قال تقرير حديث صادر عن برايس ووتر هاوس، إن مصر فرصة ممتازة للمستثمرين ومقدمى الخدمات التعليمية الذين يبحثون عن النمو فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بسبب أساسيات وشروط الاستثمار المواتية التى تشمل الطلب المستدام على التعليم بسبب النمو السكانى المطرد، فى ثقافة تقدر قيمة التعليم منذ فترة طويلة كوسيلة للانتقال الاجتماعى والاقتصادى، وتحسن وضع الاقتصاد الكلى الذى بدأت تظهر علامات قوية على انتعاشه.
أضاف التقرير، أن تشجيع حكومة مصر المتزايد على مشاركة القطاع الخاص لتخفيف الضغوط على الميزانية، ووجود بيئة مؤسسية مستقرة بسبب نضج نظام التعليم فى مصر، والحاجة إلى الاستثمار فى سد الفجوات فى المهارات من خلال التدريب المهنى وتطوير التعليم العالى، إضافة إلى وجود الكثير الذى يجب تغطيته فى نظام التعليم المصرى، كل ذلك عوامل أخرى تضيف إلى جاذبية الاستثمار فى القطاع.
وركز التقرير على موضوعين رئيسيين هما، حالة النظام التعليمى فى مصر عبر مراحله المتعددة، وفرص نمو القطاع الخاص.
وقال إن هناك اعتماداً قوياً على الحكومة باعتبارها المقدم الرئيسى لخدمة التعليم فى مصر، وفى العام الدراسى 2016-2017، التحق %90 من إجمالى طلاب التعليم الأساسى بالمدارس العامة و%94 من إجمالى طلاب التعليم العالى التحقوا بالجامعات العامة.
نوهت إلى أن استراتيجية التعليم فى 2030 تعترف بأن هذا النظام لم يقدم بعد تعليم عالى الجودة الضرورى لتلبية احتياجات سوق العمل فى البلاد والرد على النظم الاجتماعية والسياسية المتغيرة.
وضعت وزارة التعليم والتعليم الفنى برنامج إصلاح التعليم (2018-30) بتكلفة إجمالية متوقعة قدرها 2 مليار دولار أمريكى.
وخلال السنوات العشر الماضية، ارتفع معدل الالتحاق بنظام التعليم فى مصر حتى الصف الثانى عشر بنسبة %32 مع معدل نمو سنوى مركب بلغ %2.8، وباستثناء التعليم الدينى فى نظام الأزهر والتعليم الثانوى الفنى، هناك 19.4 مليون طالب مسجل فى نظام التعليم العام فى مصر.
وبلغ معدل الالتحاق الصافى فى المرحلتين الابتدائية والثانوية %97 و%81 على التوالى، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمى البالغ %89 للتعليم الابتدائى و%66 للتعليم الثانوى.
وأثر هذا النمو السريع فى الالتحاق على نتائج التعلم لأنه فرض ضغوطاً متزايدة على المرافق المدرسية وفى بعض الحالات استلزم تعيين معلمين غير مؤهلين بشكل كاف.
علاوة على ذلك، يتجاوز الطلب على التعليم المستوى الحالى للموارد المتاحة الذى يؤثر سلبًا على جودة تقديم الخدمات.
وعلى الرغم من أن مصر تحتل المرتبة الأولى بين الاقتصادات الأفضل أداءً فى الالتحاق بالمدارس ولا سيما فى المرحلة الابتدائية، إلا أنها تصنف باستمرار بين أفقر الاقتصادات أداءً فى جودة التعليم.
كان أداء مصر فى الصف الثامن من اختبارات العلوم والرياضيات فى عام 2015، مقارنة مع البلدان الأخرى فى المنطقة ضعيفًا. كما أظهرت النتائج عدم وجود تحسن كبير مقارنة بنتائج عام 2007.
فقط 1 فى 20 مصرى، فى سن 14 عاماً وصل إلى مستوى عالٍ من القدرة العلمية مقارنة بأكثر من %50 فى العديد من الدول فى آسيا.
