أصدرت وزارة المالية قراراً بوقف العمل بآلية أسعار العملات الأجنبية الجمركية المحددة شهرياً بداية من سبتمبر الجارى، والبدء فى تطبيق أسعار الصرف الرسمية المعلنة من قبل البنك المركزى بشكل يومى، قد حددت مسبقاً أسعار صرف الدولار الجمركى للسلع غير الأساسية عند 16.62 جنيه، وللسلع الأساسية عند 16 جنيهاً للدولار الواحد شهرياً.
وأكدت وزارة المالية، أن العمل بتحرير سعر صرف العملات الأجنبية تم اعتباراً من أول سبتمبر الجارى، وذلك عودة للأصل العام المقرر طبقاً لقانون الجمارك، بعد اختفاء الظروف والعوامل التى دفعت الحكومة لتحديد قيمة للدولار الجمركى فى بعض تعاملاتها، ولكن الآن استقرت أسعار العملات الأجنبية المعلنة من البنك المركزى، وتقاربت مع أسعار الدولار الجمركى.
وتضاربت الأقاويل والآراء حول تأثير القرار على سوق السيارات المصرى، الذى بات غير قادر على تحمل مزيد من الأعباء، واختلفت آراء خبراء القطاع؛ حيث صرح البعض منهم بأن القرار مر على سوق السيارات مرور الكرام، وحذر آخرون من تداعياته.
ومن جانبه، أكد المهندس عبدالمنعم القاضى، نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، أن قرار وزارة المالية لن يؤثر على أسعار السيارات أو أسعار قطع الغيار، موضحاً أن سعر صرف العملة الأجنبية للواردات الجمركية من السلع الاستراتيجية كان محدداً عند 16 جنيهاً، و18 جنيهاً للدولار الواحد بالنسبة للسلع غير الاستراتيجية، وتنضم قطع غيار السيارات لفئة السلع غير الاستراتيجية.
ورجح انخفاض أسعار قطع الغيار المستوردة؛ نتيجة تحرير سعر صرف الدولار الجمركى لتصبح قيمته 16.63 جنيه بعد أن كان 18 جنيهاً مستثنياً بذلك وجود بعض قطع الغيار التى تنضم للسلع الاستراتيجية.
وأشار «القاضى» إلى احتمالية زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج بشكل طفيف؛ نتيجة تغير قيمة استيرادها الناتجة عن تحرير أسعار العملة الأجنبية الجمركية، مؤكداً أن فرق القيمة السعرية طفيف.
وأضاف أن المكونات المستوردة التى تدخل فى عمليات التجميع المحلى للسيارات لن تتأثر كثيراً بتحرير أسعار العملات، وفى حال ارتفاع سعرها لن تتعدى الزيادة فى الاسعار نسبة %1.
وعلى السياق نفسه، يرى اللواء حسين مصطفى، خبير صناعة السيارات، المدير التنفيذى السابق لرابطة مصنعى السيارات، أن تحرير الأسعار قرار غير مؤثر على قطاع السيارات فى مصر؛ حيث إن السيارات تعامل بأسعار صرف العملات الأجنبية المعلن عنها من قبل البنك المركزى وليس لها أى علاقة بالدولار الجمركى المحدد للسلع الاستراتيجية فقط التى من ضمنها خامات ومستلزمات الإنتاج.
وأوضح أن التأثير على مستلزمات الإنتاج سيكون محدوداً جداً وغير ملموس؛ نظراً إلى وجود فرق طفيف فى القيمة السعرية بين الدولار الجمركى والدولار الحر؛ حيث يرتفع الأخير بقيمة 60 قرشاً فقط أى بنسبة %3.6 عن الأول، بالإضافة إلى وجود بنود جمركية خاصة للتعامل مع الواردات من مستلزمات الإنتاج.
وذكر خبير السيارات، أن زيادة أسعار السيارات ارتبطت بتحرير سعر صرف العملة المحلية (تعويم الجنيه) كأحد قرارات الإصلاح الاقتصادى، لافتاً إلى ظهور عوامل ساهمت بشكل كبير فى انخفاض أسعار السيارات فى الآونة الأخيرة، يأتى فى مقدمتها تطبيق الإعفاء الجمركى الكلى على السيارات ذات المنشأ الأوروبى، طبقاً لاتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية، بالإضافة إلى العروض الترويجية وتخفيضات الأسعار التى ملأت ساحات معارض السيارات لجذب العملاء وزيادة الإقبال على الشراء.
