من يذهب إلى الساحل الشمالى سيرى أن الجميع يتسابقون على الإنفاق هنا وهناك.. على الشاطئ وكافيهاته صباحاً ونهاراً وليلاً.. وعلى المطاعم والكافيهات ليلاً أيضاً.. وهناك زمرة لا بأس بها فى الهلس والمليطة.. بالإضافة إلى حفلات المطربين التى معها تصبح حركة المرور بعافيتين وتحتاج فرقاً وجحافل وجهوداً ضخمة لتنظيمها.. وربنا ما يقطعها عادة كل صيف..
هناك من يشكل الجمعيات أو يضع تحويشة لا بأس لها لصرفها على الأقل لمدة أسبوع يقضيه بقرى الساحل سواء القديم أو الجديد وامتداداً حتى مطروح..
ستجد أن التكلفة لتمضية أسبوع معتدل النفقات تكاد تصل إلى ضعف التكلفة فى القاهرة.. وهناك من يصرف أضعاف مرات ومرات عن ذلك .. كل بمستوى معيشته وقرته على الصرف.. وأصبح الساحل من مظاهر الترف.. ووجهة لمن يحلم بمجاورة ناس الساحل وحلاوة الساحل.. لا شك أن من اشترى عقاراً هناك أيام الرخص وقبل التعويم فهو من المحظوظين لأن ارتفاع قيمة العقارات من اصغر وحدة لأكبر وحدة أصبح مع من الصعوبة بمكان لذوى الدخل المتوسط السعي حالياً للحصول على أصغر وحدة.. لكن لا يمنع ذلك من أن مملكة الساحل أصبحت هدفاً لكل المصيفيين.. سواء كان مالكاً أو مستاجراً..
ما علاقة ذلك بالاقتصاد..؟؟
إن الاقتصاد ينظر إلى الإدارة الرشيدة للموارد التى تتسم افتراضا بالندرة.. وما شاء الله موارد الصرف فى الساحل .. الله ينور.. لا ندرة فيها.. ولكنها تحتاج الاستغلال الأمثل لها.. حيث تظهر الأموال للصرف باعتدال ووببذخ.. إنت وشوقك بقى..
لا أخفيكم سراً إننا جميعنا نذهب إلى الساحل للترفيه والاستجمام والاسترخاء هرباً من الحر وللحصول على إجازة بعيداً عن صخب الزحام وأجواء العمل.. أرى الساحل وكأنه شرم الشيخ أو الغردقة .. مليء بالسياحة الداخلية.. ثلاثة شهور تنتظرها المطاعم والكافيهات والمحلات بكل أنواعها وأطيافها ونجومها لتحقق عائداً لا بأس به من رواد الساحل.. ولكن ماذا إذا أصبح الساحل متاحاً على مدار العام.. هل ستنخفض تكلفة المعيشة أم ستبقى على ما هى عليه مرتفعة؟.. ولا سيما فى ظل سعى الدولة لإعادة تخطيط الساحل بأجمله ليكون متاحاً على مدار السنة فما يتم إنشاؤه من مدينة العلمين الجديدة مع تطوير الخدمات حولها من مسشتفيات وسينمات ومولات وغيرها.. يبشر عن نقلة حضارية نوعية فى تلك المنطقة ولا سيما وأن هناك اتجاهاً أيضاً لتطير منطقة رأس الحكمة فى إطار تخطيط عمراني سياحي متكامل لمنطقة الساحل الشمالى بأكمله.. فى سعي الدولة لتعظيم استغلال مناطقها تعظيماً للسياحة الداخلية والأجنبية..
نيجي بقى وإحنا فى خضم الحديث عن الساحل إلى حدث مهم جداً فى مصر.. مع بداية فترة الصيف.. وهو كاس الأمم الافريقية.. وهو حدث لا يتكرر كثيراً فى مصر نظراً لتنافس الدول الأفريقية على استضافته.. وهو حدث رياضى سياحي هام جدا.. فى وقت أصبحت الرياضة أحد مصادر الدخل القومي إذا ما استغلت جيداً إعلامياً وسياحياً.. هناك دول قائمة على دوريات أوروبية تتنافس الأموال على رعايتها ونقل إعلامياً وحصرياً إلى العالم كمجال للأعمال يدر دخلاً وربحاً، بل وعملاء كثيرين.. أصبحنا نجد رجال أعمال يتهافتون على شراء أندية فى أعلى الدول الأوروبية.. وشركات طيران وغيرها من الشركات فى مختلف المجالات تتنافس لوضع إعلاناتها على تيشيرتات تلك الأندية أو على القنوات الناقلة لمبارياتها أو على ملاعبها.. عالم جديد من البزنس أصبح مورداً من موارد الدخل القومى لتلك الدول ومورداً مهماً للضرائب والانفاق الاستهلاكى والسياحي لعاشقى الرياضات بأنواعها وإن كانت كرة الدم الأكثر سيطرة وجذباً لتلك الأموال والسياحة.. انظر إلى إسبانيا وإيطاليا وإنجلترا.. صاحبة أشهر الدوريات فى العالم ويلعب بها أفضل لاعبي العالم.. انظر إلى كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية..
عودة مرة أخرى إلى كأس الأمم الأفريقية.. لم تعد الرياضة للترفيه فقط وإنما أصبحت موردا كما ذكرنا لذا لا عجب من استغلال هذا الحدث الهام اقصى استغلال ممكن إعلامياً وسياحياً ورياضياً واقتصادياً لمصر .. يجب أن تظهر مصر فى هذه الحدث القاري فى ابهى صورة لها أمام العالم وليس افريقيا فقط.. من حيث الملاعب والقدرة على التنظيم والنظافة والسلوكيات والامن والامان واظهر المعالم السياحية حيث ان جميع العالم سيتفرج على هذه البطولة القارية التى بها نجوما عالميون مثل محمد صلاح المصرى وساديو مانى السنغالى وغيرهما من اللاعبين فى أعتى الدوريات الأوروبية وكل أولئك النجوم لهم شعبيتهم حول العالم..
أتمنى أن أرى مصر تستضيف كأس العالم يوماً ما.. وأن تسعى لاستضافة الديربيات الأوروبية فى نهائياتها.. وكذلك نهائيات البطولات العالمية والقارية لما لها من عائد كبير اقتصادياً وإعلامياً ورياضياً وسياحياً.. بالإضافة إلى جميع المؤشرات الإيجابية المترتبة عليها..
وما نبغى إلا إصلاحاً وتوعية
بقلم: إبراهيم مصطفى
خبير اقتصاد واستثمار وتطوير أعمال