تؤثر العقوبات الأمريكية بشكل سلبى على اقتصاد إيران، بعد أن أجبرت جميع الشركات الغربية على التوقف عن الاستثمار فى الجمهورية الإسلامية، وتسببت فى انخفاض إنتاج البترول إلى أدنى مستوياته خلال أكثر من 3 عقود وندرة العملات الأجنبية بشكل كبير، كما تسارع التضخم إلى أكثر من 50% وعانت البلاد من نقص بعض الأطعمة والأدوية.
وأوضحت وكالة أنباء “بلومبرج” أن إيران اتجهت لإصلاح نظام عملتها فى محاولة منها لتخفيف الألم الاقتصادى الذى أصابها.
وتعرض الريال الإيرانى لضغوط شديدة بسبب تشديد العقوبات وما تبعها من انهيار لعائدات البترول، ولكن إيران أحكمت قبضتها على عملتها لفترة طويلة وكانت مترددة فى السماح بتخفيض قيمتها، وحافظت على سعر الصرف الرسمى عند 42 ألف ريال للدولار الأمريكى منذ منتصف عام 2018.
ولكن فى ظل ندرة النقد الأجنبى بالنظام المصرفى، تحول الإيرانيون بشكل كبير إلى السوق السوداء غير الخاضعة للتنظيم لدفع ثمن كل شئ، بداية من السيارات المستوردة إلى رسوم الجامعات فى الخارج.
ومنذ بداية عام 2019 حتى بداية مايو الماضى، انخفضت قيمة الريال الإيرانى بنحو 30% فى شوارع طهران ليصل إلى 156.500 ريال مقابل الدولار، مما تسبب فى ارتفاع الأسعار وأدى إلى اضطرابات اجتماعية.
وأوضحت “بلومبرج”، أن إيران أنشأت نظاماً أساسياً لأسعار صرف متعددة، بهدف ترويض السوق السوداء، حيث قدمت منصة تداول للعملات باسم “نيما” للتعامل مع الشركات المحلية فى العام الماضى، ولكن معظم المصدرين فضلوا بيع العملات اﻷجنبية فى السوق غير الخاضعة للتنظيم، نظراً لاقتراب سعر الريال فى منصة “نيما” من سعر الصرف الرسمى، وبالتالى كان يُعتقد بأنه سعراً مبالغاً فى قيمته.
وفى الأشهر الأخيرة، سمح البنك المركزى الإيرانى لسعر الريال فى منصة “نيما” بالانخفاض بشكل كبير لتشجيع المزيد من الشركات على بيع العملات الأجنبية، كما أعلنت حكومة الرئيس حسن روحانى أنه سيتم إعادة تقييم الريال من خلال شطب أربعة أصفار.
ونجحت الخطة فى تعزيز الريال الإيرانى بالسوق غير المنظم، فقد ارتفعت قيمته منذ مايو الماضى بأكثر من 30% ليصل إلى 118.000، وهى نفس معدلات “نيما” تقريباً.
وقال ستيف هانك، أستاذ الاقتصاد التطبيقى بجامعة “جونز هوبكنز” اﻷمريكية، إن معدلات التضخم السنوية، التى وصلت إلى ذروتها عند 400% العام الماضى، قد انخفضت إلى 24% بحلول أغسطس الجارى.
وآثارت “بلومبرج” تساؤلاً حول أسباب عدم إقدام إيران على تحرير سعر صرف العملة، ولكن المسؤولين يشعرون بالقلق من مدى تراجع الريال إذا حددت اﻷسواق قيمته بشكل كامل، مما يتسبب فى تسارع التضخم مرة أخرى.
وقال المحللون إن الذين يتمتعون بصلات سياسية قوية، يحصلون على دولارات رخيصة، فى حين تُرفض معظم طلبات الأعمال المشروعة، وبالتالى لن يقبلوا بسهولة عملة سعر صرفها محرر.