«مورجان ستانلى»: القاهرة أفضل قصة إصلاح اقتصادى فى الشرق الأوسط وربما فى الأسواق الناشئة
قبل ثلاث سنوات، كان الاقتصاد المصرى يتأرجح نحو الهاوية؛ حيث قام رجال الأعمال بالبحث عن السوق السوداء للحصول على الدولار، وتجنب المستثمرون الأجانب ضخ أموالهم فى البلاد.
ولكن تغير الوضع فى الوقت الحالى؛ حيث يتم الآن الترحيب بمصر من قبل المستثمرين باعتبارها واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً فى المنطقة، والتى يفضلها مستثمرو السندات الدوليون الذين يبحثون عن عوائد عالية فى بيئة عالمية غير مستقرة بشكل متزايد. ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن المستثمرين أشادوا بتنفيذ الحكومة للإصلاحات الجريئة والحساسة سياسياً والتى رفضتها الإدارات السابقة المتعاقبة.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن التحدى الذى يواجه الرئيس المصرى يتمثل فى تحويل تحسينات الاقتصاد الكلى للبلاد إلى رخاء لشعبه البالغ عدده 100 مليون نسمة.
وكشفت الإحصائيات الرسمية أن الفقر لا يزال فى ارتفاع، والاستثمار الأجنبى المباشر ضعيف باستثناء قطاع البترول والغاز.
وقال روشير شارما، كبير الاستراتيجيين العالميين فى «مورجان ستانلى»، إنَّ مصر تعد أفضل قصة إصلاح فى الشرق الأوسط وربما فى أى سوق ناشئ آخر فى إشارة إلى المكاسب الاقتصادية التى حققتها البلاد مؤخراً.
وأضاف »شارما«، «مصر على المسار الصحيح لتصبح دولة ناجحة للغاية»، معرباً عن تفاؤله بمستقبل البلاد.
ومع اكتمال برنامج الإصلاحات الاقتصادية الصعبة، الشهر الماضى، والذى تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولى مقابل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، يتباهى المسئولون المصريون بأنهم تجنبوا الانهيار، ووضعوا الاقتصاد على مسار أكثر استدامة. يأتى ذلك فى الوقت الذى تسارع فيه النمو الاقتصادى إلى 5.6% فى السنة المالية التى انتهت، فى يونيو الماضى، وهو أعلى مستوى منذ عام 2010.
وانخفض العجز إلى 8.2% من الناتج المحلى الإجمالى العام الحالى، مقارنة بنسبة بلغت 12.2% قبل 3 سنوات.
ومع ذلك، كشف الاقتصاديون ورجال الأعمال، أنه يتعين على الحكومة إلغاء قيود القطاع الخاص إذا كانت ترغب فى التخلص من الديون والإسراع فى خلق فرص عمل.
وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أن هذا الأمر يتطلب إصلاحات تتراوح بين القضاء على البيروقراطية وتحسين الوصول إلى الأراضى الصناعية وطمأنة المستثمرين حول دور وحدود مشاركة الجيش فى الاقتصاد.
وبموجب اتفاق صندوق النقد الدولى، قامت الحكومة بتخفيض قيمة العملة بشكل حاد وقلّصت دعم الطاقة وفرضت ضريبة القيمة المضافة.
وتوافد مستثمرو السندات الذين اجتذبتهم عائدات تتخطى نسبتها 17% إلى البلاد.
لكن تقرير صادر عن البنك الدولى، فى يوليو الماضى، حذر من أن نشاط القطاع الخاص غير النفطى ما زال يعانى بيئة تجارية مليئة بالتحديات.
وقال البنك الدولى، إن الإصلاحات المستقبلية ينبغى أن تركز بدرجة أكبر على تهيئة المجال لإتاحة مزيد من مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد على أساس قواعد عادلة وشفافة للمنافسة والتمكين الاقتصادى.
وقال محمد أبوباشا، رئيس قسم التحليل الكلى فى المجموعة المالية (هيرميس)، إن الشركات متعددة الجنسيات أبدت رغبتها للاستثمار فى مصر، لكن المبالغ التى تم التعهد بها لا تزال متواضعة؛ لأن الاستهلاك العام لم ينتعش بعد إلى مستويات ما قبل عام 2016.
وأدى التضخم الذى بلغ متوسطه 21% فى السنة المالية المنتهية، يونيو الماضى، إلى الحد من القوة الشرائية للأسر، ما أضر بمعدل الطلب.
لكن التضخم تراجع إلى 8.7% الشهر الماضى وهو أدنى مستوى له فى 4 سنوات.
وتوضح الأرقام الرسمية، أيضاً، تأثير تدابير التقشف على معدلات الفقر؛ حيث ارتفع عدد المصريين الذين هبطوا تحت خط الفقر إلى 32.5% من السكان العام الماضى، مقارنة بنسبة من 27.8% فى عام 2015، وهذا يترجم إلى إضافة أكثر من 4 ملايين شخص إلى صفوف الفقراء.
وأعلنت السلطات أن النمو الاقتصادى وخلق فرص العمل هما أكبر التحديات التى تواجهها مصر وعلى الحكومة إيجاد فرص عمل لحوالى 700 ألف شخص من الداخلين الجدد إلى سوق العمل سنوياً.
ذكرت الصحيفة البريطانية، أن الحكومة أصرت على أنها ملتزمة بتحسين الأجواء للقطاع الخاص، لكنَّ الدبلوماسيين ورجال الأعمال يعربون عن مخاوفهم من توسيع مشاركة الدولة فى شكل هيئات عسكرية وأمنية فى الاقتصاد.
وحذر دبلوماسى غربى من «الارتباك والتشويه فى المنافسة» فى إشارة إلى قطاع الأسمنت المتعثر الذى يعانى بالفعل زيادة العرض قبل أن تجلب المصانع العسكرية طاقة إضافية العام الماضى من خلال إطلاق أكبر مصنع للأسمنت فى البلاد.
ومنذ توليه منصبه فى عام 2014 اعتمد الرئيس السيسى على الجيش لإنعاش الاقتصاد المتعثر فى غياب استثمارات القطاع الخاص منذ ثورة 2011 التى أطاحت بالزعيم السابق حسنى مبارك.
وتقول الصحيفة، إن الجيش ساعد، أيضاً، فى الحفاظ على السلام الاجتماعى من خلال توفير طعام رخيص فى المناطق الفقيرة؛ حيث تعرضت العائلات للمعاناة؛ بسبب ارتفاع الأسعار، لكن استثماراته توسعت فى قطاعات مثل الأسمنت والصلب والأدوية وتربية الأسماك والإمدادات الطبية والعقارات.
وقال أحد رجال الأعمال المحليين، «الشركات مرتبكة بشأن نوع الاقتصاد الذى تريده الدولة».
وتساءل: «هل نحن ذاهبون إلى النموذج الصينى بحيث تصبح الشركات المملوكة للدولة هم اللاعبين الكبار؟ فالقطاع الخاص يريد الوضوح».
وأضاف «فى الصين، يدرك رواد الأعمال أنه فى بعض القطاعات عليك أن تتعاون مع الدولة وبعض القطاعات الأخرى تكون الدولة بعيدة كل البعد عنها».