2017 أم لا.
وفي مواجهة عدم اليقين، أوصت اللجنة التي تشرف على تخفيضات الإنتاج من قبل “أوبك بلس” بعدم انعقاد الاجتماع المقرر في أبريل ، إذ كانوا سيتفقون على تمديد الاتفاق من عدمه.
وبدلا من ذلك، قال المسئولون الذين اجتمعوا في العاصمة الأذربيجانية، باكو، إن القرار ينبغي تأجيله حتى يونيو المقبل.
وربما يتمنى “الفيدرالي” مثل هذه المرونة، وتواجه المؤسستان آفاقا اقتصادية قاتمة، ولكن على الأقل تستطيع الأوبك أن تقرر ألا تجتمع.
ورغم أنه قد يكون هناك وضوح اكبر بشأن الاتفاقات التجارية الأمريكية مع الصين بنهاية الربع الثاني، إلا ان أوروبا اتخذت منحى للأسوأ الأسبوع الماضي مع نشر بيانات تظهر ضعفا في فرنسا وألمانيا، وهو ما نذير شر للنمو الاقتصادي العالمي وبالتالي الطلب على البترول، ويعقّد صناعة القرار لكل من “الفيدرالي” و”أوبك بلس”.
وبالنسبة لـ”أوبك بلس” يبدو من الصعب كذلك بناء التوقعات على جانب العرض فقط، ومن الصعب أيضا توقع تأثير التخفيضات الموعودة في الإنتاج من قبل روسيا. وقال المسئولون إنهم سينفذون هذه التطبيقات بشكل تدريجي خلال الربع الأول من العام.
وبحلول فبراير، كانوا قد خفضوا فقط 35% من الخفض المتفق عليه، وفقا لبيانات وزارة الطاقة الروسية.
وهناك كذلك الضباب المحيط بمستويات الإنتاج في الدول الست الهشة في أوبك وهم أنجولا وإيران وليبيا ونيجيريا وفنزويلا والجزائر.
وهناك أمر آخر سنعلم المزيد عنه بحلول يونيو، وهو مصير الإعفاءات الحالية للثمانية مشترين للخام الإيراني، والتي ستنتهي في أول مايو، وربما تحاول حكومة ترامب إيهام العالم بأنها تصبح أكثر صرامة مع الدولة من خلال إلغاء الإعفاءات التي أعطتها لليونان وإيطاليا وتايوان ولكن في الواقع لم تستخدم هذه الدول الإعفاءات.
وحتى إذا مددت أمريكا الإعفاءات التي أعطتها للدول الخمس الأخرى، وأيضا خفضت حجم المشتريات، فسوف ينتج عن ذلك انخفاض فعلي هامشي للغاية في تدفقات البترول الإيرانية، ومع ذلك، نحن لا نعلم بعد إذا كانت رغبة المشترين في شراء البترول الإيراني ستستمر.
وبينما هناك حجة قوية لتأجيل قرار “أوبك بلس “بشأن النصف الثاني من العام، هناك أسباب قوية كذلك لإلغاء الاجتماع.
وخلال العقد الأول من الألفية الجديدة، عقدت “أوبك ” اجتماعها الدوري في مارس وسبتمبر، ووضعت سياستها الإنتاجية نصف السنوية بداية من يوليو ويناير التاليين، ورغم أن هناك عدم يقين كبير في محاولة وضع التوقعات المستقبلية، إلا أن هناك ميزة عملية في تأجيل الاجتماع.
ويستغرق الامر وقتا حتى يتحول القرار إلى فعل، ويتعين على العملاء طلب مقدار البترول الذين يريدون شراءه من الموردين قبل أكثر من شهر من تحميله على الحاويات، ويقول لهم البائعون مقدار البترول الذين يستطيعون الحصول عليه، وحددت السعودية مخصصاتها للمشترين المحتملين في شحنات أبريل من أسبوعين.
وعقد الاجتماعات في يونيو وديسمبر، لا يترك أي وقت لتطبيق هذه القرارات في الشهر التالي، وهذا يفسر لماذا كان التطبيق المبدئي لتخفيضات الإنتاج هزيلا.
وكان الأمر مفاجئا نوعا ما في ديسمبر عندما أعلن الوزراء إنهم سوف يجتمعون في وقت قريب في أبريل لتحديد إذا كانوا يريدون تمديد الاتفاق خلال النصف الثاني من 2019، وبدا ذلك تخطيطا طموحا خاصة أنهم يخططون للقاء مجددا في يونيو في كل الأحوال.
وهذا التحول يعني أن منتجي البترول في باكو ضحوا بالقدرة على تطبيق أي اتفاق جديد في يوليو مقابل وهم وضوح ما الذي سيكون مطلوبا منهم، وسوف تكون آفاق السوق غير أكيدة في يونيو كما هي الآن، حتى إذا تغيرت بعض مكامن الغموض.
ومن شأن اتخاذ قرار في أبريل، إيصال رسالة نوايا وليس تكهنات، وترك الأمر للحظة الأخيرة يخلق عدم يقين واضطرابات في الأسعار.
ويعلم البريطانيون هذا الأمر جيدا، مع اقتراب موعد الخروج.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”