تقدم معجزة التصنيع فى فيتنام دروساً للدول النامية، فاستخدام هاتف ذكى يعنى أن هناك فرصة جيدة للنظر إلى جهاز تم تصنيعه فى فيتنام، ففى جميع أنحاء العالم يتم إنتاج واحد من كل 10 هواتف ذكية فى ذلك البلد الآسيوى.
وتتصدر الهواتف المحمولة صادرات فيتنام؛ حيث تحقق عائدات تصدير تتجاوز 49.8 مليار دولار فى عام 2018.
هذا النجاح هو أحد أعراض الاتجاه الأوسع الذى يتحدى المعايير العالمية.
فى حين أن التجارة العالمية فى حالة ركود، ارتفعت صادراتها إلى 244 مليار دولار فى 2018. بينما يواصل قطاع الصناعات التحويلية السابق لأوانه نمو الاقتصاد العالمى بشكل مطرد، مضيفاً ما يقدر بنحو 1.5 مليون وظيفة صناعية جديدة بين 2014 و2016 وحده.
وبالنظر إلى الدعوة الأخيرة التى وجهها العديد من قادة العالم لإيجاد وظائف فى مجال التصنيع فى بلدانهم، فإن تجربة فيتنام تحمل دروساً للاقتصادات النامية والمتقدمة على حد سواء.
بعض الأساسيات مهمة بشكل واضح، فرغم ارتفاع الأجور نسبياً، فإنها لا تزال منخفضة مقارنة بالعالم، فضلاً عن وفرة العمالة فحوالى نصف السكان هم دون سن 35، وفيتنام لديها قوة عاملة كبيرة ومتنامية.
وتتمتع البلاد باستقرار سياسى واستفادات من أنها قريبة جغرافياً من سلاسل التوريد العالمية الرئيسية. لكن هذا ليس بالضرورة ما يميز فيتنام، فالأهم هو نجاح الحكومة فى الاستفادة من أسسها القوية من خلال سياسات جيدة.
وحققت فيتنام نجاحها فى مجال التصنيع بالطريقة الصعبة، ففى البداية احتضنت تحرير التجارة بحماس ثم استكملت عملية التحرير الخارجى بالإصلاحات المحلية من خلال رفع القيود وخفض تكلفة ممارسة الأعمال التجارية لجذب المصنعين الأجانب الكبار من فئة أديداس الألمانية للأحذية الرياضية، وهواوى الصينية لتكنولوجيا الهواتف المحمولة.
وأهم ما ركزت عليه فيتنام هو الاستفادة من كثافة رأس المال البشرى والمادى ويبقى أهم الدروس هو التكامل العالمى مع التحرير المحلى والاستثمار فى الناس والبنية التحتية والتى لا ترقى للطموحات المأمولة حتى الآن.
وقامت السياسة الصناعية لفيتنام على التعاون التجارى الخارجى؛ حيث لجأت على سبيل المثال إلى سنغافورة التى تحتل المرتبة الأولى فى شرق آسيا كونها عضواً فى اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية والمتعددة الأطراف.
ووقعت فيتنام على 16 اتفاقية تجارة حرة ثنائية ومتعددة الأطراف، وباتت عضواً فى منظمة التجارة العالمية ومنظمة آسيان، وأبرمت اتفاقات ثنائية مع الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبى والاتحاد الجمركى الأوروبى الآسيوى. وأصبحت فى 2018 واحدة من 11 دولة للانضمام إلى اتفاقية تفاهمات التجارة عبر المحيط الهادى.
أدت هذه الاتفاقيات التجارية إلى خفض التعريفات بشكل كبير، وترسيخ الإصلاحات المحلية الصعبة، وفتحت الكثير من مسارات الاقتصاد للاستثمار الأجنبى.