شيخوخة الموظفين وموجة التقاعد تهدد فرص النمو فى العقد المقبل
أكاديميات المواهب وبرامج التدريب للموظفين القدامى أفضل العلاجات
ينظر الكثيرون إلى قطاع التأمين من خلال صورة نمطية تقوم على وجود مشكلة خطيرة تتعلق بسمعة الشركات، والتى يُنظر إليها على أنها جامدة ومملة وتفتقر إلى الابتكار، وغالبية الأشخاص لا ينهون مرحلة الدراسة الجامعية ظناً أنهم يريدون أن يكونوا مسئولى تخليص مطالبات تأمينية أو وكلاء تأمين.
يقول يديف ديواوى المستشار الإدارى فى شركة “Heat Recruitment”، إن المشكلة فى صناعة التأمين هى أنها لا تعتبر مثيرة أو يتم تسويقها على أنها مربحة ولا يتطلع أفضل الخريجين للعمل فى شركات التأمين.
المسألة الأخرى هى الرواتب، والتى ظلت راكدة إلى حد كبير خلال السنوات الأخيرة وخاصة فى الأدوار غير الإدارية والتقنية، حيث يبدأ معظم الوافدين حياتهم المهنية، على الرغم من أن هذا الوضع مسألة نسبية، إلا أنه يؤثر حتماً على جاذبية القطاع.
ومن العوامل الأخرى فى هذه التصورات السلبية الممارسات الواسعة الانتشار مثل سياسة رفع الأقساط بعد انضمام العملاء لمدة عام على أمل أن العميل لا ينتبه للزيادة ما يعنى انخفاض مستويات الثقة فى الشركة وموظفيها.
من ناحية أخرى، تواجه الصناعة تحديات داخلية أيضاً لا تقتصر على شيخوخة القوى العاملة فحسب بل إنها تواجه أيضاً موجة كبيرة من حالات التقاعد على مدى السنوات العشر القادمة، حيث يبدأ المزيد من الناس الذين ظلوا فى هذا القطاع معظم حياتهم المهنية فى المغادرة.
وتوضح سوزى توربين، مديرة شركة “ويلبرى ستراتون لأبحاث المواهب” والرئيس العالمى السابق للموارد التنفيذية لشركة تأمين متعددة الجنسيات أن التركيز ينصب الآن على محاولة جذب الموجة التالية من المواهب والاحتفاظ بها، وكيفية جعل الصناعة وجهة اختيار للكفاءات، ولكن هناك أيضاً مسألة التعامل مع قوة عاملة عابرة قد ترغب فقط فى البقاء لمدة 5 سنوات أو نحو ذلك ثم الانتقال إلى اكتساب المزيد من الخبرة باعتباره نموذج مختلف تماماً.
وتوجد عوامل مؤثرة أخرى تأثيرها أوسع وعلى الشركات أن تتحمل الاضطرابات المتوقعة بسبب مواقع، مقارنة الأسعار إلا أن وصول خدمات فورية وفعالة من حيث التكلفة من خلال شركات تكنولوجيا التأمين سيكون له أثر أكثر قسوة على الشركات التقليدية التى تفتقد للمواهب والابتكار.
ومن بين التحديات الرئيسية التى يواجهها شاغلو الوظائف وفقاً لما ذكره “ماكس ريختر” العضو المنتدب للتأمين فى شركة الاستشارات الإدارية “اكسنتشر”، العثور على الأفراد ذوى المؤهلات المناسبة للقيام بدور مهم، فعلى سبيل المثال تحتاج إدارة المطالبات أو الحسابات الاكتوارية للذين يتمتعون بالدهاء التكنولوجى ولديهم ما يكفى من الخيال الإبداعى للقيام بالأشياء بشكل مختلف.
ويقول ماكس، إن هذه المهارات مهمة لأى منظمة تسعى إلى تغيير نفسها إذا أرادت القيام بالأشياء بشكل أفضل ويعد وجود كتلة حرجة من الموهوبين للقيام بذلك أمر ضرورى أيضاً، لكن من المثير للاهتمام أن ريختر لا يرى أن شركات التكنولوجيا التأمينية الناشئة تشكل تهديداً إضافياً لفرص الحصول على المواهب، حيث يعتقد أنهم بالفعل يزيدون من المنافسة على المواهب، لكنهم ليسوا التحدى الأكبر بالضرورة لأنهم يتنافسون على نوعية من الخريجين لا يرغبون فى الانضمام للقطاع التأمينى التقليدى.
كما أن شركات تكنولوجيا التأمين تواجه تحديات خاصة بها مثل الاضطرار إلى توظيف أعداد كبيرة من مطورى البرمجيات، الذين يتم توظيفهم فى الغالب وفق معدلات التعاقد العالية بسبب ارتفاع مستويات الطلب، وبالتالى تكتفى بالعدد الذى يؤدى المهمة دون التفكير فى تحطيم قدرات المنافسين وحرمانهم من الوصول إلى المواهب.
وتتركز المشكلات المتعلقة بالموهبة التى يواجهها مقدمو خدمات التأمين الحاليين بكيفية أن يصبح صاحب العمل وهو هنا شركة التأمين من الخيارات المفضلة عندهم، وهو بلا شك أمر غاية فى الأهمية أن يتصدر جدول الأعمال التنفيذى للإدارة العليا ومع ذلك، لاتزال مبادرات جذب المهارات أو المواهب محدودة النطاق وليس على مستوى المؤسسة.
ويمكن ملاحظة نقطة مضيئة على المستوى التكتيكى، حيث بدأ اللاعبون الأكبر على الأقل بجلب المواهب من خارج القطاع وعلى المستوى العالمى، لا سيما على المستوى التنفيذى، كما يقومون بإنشاء أكاديميات لخريجى المدارس والكليات لضمان التدفق المستمر لأصحاب المهارات ودعم جهود تدريب المؤهلات القائمة فى قطاع التأمين لتحسين مهارات الموظفين الجدد والموظفين الحاليين، ولكن على مستوى أكثر استراتيجية، لايزال هناك الكثير من العمل الذى يتعين القيام به.
ولا يقتصر الأمر على أن تصبح الصناعة أفضل فى توصيل الفرص المتاحة للمرشحين المحتملين، والتى تشمل منحهم مهنة مستقرة تساعد المحتاجين، ويجب أيضًا إعادة التفكير فى عرض قيمة صاحب العمل وتجربة الموظف الكلية، وتضم أنماط التعلم والتطوير كل شىء بدءاً من التدريب والتوجيه إلى التناوب على الوظائف ويأتى على رأس القائمة الموظفين الشباب إذ أن المنافسة فى السوق المفتوحة على المبتكرين تبدو محسومة لصالح الخصوم.