وتهدف استراتيجية إصلاح التعليم لتحسين مخرجات التعلم من خلال مجموعة من المبادرات التى تهدف إلى تعديل وإصلاح نظام التعليم الحالى هيكلياً، والتدخلات الجريئة التى تهدف إلى تحسين النتائج التعليمية وتحديث النظام التعليمى لتحقيق أهداف رؤية مصر 2030.
ويعتمد برنامج الإصلاح، الذى بدأ تنفيذه فى العام الدراسى سبتمبر 2018 تقنية حديثة للتدريس والتعلم وتقييم الطلاب وجمع البيانات.
فرص لزيادة استثمارات القطاع الخاص فى التعليم المصرى:
مصر لديها نظام تعليمى عام مدعوم بشدة من الحكومة، وفى عام 2014، مد أحدث دستور فى مصر سنوات التعليم الإلزامى الممول من الدولة حتى نهاية التعليم الثانوى أو ما يعادلها.
نتج عن ذلك زيادة فى الإنفاق العام السنوى على التعليم ليبلغ 107 مليارات جنيه (6 مليارات دولار) فى السنة المالية 2017/18، مقارنة بـ 81 مليار جنيه فى العام المالى 2014-2013 ومع ذلك، انخفض الإنفاق العام على التعليم كنسبة مئوية من إجمالى المصروفات لتمثل %9 فقط فى السنة المالية 2017-2018 مقارنة بـ %12 فى السنة المالية 2013-2014.
والحكومة المصرية بدأت بنشاط على تشجيع مشاركة القطاع الخاص والاستثمارات فى قطاع التعليم للمساعدة فى تخفيف الضغوط على الميزانية.فى السنة المالية 2017-2018، كان العجز الكلى فى الميزانية يمثل حوالى %10 من الناتج المحلى الإجمالى، وبلغ إجمالى الدين العام %109 من الناتج المحلى الإجمالى فى مارس 2017.
فى الوقت الحالى، يستحوذ القطاع الخاص على %10 فقط من إجمالى المسجلين فى نظام التعليم فى مصر حتى الصف الثانى عشر.
وتستوعب المدارس الخاصة %24 من طلاب رياض الأطفال، و%8 من تلاميذ المدارس الابتدائية، و%7 من طلاب المدارس الإعدادية و%13 من طلاب الثانوية العامة.
لكنه توقع ارتفاع استثمارات القطاع الخاص بدعم من الطلب المستدام على التعليم بسبب النمو السكانى المطرد، فمصر لديها أعداد كبيرة ومتزايدة من الشباب والأطفال.
وخلال العقد الماضى، نما عدد سكان مصر بشكل مطرد بمعدل سنوى متوسطه %2.4، وفى عام 2017، كان %51 من المصريين أقل من 25 سنة.
وفقًا لتوقعات بيانات الأمم المتحدة، من المتوقع أن يتسارع اتجاه النمو للمصريين المؤهلين للحصول على التعليم الأساسى والعالى خلال العقد المقبل، مثل هذا النمو إلى جانب زيادة المشاركة سوف يضع المزيد من الضغط على توفير الخدمة ويشجع القطاع الخاص.
وذكر التقرير أن الحكومة تسعى لتحسين وضع الاقتصاد الكلى فى محاولة لمعالجة الاختلالات الكبيرة فى الاقتصاد الكلى التى واجهتها مصر منذ عام 2011 واستعادة الاستقرار المالى والنقدى، شرعت الحكومة فى برنامج شامل للإصلاح الاقتصادى.
وبدأ الاقتصاد فى التعافى، ويتوقع صندوق النقد الدولى أن ينمو بمعدل %5.5 خلال العام المالى الحالى و%6 خلال العام المالى 2023، كما رفعت مؤسسات التصنيف الدولى تصنيفها الائتمانى للديون السيادية المصرية.
لكن التقرير ذكر أن الإصلاحات الاقتصادية لها تأثير سلبى على الدخول الحقيقية للأسر المصرية وأدت إلى ارتفاع التضخم.
