جاء قرار البنك المركزى الأخير بشأن مبادرة تنشيط القطاع العقارى فى مصر، وكلمة «تنشيط» القطاع تجعلنا نتذكر الفريقين المنقسمين فى رأيهما تجاه مستقبل التطوير العقارى فى مصر على المستوى القصير. حيث وجدنا كبار رجال الأعمال فى الآونه الأخيرة يبرهنون على صحة القطاع العقارى من خلال ذكرهم أن الطلب 10 أضعاف العرض فى السوق ويبرهنون أيضا بتزايد نسبة المبيعات المتواصل عن السنين السابقة.
فى الحقيقة، ازدياد الطلب عن العرض ليس بالضرورة مبرهن على صحة القطاع العقارى حيث يجب أخذ القدرة الشرائية للعملاء فى الاعتبار. وأما عن تزايد حجم المبيعات هو ايضا نتيجة لزيادة الأسعار وليس لزيادة كميات الوحدات المباعة. ومن ناحية أخرى، عدم زيادة السعر من جانب إعادة بيع الوحدات أصبح السؤال الأول الذى يطرح نفسة فى ساحة الحوار بين العامه من الشعب الآن حيث إن امتلاك الوحدات وإعادة بيعها هو من ثقافة الشعب المصرى لاعتبارها استثمارا آمنا ومضمونا. ولن أطيل فى إثبات المشكلة التى يواجهها القطاع العقارى لأنى تطرأت لهذه الإشكالية أكثر من مرة فى مقالات عديدة ولأن السؤال الأهم الآن هل مبادرة المركزى قادرة حقا على تنشيط سوق العقارات المصرى؟
مبادرة المركزى جاءت من خلال دعم الشركات العاملة فى مجال إنشاء الوحدات السكنية بغرض بيعها أو ما يعرف بالتطوير العقارى الذى يعد قاطرة الاقتصاد لارتباطه بالعديد من الصناعات الأخرى. وسيتم تمويلها من خلال خصم الأوراق التجارية للشركات (شيكات) دون حق الرجوع إليها فى حالة تعثر العملاء. والخصم هو إحدى التسهيلات الائتمانية التى تقدمها البنوك للشركات التى ترغب فى تحصيل قيمة «الشيكات» قبل الموعد المحدد لها، عن طريق خصم قيمة معينة بمعدل خصم. ولكن تبقى المبادرة غير مؤثرة فى وجهة نظرى لاسباب مختلفة منها مثلا:
• اشتراط المركزى أن تكون الوحدة مسلمة (بموجب المعايير المحاسبية)، والجدير بالذكر أن أغلب شركات التطوير العقارى التى تواجة ازمة فى التدفقات النقدية حاليا لا تملك وحدات مسلمة كافية لتجعلها تسد عجزها عن طريق المبادرة.
• اشتراط موافقة العميل على خصم «شيكاته» عن طريق البنك وعدم الرجوع للشركة فى حالة تعثره، حيث ليس من السهل اقناع العملاء بإدخال طرف ثالث وهو البنك. لماذا؟ لأن ببساطة لو تعثر العميل و»شيكاته» ليست مخصومة يمكنه حل المشاكل مع الشركة نفسها بطرق عديدة، لكن فى حالة الخصم سيتعامل مع البنك مباشرة. ومن ناحية أخرى، ليس من السهل إقناع العملاء بالموافقة على خصم «الشيكات» بعد ما تمت عملية البيع. ولذلك فى جميع الأحوال لا يمكن الاستفاده بهذه المبادرة مع العملاء الحاليين بالشكل القوى المتوقع.
فى الواقع، مبادرة تنشيط قطاع التطوير العقارى جاءت متأخرة ومن مصدر غير مسئول وحدة عن حل المشكلة.
هل هناك حلول؟ بالتأكيد كما ذكرت من قبل فى مقالات مختلفه. فكان من المتوقع أن يأتى الحل من خلال هيئة المجتماعات العمرانية عن طريق تأجيل التزامات الشركات لها أو من خلال وزارة المالية عن طريق تأجيل ضرائب هذه الشركات … إلخ. القرار ليس سيئا ولكن يجب أن يكون متبوعا بمجموعة قرارات من مختلف الجهات المعنية لتقديم أفضل حل للسوق العقارى فى هذه الفترة.
بقلم: أحمد عزالدين
محلل مالى واقتصادى