من المقرر أن تعلن البنوك الأوروبية، عن تراجع إيرادات الخدمات المصرفية الاستثمارية للربع الثالث على التوالى، والتى يتوقع المحللون أن تنخفض بمقدار الربع، مما يكثف توقعات حدوث جولة أخرى من تقليص الوظائف وإعادة الهيكلة.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أنه بعد أن أبلغت البنوك الأمريكية فى “وول ستريت” عن بداية فاترة للعام الجارى، قام المحللون بتخفيض توقعاتهم بالنسبة للمصارف الأوروبية التى فقدت حصتها فى السوق بشكل مطرد على مدار سنوات متتالية.
وتوقع المحللون لدى بنك “مورجان ستانلى”، أن تنخفض الإيرادات الفصلية الإجمالية للمصارف الأوروبية بنسبة 24% مقابل تراجع بنسبة 11% من قبل منافسيها الكبار فى “وول ستريت”، وتوقعت مجموعة “سيتى جروب” المصرفية، أن يكون التراجع بنسبة 22% للبنوك الأوروبية و20% لنظيرتها الأمريكية بسبب اعتماد الأوروبيين بشكل أكبر على تداول الأسهم.
وقالت ماجدالينا ستوكلوسا، لدى “مورجان ستانلى”: “إننا لا نتحدث فى الوقت الحالى عن تراجع العديد من النقاط المئوية للأرباح، ولكن نتحدث عن نماذج الأعمال التى أصبحت تحت التهديد”.
وأضافت ستوكلوسا، أن البنوك ستضطر للتخلى عن الخيارات التى لا تحتاج إليها، والتفكير حقاً فى تدفق الأعمال التجارية.
وأوضح المحللون لدى مؤسسة “أوتونومس” للأبحاث، أن مصاعب الصناعة تزايدت في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبى بعد انخفاض إجمالى الأسهم بنسبة 25% العام الماضى، مما أدى إلى تراجع قيمة المساهمين بقيمة 380 مليار دولار.
يأتى ذلك فى الوقت الذى حذر فيه سيرجيو إيرموتي، الرئيس التنفيذي لبنك “يو بي إس” السويسرى، الشهر الماضى، من أن المصرف الاستثمارى لديه واحدة من أسوأ بداياته فى التاريخ مع انخفاض الإيرادات بنحو الثلث.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن البنك السويسرى، دخل في مرحلة “وضع توفير الطاقة”، مما أدى إلى تأخير خطط التوظيف والاستثمار في محاولة لتوفير 300 مليون دولار من التكاليف.
ويسير “دويتشه بنك” على مسار التراجع للربع الثامن على التوالى من انخفاض إيراداته المصرفية الاستثمارية، ويقدر المحللون فى “باركليز” أن إيرادات التداول ستنخفض بنسبة 30% على أساس سنوى فى “دويتشه بنك” الذى يجرى محادثات اندماج مع منافسه المحلى “كوميرز بنك”.
وقال أحد كبار حاملي السندات في البنك الألمانى، إنه يتعين على “دويتشه بنك” القيام بعملية إعادة هيكلة أعمق وتقليص حجم عملياته الاستثمارية، وأضاف أنه بغض النظر عن محادثات الدمج مع منافسه “كوميرز بنك”، إذ ينبغى عليهم القيام بذلك، لكن من الأسهل عليهم بيعه إلى السوق كجزء من عملية الدمج.
وبدأت المصارف الفرنسية وعلى رأسها “سوستيه جنرال” وبنك “بى إن بى باريبا” التراجع بالفعل، بعد تسجيل خسائر فادحة فى الربع الأخير العام الماضى حيث أعلن “بى إن بى باريبا” في وقت سابق من الشهر الجارى عن تخفيض حوالى 1200 وظيفة فى قطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية كجزء من خطة للتخلص من التكاليف البالغة 500 مليون يورو، وفى خضم المراجعة الجذرية والفرعية لعملياته التجارية، يحاول البنك الفرنسى تقليص 350 مليون يورو من النفقات.
ومن المقرر أن يكون بنك “باركليز” تحت المجهر،إذ قام رئيسه التنفيذي جيس ستالى، مؤخراً، بفصل تيم ثروسبى، رئيس قسم الخدمات المصرفية الاستثمارية بعد انقسامها بشأن تحقيق أهداف إيرادات البنك.
وتولى ستالى، السيطرة الشخصية على الوحدة الاستثمارية التى تتعرض للهجوم بعد أن خفض المحللون تقديرهم المتفق عليه للربح قبل الضريبة لعام 2019 بمقدار العشر للوحدة المصرفية الاستثمارية فى “باركليز”.
وقال كيان أبوحسين، محلل فى “جى بى مورجان”: “إننا لا نرى أن تدابير التكلفة الحالية التى أعلنت عنها حتى الآن بنوك الاستثمار الأوروبية، كافية لتحقيق عوائد مستدامة بنسبة 10%.”
وأضاف: “قد يؤدى ذلك إلى اتخاذ تدابير جديدة لإعادة الهيكلة خاصة فى حالة دويتشه بنك، الذى أصبح غير قادر على الوصول إلى عائده البالغ 4% على هدف الأسهم الملموس”.
وعلى عكس الولايات المتحدة فإن البنوك الأوروبية أقل قدرة على الاعتماد على وحدة التجزئة لدعم الجانب المصرفي الاستثماري المتضخم بسبب أسعار الفائدة السلبية فى منطقة اليورو والمنافسة الشديدة للعملاء في القارة التى تعانى من زيادة فى الإقراض.
وقال رونيت غوس، رئيس أبحاث البنوك في مجموعة “سيتى” المصرفية “لدى مستثمري البنوك الأوروبية شهية محدودة لاستراتيجيات التوسع في قطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية”.
وأضاف أن مستقبل البنوك الأوروبية، سيقوم على إدارة الخدمات المصرفية للأفراد والخدمات التجارية بكفاءة مع تقليص عدد الأفراد والحول نحو التكنولوجيا الذكية بالإضافة إلى توسيع الخدمات المصرفية الاستثمارية فى مناطقهم الجغرافية.