خلال الأشهر الستة الماضية، لم يكن هناك رقم أكثر فزعا للمتفائلين بشأن الذهب مثل 1350 دولارا للأوقية، وباستثناء ارتفاعات قليلة وقصيرة، عانى المعدن لكسر هذا الحاجز منذ قفزه إلى 1900 دولارا للأوقية ما بين 2011 و2013.
ويعد ارتفاع الذهب فى هذا التوقيت هاما بشكل خاص لأن الأصل الذى لديه عوامل جوهرية قليلة تقود اداءه (باستثناء ارتباطه السلبى بالعملة الخضراء) يخضع على نحو غير معتاد للهراء النفسى الذى فى بعض الأحيان يتماشى مع التحليلات الفنية.
ويعتقد آلاف المستثمرين أن 1350 دولارا للأوقية هو «مستوى مقاومة» سيكافح الذهب لتجاوزه.
ونتيجة لذلك، من غير المرجح ان يبيعوا ممتلكاتهم منه مع اقتراب السعر من هذه النقطة، وأيضا من غير المرجح أن يغيروا وجهة نظرهم إذا أسرهم الذهب من خلال ارتفاعه بحدة.
ويبدو أننا فى هذه المنطقة الآن، فبعد صعوده لوقت قصير فوق مستوى 1350 دولارا للأوقية يوم الثلاثاء الماضى، ارتفع سوق الذهب الفورى فوق هذا المستوى يوم الأربعاء، ثم قفز إلى 1394 دولارا للأوقية فى تداولات صباح الخميس الآسيوية، فيما يعد أعلى صعود له منذ سبتمبر 2013.
والسؤال الآن هل هذه ارتفاعة مؤقتة أيضا؟
هناك بعض الأسباب التى تجعلنا نعتقد ان أفضل أيام المعدن أصبحت ورائنا، فعادة يميل المستثمرون للجوء إلى المعدن الأصفو عندما تتدهور توقعات النمو الاقتصادى، وإذا كنت تفكر فى الهروب إلى السندات السيادية الآمنة، فانظر إلى متوسط ذروة مكاسب الذهب خلال العقد الماضى والذى يقف عند %7.2، وهذه المرة بلغ الارتفاع %8 بالفعل.
وفى نفس الوقت، هناك علامات على إعادة تقييم كبير للتوقعات الاقتصادية عما رأيناه سابقا فى ارتفاعات الذهب فوق مستوى 1350 دلارا للأوقية فى يوليو 2016 ومارس 2014.
فتح رئيس الاحتياطى الفيدرالى، جيروم باول، الباب أمام خفض الفائدة بدءا من الشهر المقبل فى لقاء صحفى بعد اجتماع لجنة السوق المفتوح يوم الأربعاء الماضى، ويعد ذلك إلى حد كبير السبب الرئيسى وراء لمعان تداولات الذهب، وإذا خفض «الفيدرالى» الفائدة فى يوليو، فعلى الأرجح سيكون مقدار الخفض حوالى نصف نقطة مئوية وليس ربع نقطة مئوية، وفقا لروبرت ميد، مدير مشترك لمحفظة منطقة آسيا والمحيط الهادى فى «بيمكو».
وإذا يسر «الفيدرالى» السياسة المالية بقدر كبير، لإنقاذ الاقتصاد الذى يعانى من ثقل التعريفات التجارية، فيمكن أن نتوقع هبوطا كبيرا فى قيمة الدولار، وهو بالطبع أمرا إيجابيا للذهب.
وقد تقدم الصورة الاقتصادية المتداعية فى اوروبا بعض الدعم للمعدن الأصفر كذلك، وقد لا يقدم الذهب عائدا، ولكنه على الأقل لا يقدم عائدا سلبيا بالمقارنة مع السندات السياسية فى ألمانيا والسويد وهولندا وسويسرا والدنمارك والنمسا واليابان، وربما فرنسا أيضا قريبا.
ومع ذلك، يبدو أن صناديق الاستثمار غير مقتنعة تماماً بحجج صعود الذهب، وخلال الـ24 أسبوعا من العام الماضى كان مديرى الصناديق، الذين كانوا متفائلين دائما وبلا هوادة بشأن عقود وخيارات الذهب خلال معظم العقد الماضى، يستثمرون فى الذهب لآجال قصيرة، ولا يزالون يتوقعون تراجعه فى أحدث توقعاتهم الصادرة الشهر الماضى، ورغم أن حيازات الذهب طويلة الاجل ارتفعت إلى 156.718 عقد خلال الأسبوع الماضى، فإن هذه البيانات تخضع للتحول بمجرد حدوث أى تحركات فى الأصل تعطى المستثمرين فرصة لجنى الأرباح.
ومع ذلك، وفى عالم يبدو فيه ان عدم اليقين يشتد فى كل مرة يفتح فيها رئيس الولايات المتحدة تطبيق تويتر، لا عجب فى ان يصعد المعدن الأصفر الذى ينتعش فى الاجواء الفوضوية.
وكان 1350 دولار للاوقية سقفا لسعر الذهب لحوالى 6 سنوات، ولكنه قد يتحول بسهولة لأرضية فى المستقبل.
بقلم: ديفيد فيكلينج ؛كاتب مقالات رأي في بلومبرح
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء بلومبرج