يسعى اتحاد الصناعات، إلى دمج الاقتصاد غير الرسمى فى المنظومة الرسمية من خلال ميكنة المعاملات المالية لدى تجار التجزئة، فضلا عن تشديد العقوبة على المنشآت المخالفة وغير المرخصة، ووضع آلية لمحاسبة المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
قال محمد البهى، رئيس لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات، إن نسبة القطاع غير الرسمى من الاقتصاد المصرى تصل إلى %60 خلال الفترة الحالية، مقارنة بنحو %40 قبل عام 2011.
أضاف البهى فى حواره لـ«البورصة»، إلى أن القطاع غير الرسمى كان فى 2008 يمثل نحو %40 من حجم الاقتصاد.. لكنه تضخم فى 2011 عقب الأحداث المتلاحقة التى انعكست على القطاع لتصل النسبة إلى %60.
وتسبب الانفلات الأمنى آنذاك، فى خروج نسبة من المنظومة الرسمية، فضلاً عن إنشاء مصانع ومحال خارج الإطار الرسمي.
أوضح البهى، أن الاقتصاد غير الرسمى يقدر بنحو 4.2 تريليون جنيه، إذ يضم كل المنشآت غير المسجلة فى القطاعات الصناعية والتجارية، فضلاً عن العقارات المبنية التى تعمل بالعقود العرفية.
ويصل عدد العقارات فى مصر إلى 29 مليون مبنى، المسجل منها رسميا يتراوح بين 10 و%12 .. والباقى يتم التعامل عليه بالعقود العرفية.
وكشف أن %150 من قيم الضرائب والرسوم مهدرة ولا يتم تحصيلها، فضلا عن أن التحصيل فى القطاع المنتظم يصل إلى %50 فقط من القيمة الفعلية.. والقطاع غير الرسمى يتهرب من الضرائب بشكل كامل لأنه يتعامل دون فواتير ولا يسدد الضرائب.
ويستهدف مشروع الموازنة العامة للدولة تحصيل ضرائب بقيمة 856.6 مليار جنيه بنمو %11.2 عن العام المالى الحالي.
أوضح البهى، أن دمج القطاع غير الرسمى قادر على تحصيل ضعفى الضريبة الحالية لما يتجاوز 1.5 تريليون جنيه، وهذا الرقم يغنى الدولة عن الاقتراض الداخلى والخارجي.
أضاف أن اتحاد الصناعات أعد دراسة لضم القطاع غير الرسمى إلى المنظومة الرسمية منذ 2008، واستغرق إعداد هذه الصناعة عدة سنوات لتغطى القطاع، وتم تحديثها حتى الوقت الحالي.
وأكد أن الدولة فى ذلك الوقت لم تكن لديها إرادة لضم هذا القطاع.. لكنها حاليا لديها رغبة فى الاستفادة من هذه القوة، خصوصا فى ظل تحرك وزارة المالية لميكنة التعاملات والتحول الرقمى فى المجتمع.
ولفت إلى أن التحول الرقمى هو أحد الأدوات المساعدة لضم هذا القطاع، لأنه يتيح معلومات موثقة عن جميع التعاملات، وسيساهم فى حصر جزء كبير من الاقتصاد الموازي.
أضاف البهى، أن فكرة الثواب والعقاب فى أى مجتمع هى الوسيلة الأنسب لوضع حلول رادعة للمخالف، وجذب الراغب فى التغيير، مؤكدًا أهمية مراجعة القوانين الخاصة بمحاسبة المخالفين والمدلسين وقضايا الغش التجاري، حيث تصل الغرامة إلى 100 جنيه فى حالات الغش التجاري، وهى وسيلة لتحفيز المخالفين على الاستمرار فى هذه المخالفات.
أوضح أن اتحاد الصناعات له دور تشريعى فى المساهمة فى وضع القوانين، ويعمل على استصدار التشريعات التى من شأنها تسهيل الإجراءات الخاصة بالتراخيص الصناعية، مطالبا بأهمية تفعيل هذه القوانين على أرض للاستفادة من اصدرارها.
قال البهي: «ليس كل المنضمين للقطاع غير الرسمى اختاروا ذلك بأنفسهم.. لكن هناك من أجبروا على هذا الوضع؛ نتيجة صعوبة حصولهم على التراخيص الممهدة لعملهم رسميا».
أضاف أن تحسين البنية التشريعية أمر مهم.. لكن الأهم هو التطبيق على الأرض وليس إصدار التشريعات، فضلا عن تماشى ذلك مع رؤية القيادة السياسية لتوفير الحوافز اللازمة لضم القطاع غير الرسمى فى مختلف المجالات وخصوصا فى القطاع الصناعى لأنه بمثابة قاطرة التقدم والنمو لأى مجتمع.
