لم يكن الاستثمار في الشرق الأوسط مخصصا على الإطلاق لضعاف القلوب، وهذا ما يجب أن يدركه المستثمر اﻷمريكي مارشال ستوكر، الذي انتقل من بوسطن إلى مصر في عام 2010، بناء على وعد اقتصادي.
جاء ستوكر إلى مصر عازما على شراء وإعادة تطوير المباني التاريخية في وسط القاهرة نيابة عن شركة “إيرجنت بروبرتي ادفيزورز” التي شارك في تأسيسها، ولكنه قرر مغادرة البلاد في عام 2012 بعد نشوب ثورة 2011، التي تسببت في تعثر الاقتصاد وسط الصراعات السياسية في البلاد.
وقالت وكالة أنباء بلومبرج إن ستوكر، صاحب الـ 44 عاما، الذي يقوم الآن بإدارة الأموال في شركة “إيتون فانس”، قرر العودة مرة أخرى للاستثمار في أكبر الدول العربية من حيث الكثافة السكانية، ولكن هذه المرة في سوق اﻷوراق المالية المدرجة للتداول.
وأوضحت بلومبرج أن البورصة المصرية تعد واحدة من أفضل أسواق المال أداءا في العالم في الربع اﻷول من العام الجاري، حيث تمضي البلاد قدما في اتخاذ تدابير صارمة لإنعاش الاقتصاد.
وقال ستوكر، في حوار أجراه مع بلومبرج، إن أكثر ما يجذبه في منطقة الشرق اﻷوسط هو الفرص التي توفرها الدول التي تتبع نهج التطوير لتحسين الأرباح والتدفقات النقدية أو الحد من معدلات الخصم على تلك التدفقات النقدية.
وأوضح أن ما يساعد الشركات في كسب مزيدا من المال أو امتلاك معدلات خصم أقل هو اتساع الحرية الاقتصادية، حيث تتحسن السيادة القانونية وينخفض دور الحكومة في الاقتصاد، كما يتواجد هناك تحرير للتجارة أو تبسيط للسياسة التنظيمية.
وأشار ستوكر إلى أنه يتطلع إلى القيام باستثمارات أوسع نطاقا في أسهم الدول، التي من المتوقع ارتفاع مستوى الحرية الاقتصادية لديها، موضحا أن مصر والكويت هما الدولتين اللتين تبرزان أمامه حقا، ففي مصر تقلص دور الحكومة، كما يتضح من انكماش العجز المالي، بالإضافة إلى وجود إدارة أكثر فعالية للعرض النقدي لمواجهة التضخم.
أما في الكويت، يعد الأمر أكثر تعقيدا بعض الشيء، فالحكومة والبرلمان يعانيان من خلاف أيديولوجي، فيما يتعلق بكيفية عمل الاقتصاد ودور الاقتصاد الخاص.
وأوضح أن الحكومة الكويتية حكومة إصلاحية تدرك الحاجة إلى تشجيع المشاريع الخاصة والاستثمار، بينما يواصل البرلمان الدعوة للسياسات الشعبوية والتي ربما تأتي على حساب المؤسسات الخاصة.
ومع ذلك، استمد ستوكر شجاعته للاستثمار في الكويت من الاتجاه الذي أصبحت تسلكه مؤخرا، فالبلاد تعمل بكفاءة عالية لتحديث سوق رأس المال لديها، بالإضافة إلى ترقيته إلى سوق ناشئ من قبل مؤشر “إم.إس.سي.آي” للأسواق الناشئة.
وأشار المستثمر اﻷمريكي إلى امتلاكه تحفظات جدية على عمان فيما يتعلق باستدامتها المالية، وهو أمرا يتعلق مباشرة بدور الحكومة، فلسوء الحظ لا يوجد أي برنامج إصلاحي واضح من شأنه تغيير تلك النظرة تجاه البلاد.
وفيما يخص السعودية، قال ستوكر إن المستثمرين يشعرون بالانزعاج من نمو حجم الحكومة في الاقتصاد، كما يتضح من المشاريع الضخمة وبرنامج السعودة، مما يحد من مرونة الشركات في توظيف العمال الأكثر إنتاجية.
وتحدث ستوكر عن تجربته في مصر، حيث قال إنه عاش في مصر في عام 2010 و2011 و2012، أي في السنوات الجيدة والسيئة واﻷسوأ، قبل وأثناء وبعد الثورة.
وكان ستوكر متواجدا في اﻷعوام اﻷخيرة في حكم مبارك، حيث الجهود القوية والمستمرة لزيادة الحرية الاقتصادية في البلاد، فقد قام بتأسيس صندوق استثمار مباشر لشراء وإعادة تطوير العقارات التي طالت فترة إهمالها في وسط المدينة، التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر.
ولكن بعد عام من وصوله نشبت الثورة وكانت المعضلة الرئيسية خلال تلك الفترة تتمثل في ما إذا كان يتعين عليه إنشاء أعمالا تجارية فى ظل تلك الظروف، وكانت النتيجة التى توصل إليها هو أن سبب وجوده في البلاد هو التحرير الاقتصادى، الذي يشكل أيضا نفس سبب وجوده الآن فى سوق الأوراق المالية المصرية، كما أنه سبب تواجده فى الكويت لأن سياسات التحرير الاقتصادى تؤثر على نتائج الاستثمار.
وبسؤاله عما إذا كان يتوقع العودة للاستثمار في مصر مرة أخرى، قال إن السياسات الاقتصادية السيئة لا يمكن أن تستمر إلى اﻷبد، فعندما توشك اﻷمور على نهايتها، ستجد أن السياسة الجيدة ليست بديلا فقط، بل إنها ضرورة.
وأضاف أن المستثمرين يتجهون إلى دولة بعينها بمجرد إدراك أن الحكومات تضع خططا موثوقة لتنفيذ سياسات اقتصادية سليمة، والآن بعد أن تنفذ مصر هذه السياسات بمصداقية سيعود المستثمرون إلى البلاد مرة أخرى.
ويعتقد ستوكر أن البحرين جوهرة خفية إلى حد كبير، مشيرا إلى أنه يرغب في رؤيتها تتخذ خطوة ثانية نحو الجهود المبذولة لتحسين الحرية الاقتصادية، فقد كانت البحرين ذات يوم جوهرة الحرية الاقتصادية في المنطقة.
وأضاف أن الكويت ستكون جوهرة خفية، خاصة فيما يتعلق بالأسهم، والبحرين جوهرة فيما يخص الدخل الثابت، أما مصر فهي جوهرة ولكنها ليست خفية.