بعد انتصاره فى معركة بدر عام 624، أطلق النبى الكريم سراح الأسرى شريطة أن يعلموا بعض المسلمين القراءة، ويقول محمد أصغر ثاقب، مدير مدرسة جامع جوسيا رزفيا، الملحقة بالمسجد بسوق لاهور الرئيسى فى باكستان، إن هذا هو مقياس لاحترام الإسلام للتعليم، لكنه أكد أن هناك فكرة خاطئة فى المجتمع حول الغرض من التعليم، وهى أن التعليم بات من أجل الثراء، بينما التعليم هدفه أن يصبح الشخص أفضل.
ويوضح تقرير مجلة «إيكونوميست»، أن بعض البلدان مثل أمريكا تحظر الدين فى المدارس، ما جعل الإقبال المتزايد على التعليم الدينى أحد العوامل الدافعة لنمو القطاع الخاص، ففى أمريكا ارتفع معدل الالتحاق بالمدارس الدينية فى الفئة العمرية من 4 إلى 14 سنة من 4 ملايين فى 2011-2012 إلى 4.4 مليون فى 2015-2016 وحتى فى الأماكن التى تقوم فيها المدارس الحكومية بتدريس الدين، كما هو الحال فى باكستان، يرغب الآباء فى بعض الأحيان بالحصول عليه بمعدل أعلى مما هو معروض فى قطاع الدولة.
أكثر من مليونى طفل باكستانى يذهبون إلى المدارس الدينية، الأمر الذى يزعج البعض، خشية أن تكون هذه المدارس بمثابة أرض خصبة للإرهاب على حد زعمهم، خاصة أن البعض ممول من قبل الأصوليين فى دول خليجية، لكنَّ «ثاقب» يقول إن مدرسته وهى مجانية للتلاميذ يدفع ثمنها من خلال عائدات إيجارات 40 منشأة مجاورة يملكها المسجد.
ويشكك البعض فى القيمة التعليمية لقضاء ساعات يومية فى حفظ القرآن الكريم، لكنَّ «ثاقب» أكد على الإيمان بأهمية التعليم الدينى الذى يتلقاه 300 فتى فى المدرسة، مشيراً إلى تخصيص وقت لمواد التعليم المعاصر فى فترة ما بعد الظهر.
ورغم افتقار هذه المدارس إلى العصرية فى الوسائل التعليمية وأساليب الترفيه الحديثة؛ بسبب ضعف الإمكانيات والتمويل، فإن الجانب الروحى بالنسبة للتلاميذ يجعلهم يشعرون بالسعادة بحسب ما يعتقده الطالب غلام حسن، البالغ من العمر 15 عاماً من منطقة لياه، وهى منطقة صحراوية فى غرب البنجاب؛ حيث يصعب الحصول على وظائف والذى يتمنى أن يكون حافظاً للقرآن. وقال إنه ينطق آيات من سورة يوسف التى تحكى قصة النبى يوسف وإخوته ويترنم بتلاوتها فهى جميلة بشكل رائع.
وأعلنت الحكومة الباكستانية عن برنامج لإصلاح التعليم فى نحو 300 ألف مدرسة دينية منتشرة بجميع أنحاء البلاد مستهدفة تطوير المناهج التعليمية والتى تجرى إدارتها دون أى إشراف من الدولة ولا مراجعة لمعايير الجودة فيها، مما يوصم خريجيها بضعف المستوى التعليمى.
وتقول إسلام أباد، إنها تهدف من خططها الإصلاحية إلى تخريج تلاميذ يحملون فكراً إسلامياً متسامحاً بعيداً عن الغلو والتطرف الذى اشتهر به خريجو المدارس الإسلامية والكتاتيب.
وتشمل الخطط الإصلاحية حظر أى مواد تعليمية تعزز مشاعر الكراهية وتقديم مواد علمية متطورة فى العلوم والرياضيات والتركيز على تطوير المهارات الخاصة بالتلاميذ وتدريس اللغة الإنجليزية ضمن مناهج جميع المدارس.
وعلى الرغم من أن هذه المدارس خاصة ومجانية، فإن الدولة قررت تحمل أعباء تكلفة تمويل التطوير الكبير؛ نظراً إلى أن هذه المؤسسات مسئولة عن تعليم أبناء الأسر الفقيرة.
وأكدت وزارة التعليم الباكستانية أن خططها لا تشمل أى صدام مع القيادات الدينية المشرفة على هذه المدارس بل على العكس جرى وضع خطط الإصلاح عبر النقاش معهم لضمان نجاحها واكتساب الثقة فيها عند تنفيذها.