رغم تحريك المياة الراكدة فى ملف الضرائب على تعاملات البورصة المصرية، إلا أن وقعها على المستثمرين مثل مداعبة «عش دبابير»، خاصةً بعد إرجاء مجلس النواب نظر مشروع قانون تثبيت ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة عند 1.5 فى الألف على المشترى ومثلها على البائع بدلاً من زيادتها إلى 1.75 فى الألف لحين إرسال البيانات المتعلقة بقيم تداولات السوق منذ تطبيقها فى 2015، فى الوقت الذى تسعى فيه الجمعية المصرية للأوراق المالية «ECMA»، بوساطة وزير قطاع الأعمال العام، تقديم مشروع قانون متكامل لوزارة المالية بمعاملة ضريبية عادلة للمتعاملين تدعم من تنشيط سوق المال.
وتقدمت «إيكما» الأسبوع الماضى بمقترحاتها لوزارة المالية متضمنة عدد كبير من الإعفاءات وتغيير كبير فى شكل منظومة الضرائب تضمنت إلغاء ضريبة الدمغة على المتعاملين المصريين والأجانب المقيمين، وإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على الأجانب غير المقيمين.
أوضح محمد ماهر، رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية، أن المفاوضات من جانب الجمعية مع وزارة المالية دائمًا حول إعفاء الشركات المقيدة، من ضريبة الدخل لمدة معينة، تنتهى إلى طريق مسدود، وأن ضريبة التوزيعات هى التى من الممكن أن توافق «المالية» على تخفيضها لتحفيز الشركات على القيد فى البورصة.
وقال ماهر، إنه لا يوجد مشاكل تحول دون قيد شركات جديدة ولكن التوصيف الحقيقى للأزمة أنه لا يوجد حافزًا قويًا لقيد الشركات، بالبورصة المصرية.
وأضاف رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية، أن ذلك يحدث بالرغم من أن مصر ليست من ضمن الدول التى تقوم بتحصيل ضرائب باهظة، إلا أن الضرائب لاتزال تمثل العائق الأكبر لقيد شركات جديدة بالبورصة، بسبب تدنى متوسط دخول الأفراد، مضيفًا أن وزارة المالية هى من سيفصل فى النهاية فى هذا النزاع وأن ما يقدمه جميع أطراف السوق مجرد مقترحات لمواكبة ظروف السوق.
قال محمد عسران العضو المنتدب لشركة ايفا للسمسرة فى الاوراق المالية، ان النزاع الضريبى بين الجمعية المصرية إيكما، ووزارة المالية، ومجلس النواب على ضريبة الدمغة وضريبة الارباح الرأسمالية، من شأنه أن يقلل من ثقة المستثمر الأجنبى فى السوق المصرى، موضحا ان الحل الاقرب لتصحيح سوق المال هو الإعفاء الضريبى من ضريبة الدمغة، وتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية بنسبة %10 على الأرباح المحققة على الأجانب والعرب، مؤكدا أن الفاصل فى هذا النزاع هى وزارة المالية.
أضاف أن مشكلة سوق المال هى الضرائب، وأن ضريبة الدمغة ليست المتحصل الأكبر من متحصلات الضرائب، مشيراً إلى أن شركة مثل شركة الشرقية للدخان تسدد ضرايب أكثر من متحصلات الضرائب من ضريبة الدمغة، مضيفاً أن سوق المال يحتاج إلى حوافز ضريبية ليستطيع منافسة الأوعية الادخارية الأخرى، وان الإعفاء الضريبى هو المنتج المحفز للشركات للقيد بالبورصة، مشيراً إلى أن العديد من المستثمرين يلجئون للاستثمار فى العقارات رغم صعوبة تسييلها لتجنب الاستثمار فى البورصة.
وقال عونى عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة وديان للسمسرة فى الأوراق المالية، إن الفاصل فى هذا النزاع هو مجلس النواب، نظراً لكونه الهيئة المنوطة بالقوانين، وهى صاحبة الأمر للبت فى هذا الأمر، مؤكداً أن الضرائب ليست المؤثر القوى على سوق المال، وتوحيد الرؤى فى المواضيع الهامة هو خطوة لانتعاشة البورصة.
وأشار عونى إلى أن الحافز الاساسى لسوق المال هو توزيع الكوبونات، والاهتمام بالمستثمرين والعائد عليهم من الاستثمار، والبورصة لن تستطيع منافسة الاوعية الادخارية فى البنوك، إلا إذا حققت عوائد أعلى، مشيراً إلى أن السوق يحتاج إلى أسهم قوية تهتم بتوزيعات الأرباح كالمصرية للاتصالات وأموك والعديد من الشركات، وهو ما من شأنه أن يجذب مستثمرين جدد.
