متى سينتهى كابوس الأرجنتين؟.. هذا هو التساؤل الذى يدور فى أذهان الشعب اﻷرجنتينى، كما أنه السؤال ذاته الذى قد يطارد الرئيس موريسيو ماكرى، وكذلك صندوق النقد الدولى الذى يواصل إعلان دعمه الكامل للبلاد، خاصة بعد خطة الإنقاذ التى وصلت قيمتها 56.3 مليار دولار فى خضم أزمة العملة العام الماضى.
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إنَّ ارتفاع معدلات التضخم بشكل مفاجئ أدى إلى زيادة معدلات الفقر بشكل مخيف وأكبر بكثير مما توقعه المسئولون والأسواق، ما يهدد احتمالات إعادة انتخاب ماكرى، الذى طمأن الناخبين ذات مرة بسهولة السيطرة على التضخم.
كما أن هذه المعدلات المخيفة تثير التساؤلات حول مدى نجاح برنامج التقشف الذى وضعه صندوق النقد الدولى للأرجنتين، والذى ركز بشكل غير مسبوق على حماية المجتمع الأكثر ضعفاً، وما الذى يمكن أن يعنيه للبرامج المستقبلية التى يمكن إطلاقها فى الأسواق الناشئة الأخرى المتعثرة، مثل الإكوادور.
وقال نايجل شالك، من صندوق النقد الدولى: «نحن والسلطات اﻷرجنتينية ندرك جيداً أن ارتفاع معدلات الفقر سوف يشكل تحديات خطيرة أمام تحقيق أهداف البرنامج».
وأوضحت «فاينانشيال تايمز»، أن التضخم، الذى تخطى الآن حاجز الـ50%، لعب دوراً رئيسياً فى رفع مستوى الفقر بين السكان إلى 32% بحلول نهاية عام 2018، وهو نفس المستوى المسجل تقريباً عندما تولى ماكرى مقاليد الحكم عام 2015.
وعلى الرغم من انخفاض معدلات الفقر إلى نسبة 25.7% بحلول منتصف عام 2017، فإنه ارتفع مرة أخرى العام الماضى إثر أزمة البيزو اﻷرجنتينى.
وفى ظل ذلك، وسعت الحكومة اﻷرجنتينية نطاق برنامج ضبط اﻷسعار المثير للجدل ليشمل 60 سلعة أساسية، معظمها من المواد الغذائية، من أجل تخفيف تأثير ارتفاع الأسعار على المستهلكين.
ويعد برنامج صندوق النقد الدولى فى الأرجنتين هو الأول من نوعه الذى يسمح للبلاد بتجاوز أهداف العجز المالى المتفق عليها مع الصندوق من أجل إنفاق المزيد على المساعدة الاجتماعية.
وفى الواقع، أكد الاستعراض الثالث لبرنامج صندوق النقد الدولى مع الأرجنتين، أن هناك مزيداً من التدابير المماثلة سيتم إدراجها ضمن برنامج الإنقاذ، كما ستتم زيادة الحد الأقصى للإنفاق الاجتماعى من 0.2% إلى 0.3% من إجمالى الناتج المحلى.
ومع ذلك، يمكن أن يتسبب الفقر المتزايد فى تحفيز ما يسميه الاقتصادى شالك “إعادة تقويم الإنفاق الاجتماعى لتوفير مساحة أكبر للحكومة للعمل على حماية الفقراء”.
وأوضحت الصحيفة أن المخاطر تكمن فى حال فشلت الحكومة فى خفض العجز بما يكفى بسبب الإنفاق الاجتماعى الإضافى، حيث يمكن أن تشعر الأسواق بالقلق من إمكانية عدم حدوث الإصلاح المالى اللازم فى الأرجنتين بشكل سريع، ما قد يجبر البلاد على السعى للحصول على المزيد من الديون الخارجية لتغطية العجز المالى بشكل أكبر مما كان متوقعاً.
ومن جهته، قال ستيف هانك، الخبير الاقتصادى فى جامعة جونز هوبكنز، إنَّ أداء اﻷرجنتين الضعيف وحصولها على لقب ثانى أكثر الاقتصادات بؤساً على مؤشر البؤس السنوى، الذى يقيس معدلات البطالة والتضخم وأسعار الفائدة، كان نتيجة مباشرة لارتفاع معدلات التضخم الناجم عن أزمة العملة العام الماضى.