صعود السمسار الرقمى.. تغير سلوك العملاء يفرض التحول
خروج الشركات التقليدية يفسر طفرة صفقات الاندماجات والاستحواذ
يقوم العمل فى سوق التأمين على الثقة والمشورة وهى أمور تحتاج لوقت ويصعب معها قبول التغيير بسهولة، لكن هذا المجتمع التقليدى بات يسعى وبقوة إلى رقمنة أعماله للنجاة، وبالتالى فإن قطاع السمسرة مدفوع بهذه القوة لمواكبة التطورات المرتبطة بالعملاء.
وقد يكون مسار السمسرة نشط وبصحة جيدة لكنه مرتبط بمجتمع التأمين غير المعروف تماماً بأنه رائد السرعة عندما يتعلق الأمر بالابتكار ولذلك فإن المخاوف من إزاء علاقة العملاء مرتفعة لأنها قد تتضرر من خلال التطورات الرقمية إذا لم تواكبها وبنفس السرعة.
نتيجة لذلك، كان اعتماد التكنولوجيا بين شركات التأمين والوسطاء أبطأ من القطاعات الأخرى، ومع ذلك، فإن الحقيقة هى أن التكنولوجيا فى الواقع تمكن الوسطاء من تقديم مشورة أفضل وأن يكونوا مستشاراً موثوقاً به بدرجة أكبر وأن يشكلوا علاقة أوثق مع العملاء من خلال تمكين المؤمن له من التواصل بالطريقة التى يرغب فيها.
بينما لاتزال قناة الوسطاء هى قناة توزيع التأمين الرئيسية، فإن العملاء يعيدون تعريف هذه الصناعة بشكل سريع بفضل التفاعلات الرقمية التى يستمتعون بها فى قطاعات أخرى مثل الخدمات المالية وتجارة التجزئة، وفى حين أن التكنولوجيا لاتزال غير جذرية فى تغيير كيفية إنشاء منتجات التأمين، فإنها بقدر أكبر نسبياً تسهم فى تحول كيفية عمل السماسرة وتزويدهم بالوقت للتركيز على سماتهم الأساسية فى عمليتى البيع وتقديم الخدمة.
يقول جيف بوردى، نائب الرئيس الأول للعمليات الدولية فى شركة “Applied Systems”، إن الرقمنة تغير تفكير المستهلكون فى وسيط التأمين الخاص بهم وما يمكن أن يوفره لهم كما تغير أيضاً الطريقة التى يختارون بها وسيطهم نفسه وهذا نتيجة التفاعلات التقنية خارج قطاع التأمين وليس داخله.
ويشير تقرير لصحيفة التايمز البريطانية إلى أن التكنولوجيا تمكن الوسيط من الاقتراب من المؤمن عليهم والتعرف عليهم أفضل وبالنظر إلى قاعدة عملاء “أبلايد سيستم” الخاصة فإن عرض الوسيط الرقمى هو أسرع العروض نمواً، لأنها تتيح للوسطاء أتمتة العمليات داخل مكتبهم لتحقيق كفاءات أكبر والتواصل بسهولة مع شركات التأمين لتقديم أفضل منتج بأفضل سعر إلى المستهلك.
وتزداد الآن وتيرة الاعتماد على التكنولوجيا فى صناعة التأمين، حيث يدرك الوسطاء الحاجة إلى تلبية توقعات المستهلكين وعادة ما تستمر دورة الحياة الكاملة لمعاملة التأمين لمدة 12 شهراً.
وتقليدياً، كان السماسرة يديرون أعمالهم عبر مجموعة متنوعة من المستندات اليدوية والنُظم وبوابات التأمين مما ينتج عنه فى كثير من الأحيان عمل يدوى زائد عن الحاجة ولا يوفر رؤية واحدة لعملائهم، لكن يحتاج الوسطاء الآن إلى تطبيق واحد مفتوح يوفر رؤية كاملة لأعمالهم فى جميع المنتجات والموظفين ومواقع المكاتب.
يقول جو سلطانة، العضو المنتدب لحلول السمسار فى شركة “أبلايد سيستم”، إن عمل الوسيط هو تقديم المشورة ورعاية عملائه ولا يتعلق الأمر بكونه خبير فى التكنولوجيا لذلك على شركات الوسطاة التأكد من أنهم شركاء مع مقدم الخدمة المناسب الذى يفهم الاحتياجات الفريدة لصناعة التأمين وخبرة البرامج التى يمكن أن تدفع القطاع إلى الأمام من خلال استغلال تكنولوجيا حديثة ومفتوحة وقابلة للتطوير.
ويمكن من خلال التكنولوجيا الأساسية للأعمال وعملياتها للوسطاء أن يتمتعوا بنمو وكفاءة قويين وجذب المواهب إلى الشركة وزيادة رضا العملاء مما يساعد على بناء المزيد من الثقة حيث تساعد فى تحسين الخدمة الرائعة التى يقدمها وسطاء المشورة بدلاً من استبدالها.
ويؤكد تقرير الصحيفة أن وتيرة التغيير ستستمر فى المستقبل البعيد لذلك يحتاج السماسرة إلى التفكير فى التكنولوجيا ليس بشكل منفصل عن استراتيجية العمل، ولكن كاستراتيجية واحدة.
وتتعاون شركات الوساطة التأمينية مع شركة “جوجل” للاستفادة من الخبرة الرائدة عالميا في مجال الابتكار بما فى ذلك الذكاء الاصطناعى لتعزيز قدرة الوسطاء على قيادة اتصالات أكثر ذكاء وأوثق.
وتحرص شركات الوساطة على مواكبة التغير الثقافى الضرورى المطلوب للتحول الرقمى من خلال أقسام للخدمات المهنية تساعد الوسطاء على تطبيق التكنولوجيا الرقمية وتدريب موظفيها عليها وتوفير أدوات للمؤمن لهم أيضاً للتفاعل رقمياً مع وسيطهم.
ويحتاج السماسرة الذين يقدمون مشورة موثوقة إلى مجموعة من المهارات التى لا تضعف بمرو الوقت، ولكنها تزيد خاصة فى ظل عالم أكثر تعقيداً، مما كان عليه قبل بضع سنوات مطلوب فيه فقط شريك يتمتع بخبرة عميقة للتعامل مع العملاء.
ومن خلال الفشل فى الاستجابة للتوقعات المتغيرة للعملاء يخاطر السماسرة بالتخلف عن الركب وتبنى الشركات الناشئة الجديدة قطاعاً رقمياً بالكامل يهدف إلى تعطيل إدارة الوسطاء التقليديين وفى الوقت نفسه يعتمد الوسطاء الآخرون الآن التقنيات الرقمية فى معاملة جماهيرهم، لأن رفضهم التغيير أو تنفيذ ابتكارات جديدة يعنى أنهم سيفقدون حصتهم فى السوق أو يضطرون إلى اتخاذ إجراءات أخرى.
وشهد السوق مؤخراً نشاطاً لعمليات الاندماج والاستحواذ لأن السماسرة الذين لا يرغبون فى تبنى التحول الرقمى فى النهاية سيخرجون والمستقبل سيشهد المزيد والمزيد من الوسطاء يعتمدون التكنولوجيا الرقمية لوضعهم فى أفضل مكان للنمو على المدى القصير والمدى الطويل.