بدأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بالفعل حرب التجارة العالمية، ولكن فى الوقت الحالى توجد دلائل تشير إلى أنه ربما يستعد لدق طبول حرب العملة أيضاً.
ومع سلسلة من تغريدات الرئيس الأمريكى على موقع التواصل الاجتماعى (تويتر) التى تستهدف البنك المركزى الأوروبى، وإعلان ماريو دراجى، رئيس البنك الأوروبى، أنه مستعد لخفض أسعار الفائدة إلى ما دون الصفر رداً على تباطؤ النمو فى أوروبا، قام ترامب بإجراء تدخل أمريكى نادر فى السياسة النقدية للاقتصادات الأوروبية.
وقال «ترامب»، «إن مجموعة الحوافز المالية المحتملة لمنطقة اليورو التى ألمح إليها رئيس البنك المركزى الأوروبى، تعطى الاتحاد الأوروبى ميزة تنافسية غير منصفة».
من جانبه، أعلن ماريو دراجى، أن المزيد من الحوافز قد تأتى فى المستقبل، الأمر الذى أدى إلى انخفاض اليورو على الفور أمام الدولار، ما يجعل من السهل عليهم بشكل غير عادل التنافس ضد الولايات المتحدة الأمريكية.
وذكرت وكالة «بلومبرج»، أنه لم تكن هذه هى المرة الأولى التى يتهم فيها «ترامب» أطرافاً خارجية بالتلاعب بالعملات لجعل الدولار أكثر قوة، ما يرفع تكلفة الصادرات الأمريكية.
وأضافت الوكالة، أن «ترامب»، أصبح بالفعل فريداً بين الرؤساء الأمريكيين الجدد فى تحوله عن سياسة «الدولار القوى» لأسلافه السابقين.
وقال سيزار روخاس، الخبير الاقتصادى العالمى فى «سيتى جروب»، إن محافظى البنوك المركزية يضعون الأدوات المحتملة التى قد تكون لديهم وتحت تصرفهم على الرغم من عدم الدخول فى حرب عملة بعد.
واتفق وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية، الشهر الحالى، على أن حرب العملات، وهو تصرف تقوم به الدول فى أوقات النمو الاقتصادى البطىء لإضعاف أسعار صرف العملات من أجل زيادة الصادرات، ليست فى مصلحة أحد.
وأكدوا من جديد الالتزامات التى تم التعهد بها فى مارس عام 2018 بالامتناع عن تخفيض قيمة العملة.
وفى الشهر الماضى، رفعت وزارة الخزانة الأمريكية، عدد الاقتصادات التى تقوم بالتدقيق بها إلى 21 من 12، ووسعت قائمة الدول تحت المراقبة من 4 إلى 9 مضيفة؛ مثل أيرلندا وإيطاليا وسنغافورة، وفقاً لمعايير جديدة أكثر صرامة.
واقترحت وزارة التجارة فى 23 مايو الماضى السماح لشركات الولايات المتحدة بطلب فرض عقوبات تجارية على البضائع من البلدان ذات عملات مقومة بأقل من قيمتها رغم إعلانها أنها لا تنوى استهداف البنوك المركزية المستقلة أو قرارات السياسة النقدية الخاصة.
وذكرت «بلومبرج»، أن هناك الكثير من الاقتصاديين الذين يقولون إنه ينبغى على الولايات المتحدة اتخاذ نهج أكثر حدة لمعالجة التلاعب بالعملة من قبل الشركاء التجاريين.
وقال براد سيتسر، مسئول سابق فى وزارة الخزانة الأمريكية، إنَّ مواجهة التدخل فى تحديد قيمة العملة من قبل الحكومات الأجنبية يجب أن يكون أولوية قصوى فى السياسة الاقتصادية الدولية للولايات المتحدة؛ حيث إن التلاعب يضر بقدرة واشنطن على استخدام الصادرات للتعافى بعد الانكماش الاقتصادى.
وفى مقابلة مع «بلومبرج» قال «سيتسر»، إن تدخل ترامب، فى سياسة البنك المركزى الأوروبى، كان فى غير محله، ويعود السبب فى ذلك إلى حد كبير إلى أن تعليقات دراجى كانت تستهدف الظروف المحلية.
وأضاف: «معظم دول العالم تدرك أن البنك المركزى الأوروبى قد فشل فى تحقيق هدف التضخم، وأن هناك ضغوطاً عليه لتخفيف السياسة مع تباطؤ الاقتصاد الأوروبى».
ولقد تحدى ترامب، الأساسيات بعدة طرق بما فى ذلك انتقاداته المتكررة لرئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى، جيروم باول، لرفع أسعار الفائدة.
وطلب الرئيس الأمريكى من محامى «البيت الأبيض» فى وقت سابق من العام الحالى استكشاف خيارات الإطاحة بباول، كرئيس للاحتياطى الفيدرالى.
وقال جوزيف غانيون، زميل بارز فى معهد «بيترسون» للاقتصاد الدولى ومدافع آخر عن سياسة قوة العملة الأمريكية، إن تدخلات الدول لإضعاف عملاتها للتأثير على ميزانها التجارى انخفضت فى عام 2018 إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2001. لكن مستوى التزام «مجموعة العشرين» ضعيف، وإذا كان هناك تباطؤ عالمى فستشعر البلدان بالإغراء للغاية لانتهاك هذه الشروط ومحاولة المطالبة بظروف خاصة.
وأشارت الوكالة إلى أنه قد يكون لترامب، بعض الأسباب المشروعة للتذمر؛ حيث إنه منذ أن شن حروبه التجارية انخفض اليوان الصينى مقابل الدولار، ما دفع ترامب إلى الشكوى من أنه يقوض تأثير تعريفته وجهوده لزيادة الضغط على بكين.
ويُنظر إلى هذه التحركات فى العملات على نطاق واسع على أنها مرتبطة بضعف الاقتصادات الأوروبية والصينية والاقتصاد العالمى الذى يبدو هشاً بشكل متزايد، ويرجع الفضل فى ذلك جزئياً إلى حروب «ترامب» التجارية.
ولكن الخوف من ذلك هو أن غضب ترامب، من تحولات العملة يمكن أن يساعد أيضاً فى تأجيج المزيد من الإجراءات التجارية بما فى ذلك الرسوم الجمركية التى هدد بفرضها على السيارات المستوردة وقطع الغيار من الاتحاد الأوروبى ولكن تم تعليقها لمدة 180 يوماً.