لجأت وزارة التجارة والصناعة قبل عام، إلى دعم القطاع الصناعى بعدد من المبادرات والبرامج التحفزية، وكان آخرها اطلاق البرنامج القومى لتعميق التصنيع المحلى عام 2018، والذى يهدف إلى ترشيد استيراد بعض السلع التى تصنع محليًا لتشجيع الصناعة الوطنية من خلال زيادة نسبة المكون المحلى فيها.
واعتبر الصناع، أن البرنامج حفز عددا كبيرا من الشركات على زيادة نسبة المكون المحلى فى المنتج، فى حين يرى آخرون أن إطلاق أى برنامج فى ظل تراجع دعم مستلزمات الإنتاج لتعزيز تنافسية المنتج، بمثابة «أمر غير محفز».
قال خالد أبو المكارم رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية، إن جميع المبادرات التى تطلقها وزارة الصناعة والتجارة تستهدف تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة تقوم على تشجيع الإنتاج، وزيادة معدلات التصدير، واتاحة آلاف من فرص العمل داخل السوق.
أضاف أبوالمكارم لـ«البورصة»، أن نسبة المكون المحلى فى قطاع الكيماويات فى تزايد مستمر منذ إطلاق برنامج تعميق التصنيع المحلى، إذ ارتفعت فى المنتجات من %30 إلى %40 حاليًا، وتعد خطوة إيجابية وتفصح عن مدى تفاعلية الشركات مع البرنامج.
وأرجع أبو المكارم هذه الزيادة إلى فتح قنوات اتصال بين الشركات مع بعضها البعض، لتوفير جميع احتياجاتها من المواد التى تستوردها وتوفيرها محليًا.
وأشار إلى أن زيادة نسبة المكون المحلى فى منتجات قطاع الكيماويات، تعنى خفض الفاتورة الاستيرادية للقطاع بمعدلات تصل إلى %20.. الأمر الذى ينعكس إيجابيا على السوق المصرى فى خفض السعر النهائى للمنتج، وتوفير السيولة الدولارية للدولة التى تستنزفها فى عملية الاستيراد.
وأوضح أبو المكارم أن نهوض الدولة بالقطاع الصناعى الفترة الحالية، ليس من باب الترفيه بل لكونه من العناصر الرئيسية فى تحقيق التنمية الاقتصادية المستهدف بنهاية 2030، مشيرا إلى نسبة مساهمة القطاع الصناعى فى الناتج المحلى الإجمالى تتجاوز %18، وتسعى الدولة حاليًا إلى مضاعفته من خلال تلك المبادرات.
وتستهدف وزارة الصناعة والتجارة، من البرنامج القومى لتعميق التصنيع المحلى تعزيز تنافسية الصناعة الوطنية، ودعم الأنشطة الإنتاجية فى القطاعات الواعدة ليتماشى مع استراتيجية التنمية المستدامة والوصول إلى معدلات نمو صناعى تصل إلى %10 سنويا بحلول عام 2030بحسب الوزارة.
وقال حسام فريد أثناء توليه منصب مستشار وزير الصناعة والتجارة إن الحكومة تتطلع لأن يسهم البرنامج فى خفض عجز الميزان التجارى بنسبة %20 خلال العام الحالى.
أضاف أن البرنامج يتضمن التركيز على 3 قطاعات رئيسية هى «الكيماويات» و«مواد البناء» و«الصناعات الهندسية» المساهمة بشكل كبير فى الميزان التجارى المصرى، والتى تستحوذ على هيكل الواردات بشكل كبير، موضحًا أن هذه القطاعات الثلاثة تستحوذ على %63 من إجمالى واردات الدولة بواقع %27 للصناعات الهندسية، و%16 للصناعات الكيماوية، وبنسبة %20 لمواد البناء.
وقال كمال الدسوقى نائب رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، إن البرنامج حقق استفادة كبيرة لقطاع مواد البناء بشكل عام وللمواد العازلة بشكل خاص، والتى وصلت نسبة المكون المحلى فيها إلى نحو %70.
وأضاف الدسوقى لـ«البورصة» أن تشجيع الصناعات الصغيرة على التطور ومساعدتها من قبل الدولة فى تسويق منتجاتها سيرشد الفاتورة الاستيرادية بشكل كبير، وسيرفع نسبة المكون المحلى فى المنتج نظرًا لحالة التناغم الذى يمثلها القطاعان معا.
وأشار الدسوقى إلى أن الغرفة تستهدف زيادة نسبة المكون المحلى فى المنتج إلى %80 بنهاية العام الحالى، من خلال التشبيك مع أصحاب المشروعات الصغيرة التى تنتج مستلزمات الإنتاج والمصانع الكبيرة التى تعتمد عليها كصناعات تكاملية.
وذكر أن الاهتمام بتعميق الصناعة المحلية يعد أهم دعائم الاقتصاد فى الوقت الحالى والذى ينعكس على خفض عجز الميزان التجارى، مطالبًا الدولة بتقديم مزيد من الدعم إلى المصنعين حتى يتمكنوا من تنفيذ خططهم الاستثمارية المؤجلة.
وأعلن مركز تحديث الصناعة، التابع لوزارة التجارة والصناعة نهاية أبريل الماضى، حصر 248 مدخل إنتاج مستورد، وجار دراسة إمكانية صناعتها محليًا بهدف تعميق الصناعة الوطنية.
كما أعد المركز تقريراً لتقييم أداء البرنامج القومى لتعميق التصنيع المحلى، خلال الأشهر الستة الماضية، ليتضمن بيانات مدخلات الإنتاج المستوردة من 105 منشآت صناعية تعمل فى قطاعات الصناعات الهندسية، والكيماوية، والغذائية، والنسيجية والملابس الجاهزة، والتعبئة والتغليف، ومستحضرات التجميل.
وذكر المركز أنه يسعى إلى تعزيز الشراكات بين المنشآت الصناعية والموردين المحليين، من خلال تطوير نموذج لمنصة إلكترونية خاصة بالبرنامج تهدف إلى توفير معلومات متكاملة عن القطاع الصناعى المصرى، تشمل احتياجاته وقدراته التصنيعية الحالية وفرص الاستثمار الصناعى، ما يسهم فى التشبيك بين المصنعين والموردين على المستويين؛ المحلى والدولي.
وقال بهاء العادلى عضو مجلس إدارة الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، إن توجه المصانع إلى الاستيراد ليس قرارًا اختياريًا، بل لعدم وفرة بعض مستلزمات الإنتاج أو الصناعات المغذية فى السوق المحلى.
واعتبر أن أهداف البرنامج غير معلومة لقاعدة كبيرة من أعضاء جمعيات المستثمرين، خاصة أنهم يستحوذون على أكثر من %60 من المصانع العاملة فى مصر، وعدم معرفتهم بهذه المبادرات لن يجدى نفعًا على الاقتصاد الكلى أو على الشركات أو الأفراد.
وأشار إلى أن تشجيع التصنيع المحلى يحتاج إلى العديد من المميزات والحوافز يأتى على رأسها دعم مستلزمات الإنتاج، وفتح أسواق تصديرية بدلا من الاعتماد على السوق المحلى الذى يحجم عملية التطور نظرًا لتشبعه بشكل سريع من بعض الصناعات.
وتابع: «الطلب على المنتج هو ما يخلق سوقا للسلعة.. وحال ضعف الطلب تتوقف عجلة الإنتاج» لذلك يجب على الدولة أن تقف بجانب المصنع فى تلبية احتياجاته حتى يضمن استمرارية الإنتاج.