“بلومبرج”: قطاع الخدمات لن يكون قادرًا على تحمل الركود التصنيعي
أصبحت الصناعة الأوروبية في ورطة، وهناك خطر من أنها ستصيب أجزاء أخرى من الاقتصاد.. الأمر الذى سيعمق التباطؤ الذي يترك المنطقة بالفعل فى وضع اقتصادى هش.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” أن القلق يتزايد في الأسواق وحتى في البنك المركزي الأوروبي، من أن قطاع الخدمات لن يكون قادرًا على تحمل الركود التصنيعي الأوسع نطاقًا .
ومن شأن ذلك أن يقوض نمو الوظائف والطلب المحلي، وهما الركائز الأساسية التي تدعم الثقة في مستقبل اقتصاد منطقة اليورو.
يأتى ذلك فى الوقت الذى ساعدت فيه المرونة في مجالات أخرى منها النقل والتكنولوجيا، على التخفيف من وطأة قطاع الصناعات التحويلية الذي يعاني من تصاعد التوترات التجارية وضعف الطلب في الصين والمتاعب في صناعة السيارات.
لكن الخدمات لا يمكن أن تظل محصنة لفترة طويلة، تتغلغل المخاوف على أعلى مستوى من وضع السياسات.
ووصف رئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراجي، الأسبوع الماضي هذه العدوى بأنها “القضية الرئيسية” التي تحفز المسئولين على زيادة احتمالات خفض أسعار الفائدة.
وقال نيكولا نوبيل، الخبير الاقتصادي في جامعة “أكسفورد” الاقتصادية “الجانب المشرق هو أن الطلب المحلي يظل مرنًا تمامًا لجميع هذه العوامل الخارجية ولكنه لا يمكن أن يستمر إلى الأبد.
وتكمن المخاطرة فى أن عدد الطلبيات الصناعية يعني أن الشركات تستأجر وتستثمر أقل مما يزيد من النمو ولكن قد تعاني الثقة أيضًا مما يجعل الشركات والمستهلكين أكثر حذراً مع تداعيات الطلب على الإقراض المصرفي.
وفي الوقت الحالي، يتركز مصدر تراجع التصنيع في القارة في ألمانيا حيث هناك توقعات بحدوث انكماش شهرى لمؤشر مديري المشتريات العام الجارى.
وقالت مجموعة “سنتكس” البحثية، التي تتخذ من فرانكفورت مقرًا لها إن ألمانيا معرضة لخطر الركود وسط تصاعد الحمائية التي تؤثر على عملاق التصدير فى منطقة اليورو.
وانخفض مؤشر المجموعة الخاص بثقة المستثمرين للاقتصاد إلى أدنى مستوى له منذ عام 2010 مما يشير إلى أن الركود أصبح “قريب للغاية”.
يأتى ذلك فى الوقت الذى انخفض فيه مؤشر المجموعة أيضًا لمنطقة اليورو حيث تدهورت نظرة المستثمرين إلى ألمانيا وسط الحرب التجارية.
ورغم أن مؤشر “سنتكس” هو مقياس لآراء المستثمرين وليس مؤشر اقتصادي أوسع، فإن التحذير هو الأحدث في سلسلة من التقارير السلبية عن أكبر اقتصاد في أوروبا.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تبدو فيه فرنسا وإسبانيا وإيطاليا في حالة أفضل.. لكن النمو لا يزال يتعافى من الركود.
وأصبحت المخاطر كبيرة، إذ إن الخدمات تمثل حوالي ثلاثة أرباع الناتج في منطقة اليورو، حيث أثر انخفاض التجارة بالفعل على سوق الشحن الجوي، وانخفضت أحجام الشحن بنسبة 5% تقريبًا العام الماضي.
وأوضحت الوكالة الأمريكية ان شركة “دويتشه لوفتهانزا” تقوم بخفض بعض الخدمات خلال الربع الحالي والعام المقبل.
وفي إسبانيا، بدأ سائقو الشاحنات في ملاحظة تباطؤ طفيف في الطلب في الأشهر القليلة الماضية من عملاء في فرنسا وألمانيا متجاوزين 4 سنوات من النمو السنوي القوي.
وقال خوان خوسيه جيل، رئيس جمعية تمثل 32 ألف ناقل إسباني للشركات، إن ألمانيا هي قاطرة أوروبا .. و”إذا أصيبت ألمانيا بنزلة برد فإن بلدانًا أخرى فى المنطقة تمرض”.
ويشعر اقتصاد منطقة اليورو، بالفعل، ببعض الألم، إذ ظل النمو السنوي في أضعف مستوياته منذ أكثر من أربع سنوات في الربع الأول.
ومن المتوقع أن يصل معدل التوسع لعام 2019 إلى 1.2% أي أقل من نصف الوتيرة المتوقعة للولايات المتحدة.
ويشير البعض إلى قضايا ألمانيا المحددة مثل التعرض للتجارة العالمية ولا سيما السلع الرأسمالية والسيارات.
وجعلت الولايات المتحدة من السيارات هدفًا رئيسيًا لتعريفاتها وهو الامر الذى زاد من المشكلات الهيكلية مثل التحول إلى السيارات الكهربائية.
وقال ويليام دي فيلدر، كبير الاقتصاديين في بنك “بي إن بي باريبا”، إن الناس الذين يقولون بأن تباطؤ التصنيع غير طبيعي إلى حد كبير متأصل في التجارة وعدم اليقين وهذا ليس انعكاسا لانهيار الطلب المحلي.
ويتم دعم هذا الطلب المحلي من قبل سوق العمل وغالبًا ما يستشهد به صناع سياسة البنك المركزي الأوروبي، عند دفع وجهة نظر أكثر تفاؤلاً حيث نمت العمالة لمدة 23 ربعًا على التوالي وانخفض معدل البطالة إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عقد من الزمان.
وقال كارستن برزيسكي، الخبير الاقتصادي لدى شركة “آي إن جي” في فرانكفورت :”لدينا أسواق عمل قوية وأجور أعلى واستهلاك خاص جيد.. لكن في الوقت نفسه لدينا هذه الغيوم من عدم اليقين”.
وأضاف برزيسكى، أن البنك المركزي الأوروبي مستعد للعمل، وسيحتاج فقط إلى حادث اقتصادي صغير أو بسيط للغاية من أجل التحرك نحو أسعار الفائدة.