«فنيكسيم»: الحكومة توجه الأموال لإصلاح الميزانيات بدلاً من الاستثمار فى البنية التحتية والصناعة
تنتشر اللافتات فى شوارع مدينة لاجوس، على جانبى الطرق السريعة لتذكير المستثمرين الأجانب الذين يزورون نيجيريا بالحاجة الملحة للبلاد إلى رأس المال.
ولا يزال كثير من المستثمرين على استعداد للجوء إلى المقرضين، رغم الدلائل التى تشير إلى أن أموالهم قد لا تستخدم دائماً بشكل أكثر إنتاجية.
ومع ذلك، يثير المحللون على نحو متزايد، أسئلة حول عائدات مبيعات السندات، وما إذا كانت المالية العامة لأكبر اقتصاد فى أفريقيا، وفقاً لصندوق النقد الدولى، مستدامة كما يبدو فى الظاهر.
وتساءل أندرو روش، الشريك الإدارى لدى «فنيكسيم»، وهى شركة استشارية مقرها باريس: «أين يتم إنفاق الأموال فى نيجيريا؟».
وأعرب «روش»، عن قلقه من أن الحكومة تستخدم النقد المقترض لإصلاح الثغرات فى الميزانيات، بدلاً من الاستثمار فى البنية التحتية أو الصناعة أو حتى فى الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد، بعيداً عن الاعتماد الكبير على البترول.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أنه فى عالم من الأموال الرخيصة والوفيرة كانت نيجيريا بين أكبر المستفيدين من البحث العالمى عن العائد.
وكشفت البيانات، أن البلاد باعت سندات للمرة السادسة فى شهر نوفمبر الماضى، إذ جمعت 2.9 مليار دولار فى آجال استحقاق مدتها 7 سنوات و12 و30 عاماً.
وكان الطلب قوى فى الأسواق المحلية، أيضاً، عندما جمعت الحكومة 326 مليون دولار بالسعر الرسمى فى مزاد شمل إصدار سندات بالعملة المحلية لأول مرة لمدة 30 عاماً يوم 25 أبريل الماضى.
ومع ذلك، يقول «روش»: «ربما تجاهل بعض المستثمرين جانباً من المقاييس المثيرة للقلق».
وفى عرض تقديمى للمستثمرين فى واشنطن الشهر الماضى، أكدت وزيرة المالية زينب أحمد، أن الدين الحكومى لنيجيريا رغم ارتفاعه فى السنوات الأخيرة، فإنه لا يزال يساوى 19% فقط من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2018.
وأضافت أن هذه النسبة أقل بكثير من المتوسط للأسواق الناشئة والبالغ أقل بقليل من 50% من الناتج المحلى الإجمالى وفقاً لمعهد التمويل الدولى.
لكن العرض نفسه يوضح أن المبلغ الذى تم إنفاقه على خدمة الدين الحكومى، رغم انخفاضه كحصة من إجمالى إيرادات الحكومة، ارتفع إلى ثلثى العائدات التى تحتفظ بها الحكومة المركزية بعد توزيع الأموال على الولايات حسب التكليف من النظام الفيدرالى فى نيجيريا.
وهذا وعاء يمكن من خلاله سداد الديون وجميع النفقات الفيدرالية الأخرى.
وقال المحلل السيادى فى «ستاندر آند بورز»، رافى بهاتيا، إنه من الأفضل فهم المشكلة فى الاتجاه المعاكس.
وأضاف أن القضية ليست كبيرة لدرجة أن مدفوعات الفوائد مرتفعة ولكن المشكلة الرئيسية تتمثل فى أن الإيرادات الفيدرالية كحصة من الناتج المحلى الإجمالى أصبحت منخفضة للغاية حيث يعتمدون بدرجة كبيرة على البترول.
وفى الواقع، تشير بيانات صندوق النقد الدولى، إلى أن إيرادات الحكومة العامة لنيجيريا كانت تساوى 5.7% فقط من الناتج المحلى الإجمالى العام الماضى، أى أقل بكثير من متوسط 22% من الناتج المحلى الإجمالى للبلدان الـ44 الأخرى الواقعة فى منطقة جنوب الصحراء الكبرى.
وأكدت «أحمد»، فى العرض الذى قدمته فى أبريل الماضى، أن توليد الدخل كان أولويتها.
وأضافت أنه خلال العام الماضى، كانت الإيرادات الفعلية أقل من هدف الميزانية بنحو 30%.
وفى تقريره الأخير عن نيجيريا الذى تم نشره الشهر الماضى، أكد صندوق النقد الدولى، الحاجة إلى خفض نسبة مدفوعات الفوائد، مضيفاً أن الإيرادات غير النفطية يجب أن تكون الأولوية القصوى فى عملية حزمة الإصلاح.
ومع ذلك تبقى أسئلة كبيرة حول كيفية القيام بذلك، إذ تتمثل إحدى الأولويات المعلنة للحكومة فى زيادة الإيرادات من خلال ضريبة القيمة المضافة والتى تولد ما يعادل 0.8% فقط من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة بنسبة 7% من الناتج المحلى الإجمالى فى جنوب أفريقيا و6.6% فى بنين المجاورة.
وأوضح «بهاتيا»، أن الاقتصاد النيجيرى يعانى.. ولذا فإن فرض ضريبة أخرى لن يكون مرحباً به للغاية.. ولذلك هناك تردد كبير فى فرضها.
وقال تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين فى «رينيسانس كابيتال»، وهو بنك استثمارى متخصص فى الأسواق الناشئة، إن تطوير القطاع الصناعى الكبير بحاجة إلى الكهرباء ومحو أمية الكبار والاستثمار. ورغم أن إثيوبيا ذلك البلد الواقع فى شرق أفريقيا لديه قطاع صناعى أصغر من نيجيريا، لكنه تمتع بمستوى أعلى من الاستثمار أى ما يعادل 38% من إجمالى الناتج المحلى العام الماضى، وفقاً لصندوق النقد الدولى، مقارنة بـ13% فقط فى نيجيريا.
وكشفت بيانات صندوق النقد، أن نمو الناتج المحلى الإجمالى لإثيوبيا بلغ 8.5% أى أكثر من أربعة أضعاف نمو نيجيريا العام الماضى.
وأوضح «روبرتسون»، أن أحد العوائق أمام الاستثمار الأجنبى المباشر فى نيجيريا، هو عدم اليقين الناتج عن نظام الحكومة لأسعار الصرف المتعددة. وأضاف: «هناك مجموعة من الأسباب لعدم تسارع الاستثمار الأجنبى المباشر فى نيجيريا.. لكن توحيد أسعار الصرف من شأنه أن يساعد على استقرار البلاد».