ولتجنب إثقال كاهل الميزانية المالية والتداعيات السلبية المحتملة على المدى الطويل للتضخم على توفير التعليم، من المتوقع أن تتخذ الحكومة المصرية الإجراءات اللازمة لدعم زيادة دور القطاع الخاص فى قطاع التعليم.
وقال التقرير إن هناك حاجة إلى الاستثمار فى سد الفجوات القائمة فى المهارات.
ونوه إلى أن معدل البطالة انخفض فى مصر إلى %10 خلال الربع الثالث من عام 2018، مقارنة بنسبة %11.9 خلال الربع نفسه من عام 2017.
فى حين بلغ متوسط معدل البطالة %12 فى عام 2017، لكنه بلغ %33 بين الشباب فى مصر (من 15 إلى 29 سنة).
فى المقابل يقول التقرير إن العائد على الاستثمار فى التعليم العالى فى مصر غير مضمون، و34% من العاطلين عن العمل فى مصر حصلوا على شهادات جامعية أو دراسات عليا، وهو ما يمثل ثانى أكبر فئة بطالة حسب الحالة التعليمية، والغالبية العظمى من هؤلاء الطلاب، مسجلون فى كليات القمة.ومع ذلك، فإن الطلب على العمالة مدفوع بشكل متزايد بالإمكانيات المهنية الضعيفة ما عزز تدنى نوعية النظام التعليمى، ومعدلات البطالة المرتفعة ودفع الخريجين فى مصر لعدم السعى لاكتساب المهارات التى يتطلبها أصحاب العمل.
ويرجع ذلك فى المقام الأول إلى ضمان التوظيف فى القطاع العام منذ فترة طويلة لخريجى الجامعات والذى تم تقديمه فى الستينيات وتم إلغاؤه فى أواخر التسعينيات.
ونوه إلى أن الجامعات الحكومية فى مصر هى الأكبر فى المنطقة، كما أن الدراسة فيها مجانية، ما يضع قيودا هائلة على هذه المؤسسات ومواردها، فيتم تخصيص غالبية موارد الجامعات للنفقات الجارية، بدلاً من رأس المال، مما يشير إلى أنه يمكن تحسين الكفاءة فى الإنفاق على التعليم العالي.
وذكر أن هناك حاجة إلى عمل التحول الهيكلى لتحسين أداء الجامعات الحكومية المثقلة بالأعباء والتى تفتقر إلى الكفاءة التشغيلية، خاصة فى ضوء قيود الميزانية.
أضاف «تقوم الدولة بتمويل ما بين 85 و%95 من ميزانيات الجامعات العامة، وعلى الجامعات أن تجمع ما تبقى من التمويل بنفسها، على سبيل المثال: إنشاء برامج مرتفعة الرسوم نسبياً مع نظام الساعات المعتمدة، وفى حالة استمرار هذه الاتجاهات، قد يتم تسجيل ما يقرب من 900 ألف طالب إضافى فى التعليم العالى بحلول عام 2021/22».
وقال إن صدور قانون ينظم إنشاء فروع الجامعات الدولية، للجامعات الأجنبية فى مصر بموجب القانون رقم. 162 لعام 2018 ودخل حيز التنفيذ فى أغسطس 2018 يسهل الإجراءات ويبسط متطلبات الترخيص لإنشاء فرع لجامعة أجنبية.
بموجب هذا القانون، يمكن للجامعة الأجنبية إنشاء فرع خاص بها، والاتفاق مع معهد تعليمى فى مصر لاستضافة الفرع أو الدخول فى شكل من أشكال الشراكة مع إحدى الجامعات المصرية لمنح شهادة مشتركة، بالإضافة إلى ذلك، وفقًا للمادة 19 من القانون الجديد، تتمتع بكافة ضمانات الاستثمار المنصوص عليها فى قانون الاستثمار رقم 72 من 2017.
تجدر الإشارة إلى أن إنشاء جامعة خارجية فى مصر كان يتطلب فى السابق إبرام معاهدة دولية بين مصر وبلد الجامعة المعنية.