وفيما يخص التشوهات الجمركية فى بعض السلع المستوردة التى ترتفع رسومها الجمركية على مستلزمات الإنتاج مقابل انخفاض رسوم المنتج النهائي، أشار البهى إلى أن اتحاد الصناعات يناقش مع وزارة المالية، المقترحات الخاصة بإجراء تعديلات على التعريفة الجمركية على بعض السلع المستوردة.
أضاف أن التشوهات الجمركية فى عدد من البنود استمرت لعقود طويلة؛ نتيجة تضارب المصالح بين عدة أطراف سواء بين التاجر والصانع، أو بعض فئات المجتمع التى تحارب فكرة خفض وتمييز دخول مستلزمات الإنتاج والخامات لتشجيع الصناعة بشكل عام.
وأكد أن حماية الصناعة هو جزء أساسى من خطة الدولة المصرية مثلها مثل كل دول العالم الكبرى، حيث تتراوح القيمة الجمركية على القطاع الصناعى من مدخلات الإنتاج والخامات بين 0 و%5.
ورغم انخفاض تكلفة استيراد الخامات إلا أن بعض الصناعات تشكو من تدنى التكلفة الجمركية على استيراد المنتجات كاملة الصنع (المنتج النهائي) التى تضر بالصناعة الوطنية، مطالبين بمراجعة الأسعار الاسترشادية للمنتجات المستوردة، فعادة تكون منخفضة عن أسعارها فى بلد المنشأ.
وأشار البهي، إلى أن اتحاد الصناعات يعقد اجتماعات متتابعة مع مصلحة الجمارك ووزارة المالية؛ لإزالة بعض التشوهات الجمركية إن وجدت فى بعض البنود الجمركية.. إلا أن ذلك قد يستغرق وقتا لمراجعة الجمارك عن بند جمركى معين.
أضاف أنه منذ صدور القانون 91 لسنة 2005، فى عهد وزير المالية يوسف بطرس غالي، كان اتحاد الصناعات مشاركا فى وضع القانون منذ اليوم الأول، وهو قانون الإصلاح الذى تم من خلاله تعديل منظومة الضرائب بشكل عام، فضلا عن المساهمة فى وضع قانون القيمة المضافة وتنقيحه ومراجعته، وكذلك قانون الجمارك وتحديد (التعريفة الجمركية).
وحول النظام الضريبى فى مصر وقدرته على تحفيز جذب الاستثمار، قال إن اتحاد الصناعات عادة ما يطالب بأن تكون التعديلات المتتالية للضرائب من خلال قانون جديد للضرائب يعالج كل النقاط المطلوبة، على أن يكون هناك نص واضح بالقانون وهو ألا يطرأ عليه أى تعديل أو تغيير خلال فترة تتراوح بين 10 و20 سنة؛ ليكون لدى المستثمر قدرة على معرفة التكلفة الحقيقية التى سيتحملها حال دخوله أى نشاط استثمارى جديد، وحتى لا يتسبب التغيير المتتالى لقيمة الضرائب فى نفور الاستثمار الأجنبي.
وأوضح البهي، أن سعر الضريبة هو جزء من سعر السلعة المنتجة فى مصر.. لذلك المستثمر عادة ما يعد دراسة جدوى للمشروع الذى يرغب فى الاستثمار به ولا يرغب فى أن يفاجأ بتغيير فى الضرائب أو النظام المحاسبى لارتفاع سعر ضريبة معينة.
وفيما يخص مشروع قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أشار إلى أن اتحاد الصناعات شارك فى وضع المقترحات الخاصة بالقانون وطالب منذ البداية بإصدار هذا القانون.
وأشار إلى أن إقرار قانون القيمة المضافة ورفع حد التسجيل إلى 500 ألف جنيه، خرج معه نسبة كبيرة من الممولين من الضرائب.. فأصبحت هناك ضرورة ملحة لوضع نظام لمحاسبة هذه المشروعات بقيمة مقطوعة من حجم الأعمال.
وأضاف: أتصور أن القانون فى شكله المبدئى جيد لكن لابد أن تكون لدى الدولة إرادة للإسراع بإصدار القانون؛ لدمج الاقتصاد الموازي، لأنه أحد أهم أدوات دمج الاقتصاد الموازى.
وأكد البهي، أن القطاع غير الرسمى يؤثر سلبا على القطاع المنتظم بشكل رسمي، مطالبا بوضع قانون لمحاسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فضلا عن مراقبة وضبط الأسواق، وميكنة التعامل والربط الإلكترونى والميكنة بين مصلحة الضرائب وبين ماكينات عد النقدية فى محال التجزئة.
وأعلن وزير المالية محمد معيط، الشهر الحالي، أن الحكومة انتهت من صياغة مشروع قانون ينظّم عمل المشروعات الصغيرة والمتوسّطة والمتناهية الصغر بشكل يضمن ضمّ الاقتصاد غير الرسميّ إلى المنظومة الاقتصاديّة الرسميّة لمصر.