لا تزال المملكة العربية السعودية، قائد منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» وأكبر دولة مصدرة للبترول فى العالم، تحاول فطم نفسها من الاعتماد الكبير على عائدات تصدير البترول الخام، ولكن هذا الأمر قد يكون صعباً، وقد يستغرق أيضاً وقتاً أطول من المتوقع.
وذكر موقع «أويل برايس»، أن بترول السعودية، التى حولت نفسها من دولة عالم ثالث فقيرة فى الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية إلى واحدة من أغنى الدول فى العالم، لا يزال يشكل 75% تقريباً من إجمالى صادرات البلاد، فضلاً عن أن صندوق النقد الدولى قدر عائدات صادرات البترول الخام بنسبة 60% على الأقل من خزائن الدولة.
ولا يساهم اعتماد السعودية على عائدات تصدير البترول فى مواصلة الحصول على الأموال المهمة فقط، بل أيضاً نوبات الألم الاقتصادى عند تهاوى أسعار البترول، فعندما انخفضت أسعار البترول من أكثر من 100 دولار للبرميل فى منتصف عام 2014 إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل بداية عام 2016، انهارت السعودية مادياً، ووصلت مستويات عجز الموازنة إلى مستوى قياسى، واضطرت لتطبيق تدابير تقشفية لا تحظى بأى شعبية من الناحية السياسية، كما أنها اضطرت لجمع الأموال من خلال مبيعات السندات الدولية.
ورغم أن إنتاج البترول السعودى لا يزال يمتلك واحداً من أدنى نقاط التعادل للبرميل فى العالم، فإنَّ نقطة التعادل المالى الخاصة به لا تزال أعلى من 70 دولاراً للبرميل، وبالتالى لا عجب فى أنه لا يرضخ أمام كل من الضغوط العالمية ومطالب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الأخيرة لزيادة الإنتاج من أجل خفض الأسعار.
وحتى مع ارتفاع أسعار البترول العالمية إلى أكثر من 30% خلال العام الجارى، لا تزال السعودية تحتاج إلى الأسعار المرتفعة لمواصلة النهوض الاقتصادى، حتى لو كان هذا الأمر يخلق رياحاً معاكسة لفكرة وجود علاقة جيدة مع إدارة ترامب.
وفى المستقبل، من المتوقع أن تواصل السعودية تقديم ما هو أفضل لاقتصادها، وأن تحاول السيطرة على أسواق البترول العالمية والأسعار، بجانب الحفاظ على فرض سيطرة استبدادية وصارمة مع عدم التسامح على الإطلاق مع الجهات المعارضة، ومحاولة الهيمنة الجيوسياسية فى المنطقة.
ومع ذلك، ربما تعرقل هذه المساعى النمو الاقتصادى فى السعودية على المدى الطويل ومكانتها طويلة الأجل فى المجتمع الدولي، بجانب خططها الطموحة لرؤية 2030 التى تسعى من خلالها السعودية لفطم نفسها من الاعتماد المفرط على عائدات تصدير البترول.