يمضى الاقتصاد الأسبانى قدماً نحو تسجيل طفرة كبيرة اعتماداً على النمو الذى يسير على المسار الصحيح منذ بداية العام ليتفوق على جميع الاقتصاديات الـ7 الكبار باستثناء الولايات المتحدة بناءً على التوسع الذى استمر بالفعل لمدة نصف عقد من الزمان.
وقالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إن هذه الطفرة المدهشة فى الاقتصاد الأسبانى دفعت البنك المركزى مؤخرًا إلى رفع توقعاته للنمو العام الحالى بنسبة 2.4% وهى ضعف ما تتوقعه المفوضية الأوروبية، لمنطقة اليورو.
وأشار الاقتصاديون فى بروكسل ومسؤولو صندوق النقد الدولى، فى واشنطن إلى أن هذا الزخم قد لا يستمر، ولكن وجهة النظر هذه عارضها المسئولون وبعض الاقتصاديين فى أسبانيا حيث أكدوا أن بلادهم حققت طفرة بعد نمو استمر 5 سنوات على التوالى بمعدل نمو سنوى يبلغ %3 تقريبًا.
وقال إجناسيو دى لاتورى، كبير الاقتصاديين لدى «أركانو بارتنرز» فى مدريد، «إننا نولد وظائف بأكثر من ضعف سرعة منطقة اليورو والولايات المتحدة فى ظل الأساسيات الجيدة ولا توجد مشكلة مع ارتفاع درجة الاضطرابات أو الاختلالات».
وأوضح دى لاتورى، الذى تحدى إجماع المحللين خلال الأزمة المصرفية فى أسبانيا عام 2012 وتنبأ بتحول الاقتصاد أن النمو لايزال قوياً على الرغم من التباطؤ العالمى.
يأتى ذلك فى الوقت الذى لا تزال فيه البلاد تعانى من تلاشى آثار أزمتها حيث بلغ معدل البطالة %14.7 أعلى بكثير من متوسط منطقة اليورو.
وفى الوقت نفسه، ساعد تحسن القدرة التنافسية من حيث التكلفة الصادرات يبلغ إجمالي الصادرات فى الوقت الحالى حوالى ثلث الناتج المحلى الإجمالى مقابل الربع قبل أن تبدأ الأمور فى التدهور عام 2008.
وقال مانويل دى لاروشا، المستشار الاقتصادى الأول لرئيس الوزراء إن هذه التحولات ترقى إلى تغيير هيكلى مضيفًا أن مسئولى بروكسل لم يكونوا مسؤولين عن هذا التحول.
وأوضح فى مقابلة مع الوكالة الأمريكية «أصبحنا نتغلب على جميع التوقعات حول كيفية انخفاض معدل البطالة عامًا بعد عام ونستمر فى خفض معدلات البطالة وليس هناك ضغوط تضخمية».
ويرى فريق دى لاروشا، أن معدل البطالة فى أسبانيا سوف ينخفض إلى أقل من %10 بحلول عام 2022، وهذا الانخفاض المطرد يدعم توقعات الحكومة على المدى المتوسط الأكثر حدة التى حددها خبرائها بنحو %1.8 فى عام 2022.
وأظهر المستثمرون أيضًا ثقتهم فى أسبانيا مع إبقاء تكاليف الاقتراض السيادى تحت السيطرة فى عام 2018 بالمقارنة مع قفزة العوائد فى إيطاليا.
يأتى ذلك بعد أن تجاهل المستثمرون عدم اليقين خلال الانتخابات ووضع الميزانية والمخاوف بشأن استقلال كاتالونيا.
وتتمثل القضية الأساسية ضد تحقيق حلم النمو فى أسبانيا فى أن البلاد لا تزال تعانى من مشاكل عميقة مثل سوق العمل الذى لايزال يعانى من خلل وظيفى.
وقالت المفوضية الأوروبية، وصندوق النقد الدولى، إن معدل البطالة من غير المرجح أن ينخفض بشكل كبير خلال السنوات القليلة المقبلة، لأنه يرتفع بالفعل مقابل حد هيكلى يبلغ %15.
وحذر المسؤولون من أنه إذا انخفض معدل البطالة إلى أقل من ذلك فقد يؤدى إلى ارتفاع التضخم وزيادة الأجور التى تتعثر فيها الإنتاجية مما يقوض النمو الإجمالى.
وأشارت «بلومبرج» إلى أن هذا هو الأساس لتوقعات المفوضية الأوروبية، بأن الوفرة الاقتصادية لأسبانيا سوف تتلاشى بسرعة وتستقر فى معدل يبلغ حوالى %1.3 حتى عام 2023.
إن الجدل الدائر حول الركود فى سوق العمل فى أسبانيا والاقتصاد الأوسع له عواقب فورية على صراعات السياسة المالية بين مدريد وبروكسل.
وقالت الوكالة الأمريكية، إن انخفاض تقدير المفوضية الأوروبية، للنمو المحتمل يعنى أنها ترى مساحة مالية أقل للحكومة.
وعلى الرغم من أن العجز الرئيسى فى أسبانيا يضيق فإن الاتحاد الأوروبى يحسب الفجوة الهيكلية التى تسير فى الاتجاه المعاكس ويريد اتخاذ إجراء لمعالجة هذا الأمر.
وأكدّ مسئولو مدريد، أن هناك حاجة للتغييرات مع مرور الوقت من أجل زيادة الإنتاجية ولكنهم يصرون على أن النمو الاقتصادى سوف يستمر فى تخفيف الفجوة بالميزانية.
وقال رافئل دومنيك، رئيس التحليل الاقتصادى فى «بى بى فى إيه» للاستشارات الاقتصادية إن أسبانيا بحاجة إلى معالجة المشاكل الهيكلية بغض النظر عن الجدال حول المدى الذى يمكن أن تنخفض فيه البطالة، وأضاف دومينيك «نحتاج إلى التركيز أكثر على كيفية الاستعداد بشكل أفضل للأزمة القادمة».