وأشار «مصطفى» إلى أن ضعف القوة الشرائية فى الفترة السابقة، وتراجع مبيعات السيارات فى الأشهر السبعة الأولى من العام الجارى بنسبة إجمالية بلغت %6.5، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، دفع العديد من المستوردين والمصنعين لتقليل حجم السيارات المعروضة؛ نتيجة انكماش السوق، ما أدى بدوره إلى نقص المعروض من السيارات وزيادة الطلب عليها، ونتج عن ذلك عودة ظاهرة «أوفر برايس»، وإعلان بعض الشركات زيادة أسعار سياراتها.
ونفى وجود تلاعب فى أسعار السيارات فى الفترة الحالية؛ لعدم رغبة الوكلاء والتجار لزيادة الأسعار التى بالطبع ستضعف من القوة الشرائية، بل تسعى الشركات الآن لزيادة مبيعاتها من خلال تطبيق تخفيضات على أسعار موديلات 2019 من السيارات وطرح موديلات العام الجديد لا سيما بعد فترة الانكماش التى عانى منها السوق.
كما أعرب المهندس على توفيق، خبير السيارات، مؤسس، ورئيس رابطة الصناعات المغذية للسيارات سابقاً عن اتفاقه مع قرار وزارة المالية الخاص بتحرير سعر صرف الدولار الجمركى لتصبح قيمته 16.63 جنيه بعد أن حددته الدولة عند 16 جنيهاً.
وأوضح أنه من الأفضل توحيد سعر الدولار؛ لوجود حرية فى الصرف؛ حيث تختلف قيمة الدولار من مكتب صرافة إلى آخر ومن بنك إلى آخر، مشيراً إلى أن تعاملات الحكومة دفعتها لتحديد سعر الدولار الجمركى، كما أن البنك المركزى يستطيع تحقيق التوازن لعملية المضاربات فى حال وجود فائض مناسب للعملة الأجنبية.
وأشار «توفيق» إلى أن توحيد سعر الدولار سيسهل من عمليات احتساب سعر السلع الواردة من الخارج، بالإضافة إلى عدم تعطيل العمليات التجارية التى كانت تنتظر سعر الدولار الجمركى من فترة إلى أخرى، كما سيكون تأثير ذلك القرار إيجابياً على المنتج المحلى، وأكد أن التأثير على الواردات من مستلزمات الإنتاج والسلع طفيف، موضحاً أن الفارق فى القيمة يمثل %4 فقط، ما يعنى أن تزيد جمارك الواردات بنسبة %4 فقط، فضلاً عن أن الكثير من الواردات قادمة من الدول الأوروبية وتركيا وبعض الدول العربية ودول الكوميسا والتى تخضع جميعها لاتفاقيات تعاون مع مصر تسمح بنفاذ جميع منتجاتها الى الأراضى المصرية بإعفاء جمركى، بينما يكمن التأثير فقط على واردات الدول الشرقية وواردات الولايات المتحدة.
وأضاف أن ذلك القرار ليس له أى علاقة بالتلاعب فى أسعار السلع والمنتجات، ولكن ما يحول فعلياً دون التلاعب والتزوير فى الأسعار هو ربط جميع المنافذ الجمركية إلكترونياً؛ حيث نفاد أى سلعة من أحد المنافذ الجمركية سيكون معلناً لجميع المنافذ الأخرى، ما يحد من عمليات التلاعب والتزوير.
واختلف رأى خالد سعد، أمين عام رابطة مصنعى السيارات المصرية، الذى أكد اضطراب أسعار السيارات المجمعة محلياً؛ نتيجة تحرير الدولار الجمركى، موضحاً أن أى زيادة فى أسعار المكونات المحلية ستمثل مشكلة جديدة على عاتق الصناعة المحلية.
ولفت إلى أن الصناعة المحلية ستواجه منافسة شرسة وغير عادلة مع المنتجات الأوروبية المعفاة تماماً من الرسوم الجمركية فى ظل دخول مستلزمات الإنتاج والخامات المستخدمة فى التصنيع المحلى برسوم جمركية، علاوة على القرار الأخير الخاص بتحرير الدولار الجمركى الذى من شأنه أن يزيد من الرسوم الجمركية على مستلزمات الإنتاج، منوهاً بضرورة حماية الصناعة الوطنية من خلال تقديم بعض الحوافز والامتيازات المساهمة فى تطورها.
وأشار «سعد» إلى تعديل الأسعار الذى سيحدث بلبلة فى سوق السيارات بعض الشىء، والتى من الممكن أن تتلاشى فى حالة موافقة شركات السيارات الأم لتحمل فرق العملة، وهو أمر صعب أن يحدث، مؤكداً معاناة الصناعة المحلية وسوق السيارات فى ظل تغير قيمة العملة الأجنبية الجمركية، فضلاً عن زيادة أسعار البنزين ومصاريف الصيانة وقطع غيار السيارات.
كتبت: يارا الجناينى