فى أوائل عام 2018، أمام جمهور من الرؤساء التنفيذيين والسياسيين فى منتدى “دافوس” الاقتصادى واجه ستيفن منوشن، وزير الخزانة الأمريكى مشكلة بعد إعلانه أن الدولار الأضعف من شأنه أن يساعد المصنعين الأمريكيين فى تصدير منتجاتهم.
وألقى منوشن، بظلال من الشك على السياسة التي تتبعها الإدارات الأمريكية المتعاقبة لأكثر من عقدين من الزمان، وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أنه عندما تم السماح مؤخرًا لوزير الخزانة التحدث بحرية أعلن أن الصين تتلاعب بعملتها لخلق ميزة تنافسية غير عادلة مع الإشارة إلى أن قيمة العملة الأمريكية مبالغ فيها مقابل اليوان ولم تعد الوزارة ملتزمة بالقواعد الكلامية لسياسة الدولار القوى.
ومع ذلك، ليس من الواضح على الفور ما الذى يمكن أن تفعله الولايات المتحدة بشأن الدولار القوى حيث سيكون من الصعب على وزارة الخزانة معالجة المشكلة دون مساعدة من مجلس الاحتياطى الفيدرالى، وبقية البنوك المركزية فى العالم.
وحث الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بدرجات متفاوتة من الشدة وزير خزانته والممثل التجارى للولايات المتحدة روبرت لايتيزر، على أن يكونا أكثر عدوانية بشأن سعر صرف اليوان مقابل الدولار.
وفى الآونة الأخيرة أعرب ترامب، عن إحباطه على نطاق واسع بشأن قيمة الدولار.
وجاء إعلان الصين عن التلاعب بالعملة بعد قرار بكين السماح لليوان بالانخفاض إلى أقل من 7 يوان مقابل الدولار.
ووصف براد سيتسر، مسئول الخزانة فى عهد الرئيس السابق باراك أوباما، هذه الخطوة بأنها تصعيد كبير.
يأتى ذلك فى الوقت الذى طالب فيه تشاك شومر، أكبر ديموقراطى فى مجلس الشيوخ، باتخاذ إجراءات بشأن اليوان فى وقت قدمت فيه السيناتور إليزابيث وارين، المرشحة الديمقراطية للرئاسة بالفعل الدولار الأضعف كأحد وعود حملتها الانتخابية.
وقال سيتسر، إن قيمة الدولار مبالغ فيها الآن لأن الولايات المتحدة هى الاقتصاد الرئيسى الوحيد المتطور الذى يتمتع ببنك مركزى تزيد أسعار الفائدة فيه بدرجة كبيرة عن الصفر.
وارتفع الدولار على نطاق تجارى حقيقى أواخر عام 2014 وأوائل عام 2015 بعد تراجع البنك المركزى الأوروبى وبنك اليابان، عن تشديد سياستهما النقدية فى حين ذهب مجلس الاحتياطى الفيدرالى، فى الاتجاه المعاكس.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه إذا رغب البيت الأبيض ووزارة الخزانة وعدد قليل من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين أن يفعلوا شيئًا حيال الدولار فسوف يحتاجون إلى تعاون مجلس الاحتياطى الفيدرالى، مما قد يضعف العملة عن طريق خفض أسعار الفائد.
وتجاهل الدولار قرار الاحتياطى الفيدرالى، المفاجئ بعد خفضه سعر الفائدة الأسبوع الماضى حيث ارتفع إلى أعلى مستوى فى عامين مقابل نظرائه من العملات الأخرى.
وتأتى هذه القوة المستمرة فى الوقت الذى يبدأ فيه محافظو البنوك المركزية العالمية فى تخفيف السياسة النقدية.
وقال وين ثين، الرئيس العالمى لاستراتيجية العملة لدى “براون براذرز هاريمان” إن أى نوع من التدخل الأحادى محكوم عليه بالفشل وسيكون من المستحيل إشراك كل شخص فى إدارة السياسة النقدية.
وأوضح فريد بيرجستين، مدير مؤسس لمعهد “بيترسون” للاقتصاد الدولى أنه من الممكن لوزارة الخزانة القيام بعمليات شراء مستهدفة بعملات محددة لرفع قيمها.
ووصف هذه السياسة بأنها “رادع نووى” حيث تمثل تهديد لثنى الدول الأخرى عن التلاعب بعملاتها.
وقال بارى إيتشينجرين، أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا فى “بيركلى” إنه من المرجح أن يكون لـ”عمليات ترامب” تأثير مفتوح إلا إذا لم تدعمه التغييرات الفعلية فى السياسة.
وذكرت “فاينانشيال تايمز” أن المستثمرين يبحثون عن عائدات أعلى وأكثر أمانًا فى الولايات المتحدة حيث تستمر البنوك المركزية العالمية فى الاحتفاظ بأكثر من 60% من احتياطياتها المخصصة بالدولار.
وأشار مايكل بوردو، مؤرخ نقدى وأستاذ علوم اقتصادية بجامعة “روتجرز” فى نيو جيرسى، إلى أن السبب وراء عدم هبوط الدولار يتمثل فى أن العملة الأمريكية هى الملاذ الآمن وسوف يحتفظ الناس بالدولار فى فترة عدم اليقين العالمى.