اعتلت عملاق البترول “أرامكو” السعودية، عرش أكثر الشركات ربحية في العالم خلال 2018، إذ تفوقت بسهولة على أكبر شركات الولايات المتحدة بما في ذلك “إكسون” و”آبل” وفقًا لحسابات نشرتها وكالات التصنيف الائتماني العالمية.
ومع ذلك، فإن تأثير المملكة السعودية على الشركة المنتجة للبترول من خلال فرض ضرائب عالية، يضعف من ربحيتها وجدارة ائتمانها، فالنقد المتولد عن كل برميل أقل من نظيره في شركات البترول الكبرى ومنها “رويال دتش شل”.الأمر الذى يعوق حصول “أرامكو” على تصنيف ائتماني أعلى من ذلك بكثير.
وأعلنت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، أن الشركة السعودية سجلت صافي دخل بلغ 111.1 مليار دولار في 2018 بعد إعلان وكالة “فيتش” أن “أرامكو” لديها أرباح قبل الفوائد والضرائب بقيمة 224 مليار دولار العام الماضي، وهى قيمة أعلى بكثير من أرقام “آبل” و”اكسون موبيل”.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” أن كلتا الوكالتين أعطيتا الشركة السعودية أعلى خامس مستوى من درجاتهما الاستثمارية.
وأوضحت الوكالة الأمريكية، أن التصنيفات الائتمانية وهي الأولى لشركة “أرامكو”، تقدم لمحة عن حسابات الشركة التي ظلت في الغالب سرية منذ تأميمها أواخر السبعينيات.
وستساعد هذه المعلومات، المستثمرين في تقييم القيمة المحتملة لصفقة الطرح العام الأولي المقترح من الشركة، والذي كان مستهدفًا أصلاً لعام 2018 ولكن تم تأجيله العام الماضي حتى 2021.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تستعد فيه الشركة لجمع الديون جزئيا ودفع ثمن الاستحواذ على حصة أغلبية في مجموعة “سابك” المحلية للبتروكيماويات والتي تبلغ قيمتها نحو 69 مليار دولار.
وأشارت الوكالة إلى أن هذه الصفقة عبارة عن خطة بديلة لتوليد الأموال لجدول الأعمال الاقتصادي للمملكة العربية السعودية بعد تأجيل خطة الاكتتاب.
وأضافت أن الاعتماد على “أرامكو” لتمويل الإنفاق الاجتماعي والعسكري، وكذلك أنماط الحياة الفخمة لمئات الأمراء يضع عبئا ثقيلا على التدفق النقدي.
وكشفت البيانات أن “أرامكو” تدفع 50% من أرباحها على ضريبة الدخل بالإضافة إلى رسوم أخرى تبدأ بنسبة 20% من إيرادات الشركة.
وأعلنت “أرامكو” عن تدفقات نقدية من العمليات بلغت 121 مليار دولار و35.1 مليار دولار في الإنفاق الرأسمالي ودفعت 58.2 مليار دولار في شكل أرباح إلى الحكومة السعودية في 2018.
وقالت الشركة التي حصلت على تصنيف “A1” من قبل وكالة “موديز” إن لديها 48.8 مليار دولار من النقدية مقابل 27 مليار دولار من ديون المجموعة المبلغ عنها نهاية العام الماضي.
وقالت “فيتش” إن تصنيفها الكبير يعكس “الروابط القوية” بين الشركة والمملكة وتأثير الدولة على “أرامكو” من خلال تنظيم مستوى الإنتاج والضرائب وتوزيعات الأرباح.
وقال نيل بيفريدج، محلل الطاقة لدى مكتب “سانفورد بيرنشتاين” وشركاه في هونغ كونغ: “بمرور الوقت يمكن أن تتسبب بيئة أسعار البترول المنخفضة في عجز مالي مستمر في المملكة العربية السعودية ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تغييرات في خط النظام المالي لشركة أرامكو”.
وأضاف: “لا يمكنك فصل الحكومة ذات السيادة عن أرامكو، نظراً للعلاقة الوثيقة والمساهمة التي تقدمها الشركة في التمويل الكلي للمملكة العربية السعودية”.
وكشفت “أرامكو” عن تدفق الأموال من العمليات وهو إجراء يراقبه المستثمرون عن كثب بقيمة 26 دولارًا للبرميل المكافئ في العام الماضي؛ وهذا أقل مما تتمتع به شركات النفط الكبرى منها “توتال ” و”شل” عند 38 دولارًا و31 دولارًا للبرميل على التوالي.
وقال ديمتري مارينشنكو، كبير المديرين لدى “فيتش” في مقابلة بلندن، إن الأموال من العمليات -وهي التدفقات النقدية للعمليات قبل تغيير رأس المال العامل- بمثابة أفضل مقياس لمقارنة ربحية شركات البترول لأنها لا تأخذ في الاعتبار الضرائب.
وباستخدام البيانات التي قدمتها وكالة “فيتش” حول إجمالي إنتاج الشركة من البترول والغاز في العام الماضي والتدفق النقدي للبرميل تقدر “بلومبرج” أن “أرامكو” سجلت إجمالي تدفق الأموال من العمليات بلغت حوالي 130 مليار دولار العام الماضي.
ورغم أن هذا أعلى بكثير من إنتاج عمالقة الطاقة، إلا أن الفرق ليس كبيرًا، إذ أبلغت “شل” على سبيل المثال عن تدفق نقدي قدره 53 مليار دولار وسجلت شركة “إكسون” تدفقات نقدية بلغت 36 مليار دولار العام الماضي .
ومن المقرر أن تعقد الشركة اجتماعات مع المستثمرين في الأيام المقبلة في مدن مثل لندن ونيويورك وبوسطن وسنغافورة وهونغ كونغ وطوكيو ولوس أنجلوس وشيكاغو، بعد أن اختارت “أرامكو” بنوك بما في ذلك “مورجان ستانلى” و”جى بى مورجان” لإدارة عملية طرح السندات.