ويرى على الغنام رئيس مجلس إدارة بنك إستثمار أسطول، ان توقيت التصريحات الأخيرة عن ضريبة الدمغة لم يكن مناسب، وأثارت تلك الخلافات المخاوف حول مستقبل السوق، ما قلص من قيم التعاملات مرة أخرى، مشيراً إلى أن السوق يحتاج إلى أخبار جيدة لرفع حجم التداولات لجذب رؤوس الأموال، والتخبط الحالى من شأنه أن ينفر المستثمرين من السوق، كما أن وزارة المالية هى الأقرب لحل النزاع، وضريبة الدمغة هى الأوسط فى الحلول الضريبية.
وأضاف أن قيم التداولات الحالية ليست فى مصلحة الطروحات الحكومات، على الرغم من ملاءتها المالية، بالإضافة إلى أن التخبطات فى الأسواق العالمية الناشئة التى أثرت على البورصة، ولم يكن الوقت المناسب لإثارة الجدل حول مشروعات ضريبية من شأنها أن تخيف المستثمر.
من جانبه، قال شريف حشمت العضو المنتدب لشركة أرقام لتداول الأوراق المالية، إن سعر الضريبة رغم تأثيره السلبى على السوق كلما ارتفع، إلا أن التذبذب فى القرارات وآليات التطبيق وقعه دائماً ما يكون أكبر، وهو ما ظهر جلياً فى ضعف تنفيذات السوق منذ بدء الجدال، لافتاً إلى أن مقترحات إيكما هى الأقرب لتصحيح سوق المال باعتبار أن أيكما هى الأقرب لنبض سوق المال.
وأضاف حشمت، أن هيئة الرقابة المالية هى المنوطة بحل النزاع لكونها الأقرب لوزارة المالية، وأن القيمة العادلة لضريبة الدمغة ما بين 1 فى الألف إلى 1.5 فى الألف.
وأشار حشمت: ان البورصة لا تنافس التمويل البنكى، وانها بحاجة إلى تفعيل العديد من الأليات لتنشيط سوق المال، كألية الشورت سيلينج، وصانع السوق، بالاضافة إلى المشتقات، لافتا إلى ان هذه الاليات من شأنها أن تحفز سوق المال وتضخ سيولة وتجذب رؤوس الأموال، وتنافس من خلالها الاستثمار فى أذون الخزانة.
قال إيهاب سعيد رئيس قسم البحوث بشركة أصول لتداول الأوراق المالية، إن المقترحات المقدمة لمجلس النواب لتعديل قانون ضريبة الدمغة تصب فى مصلحة السوق المصرى، وتمثل تفهم الحكومة لطبيعة السوق.
وذكر سعيد أن تعديل ضريبة الدمغة يهدف إلى تحفيز سوق المال لحين ظهور الآثار الإيجابية للإصلاح الاقتصادى، حيث تتحرك البورصة تبعًا للوضع الاقتصادى ولا تتوقف على وجود الضريبة من عدمها.
واوضح سعيد، أن مشكلة السوق المصرى لا تتمثل فى الضريبة المفروضة على الشركات، حيث تمثل البورصة آخر حلقة فى سلسلة اقتصادية كبيرة، وتتأثر بالإصلاحات الاقتصادية، برغم وجود تحسن فى مؤشرات الأداء الاقتصادى، لكنه لا ينعكس على الشركات المدرجة بالبورصة.
ويرى سعيد، أن فرض القيود والضرائب على الشركات المدرجة فى البورصة المصرية فى الوضع الاقتصادى الراهن يؤثر سلبًا عليها.
ويرى عمرو الألفى، مدير قسم البحوث بشركة شعاع لتداول الأوراق المالية، أن الشركات تتخذ التمويل عن طريق حقوق الملكية بديل للتمويل البنكى، بالرغم من الإجراءات التى تتطلب وقتاً طويلاً لتمويل الشركات المدرجة فى البورصة.
وطالب الألفى بضرورة النظر بشكل مختلف لتحفيز الشركات للإدارج فى أسواق المال، وذلك بتحسين سمعة ومكانة الشركات المدرجة من خلال تطبيق الشفافية فى توفير الإفصاحات الكاملة، والالتزام بتطبيق اللوائح والقوانين.
كتبت: ايمان محمد