لا أدرى ما الحل فى وزارة الزراعة، وما الجدوى من وجودها إذا كانت قد توقفت عن زراعة المحاصيل واقتصرت نشاطها على زراعة الفساد؟ هل يعقل أن كل الإدارات والهيئات التابعة للوزارة فاسدة؟
نعم ؛ فمنذ قيام ثورة يناير 2011، وهناك لجنة تحقيق قضائية مهمتها التحقيق فى فساد وزارة الزراعة فى كل هيئاتها والأشهر فى فساد هذه الوزارة تخصيص الأراضى، فالنهب فى هذه الوزارة للركب أشهر قضايا الفساد خرجت من هذه الوزارة منذ يوسف والى فى عهد مبارك ثم التحقيق مع أكثر من وزير لهذه الوزارة وآخرها وزير تم القبض عليه فى ميدان التحرير بسبب تلقيه رشاوى تأشيرات عمرة وحج وبدل عضوية نوادى رياضية.
أسماء كبيرة وقصص كثيرة عن الفساد فى هذه الوزارة آخرها ما رصده الجهاز المركزى للمحاسبات عن مخالفات لمجلس إدارة صندوث تنمية الثروة الحيوانية والذى يتولاه 3 من أصحاب المعاشات متوسط أعمار الواحد منهم يتجاوز الـ70 عاماً حصلوا على مرتبات ومكافآت تجاوزت المليون و307 آلاف فى عام واحد.. والمثير ليس فيما حصلوا عليه فقط إنما هو أن الوزارة لا تعلم أى شىء عن هذا الصندوق التابع لها منذ نحو 8 سنوات.. وأصحاب المعاشات يديرونه لصالحهم وليس لحساب الوزارة أو الدولة وهذه صورة مصغرة لأصغر قضايا الفساد فى هذه الوزارة الغنية بالفساد والنهب وكأن خزائن هذه الوزارة مفتوحة على مصراعيها دون رقيب أو حارس.
أعتقد أن أحد أهم أسباب الفساد هذه الوزارة هو تشعب مهامها وهيئاتها فالوزارة كبيرة جداً من حيث عدد الجهات التابعة لها، ناهيك عن أنها لا تملك رؤية أو استراتيجية للسياسة الزراعية فى البلاد.
فهذه الوزارة تعد الأكبر فى عدد العاملين وفى عدد وحجم الأصول المنتشرة فى كل ربوع البلاد وعدد الهيئات التابعة لها يفوق أى وزارة، إذن الأمر يتطلب إعادة هيكلة هذه الوزارة وضرورة تحديد دورها وفقاً لاستراتيجية تحدد السياسة الزراعية للبلاد وخريطة المحاصيل التى تحتاجها البلاد، ولابد من إعادة النظر فى بعض الهيئات التابعة للوزارة وذات الصلة بتخصيص الأراضى مثل هيئة التعمير والإصلاح الزراعى، فلماذا الإصرار على أن تكون هذه الوزارة مسئولة عن تخصيص الأراضى بعدما تم؟ كيف أن مساحات كبيرة من الأراضى ضاعت وتم الاستيلاء عليها أو بيعها بثمن بخس؟ اسألوا لجنة التحقيق فى فساد وزارة الزراعة عن كم قضايا الفساد فى هذه الوزارة وفى ملف الأراضى تحديداً.. علينا أن نبحث عن المفيد فى هذه الوزارة من أصول ونطورها أو يتم تصفيتها وخصخصتها فكثير من الهيئات والجهات التابعة للوزارة يمكن تحويلها لشركات تخضع للمساءلة والرقابة إذا ما تم طرح رأسمالها للاكتتاب.
ولقد ثبت فشل هيئة الوزارة على كل شىء خاص بالزراعة الأسمدة والمبيدات والبذور والأراضى والثروة الحيوانية ففى كل ما سبق ستجد قضايا فساد فى هذه القطاعات.. إذن لماذا الإبقاء عليها تحت سيطرة الوزارة؟
افهم أن يكون دون الوزارة تحديد السياسة الزراعية فى ضوء احتياجات البلاد بالتنسيق مع المزارعين والعمل على حل مشاكلهم أى دور إشرافى تنظيمى وليس تنفيذياً، ولهذا فشلت الوزارة فى تسويق مشروع المليون ونصف مليون فدان ، وسبق أن ألقى الرئيس السيسى اللوم على وزراء الزراعة المتعاقبين فى بطء تنفيذ مشروع المليون ونصف المليون فدان.
أتخيل أن هذه الوزارة لن تجد وزيراً يتولاها إذا ما استثمرت فى وضعها الحالى مرتعاً للفساد ، فالأجهزة الرقابية أصبحت مقيمة فى أروقة الوزارة ولا تجد صعوبة فى اكتشاف قضايا فساد وللأسف كل قيادتها معرضون للمساءلة والتحقيق، فالمناخ فى هذه الوزارة لم يعد مناخ عمل ولذلك لا ترى أى إنجاز لهذه الوزارة.. ولولا القطاع الخاص يعمل فى الزراعة لظهرت مشاكل كبيرة فى المعروض من السلع والمحاصيل الزراعية بالسوق المحلى.. إن الأمر فى هذه الوزارة يتطلب مؤتمراً قومياً للنهوض بالزراعة أو مائدة مستديرة تضم وزراء الزراعة السابقين والخبراء لإعادة هيكلة الوزارة، لا يجب أن نترك الأمور هكذا.. كل فترة نكتشف قضية فساد جديدة فى هذه الوزارة.. وإلا فإننا نحرث فى الرمال بإهدار أموالنا وثرواتنا فى أشياء ليست ذات جدوى وأصبح وجودها يثقل كاهل المصلحة العامة.