اقتصادنا يا تعبنا.. الحلقة 108.
أطلت علينا موديز بتصريح مبنى على تقرير بحثى لها صدر حديثاً عن وضع الاقتصاد المصرى.. خير اللهم اجعله خير بتقول جملتين فى أول التصريح:
– قدرة الاقتصاد المصرى على تحمل الديون أو المزيد منها ضعيفة جداً فى ضوء الاحتياجات التمويلية الكبيرة التى يحتاجها الاقتصاد المصرى للسنوات القليلة القادمة، والتى تمثل 30-40% من الناتج المحلى الإجمالى، عشان كدة التصنيف بتاع مصر واقف عند (B2 مستقر)..
– مناطق قوة التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى تكمن فى تنوع الاقتصاد وكبر حجمه وارتفاع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى المتوقع أن يصل إلى 6% فى 2021 (5.6% فى 2019).. وانخفاض البطالة إلى 7.5% وهو معدل لم يحدث منذ فترة طويلة وكذلك انخفاض معدل التضخم السنوى فى يوليو 2019 إلى 8.7%، كذلك الإنتاج المتزايد من الغاز الطبيعى بسبب الاكتشافات المتزايدة مع انخفاض أسعار البترول وتحسن إيرادات السياحة وتحويلات العاملين بالخارج، مما حسن من وضع عجز الموازنة الذى انخفض الى 8.4 فى موازنة 2018-2019.. (مستهدف 7.2% فى موازنة 2019-2020).
طب الحاجة موديز عايزة تقول ايه من الكلام دا؟ عايز توصلنا ايه.. تعالو نشوف مع بعض..
الست Elisa Parisi نائب ئيس مؤسسة موديز وكبير المحللين الاقتصاديين فى موديز بتقول على الرغم من أن مؤشرات الاقتصاد الكلى تتحسن تدريجياً، إلا أن قدرته على سداد الديون وتحمل أعبائها هى نقطة ضعف واضحة بالنسبة للاقتصاد المصري فى ظل الاحتياجات التمويلية الكبيرة للحكومة المصرية فى السنوات القليلة القادمة فى ظل ارتفاع معدل الفائدة على القروض مما يرفع التكلفة التمويلية لها ويزيد من الأعباء على كاهل الموازنة وفى ظل انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة للاقتصاد خارج قطاع البترول بشكل عام خلال الثلاث سنوات الماضية، وذلك مع الأخذ فى الاعتبار أن الاقتراض الداخلى ستقل تكلفته تباعاً مع تخفيضات اسعار الفائدة على الإقراض فى البنوك، والتى بدأت بخفض قدره 1.5% مؤخراً، وكذلك مع انخفاض أسعار البترول عالمياً، مما سيكون له أثر إيجابى أيضاً على انخفاض عجز الموازنة.. ورغم اعتراف موديز بضعف القدرة على السداد فى ظل الاحتياجات التمويلية الكبيرة، إلا أن هذه القدرة وفقاً لتحليلاتها لن تنهار، ولكنها ستظل تحدياً كبيراً..
الحاجة اليسا والله بتقول كلام حلو ومعسل مخلوط بشوية فلفل وشطة ولمون لزوم الشغل.. وحاجة مش جديدة.. الناس كلها عارفاها سواء محلياً أو دولياً.. حتى الصندوق بيتكلم عليها.. ليه لأن الديون الخارجية زادت إلى أن وصلت مؤخراً وفقاً لتقارير البنك المركزى الدورية إلى 106 مليارات دولارفى مارس 2019، مقارنة بـ 73.8 مليار دولار فى مارس 2017 و41 مليار دولار فى 2014، مما جعل سداد الأقساط المستحقة للديون وتكلفة فوائدها تصل إلى 37-38% من إجمالى الإنفاق الحكومى، لكنها فى ضوء رأى العديد مازالت غير مقلقة نسبة إلى حجم الناتج المحلى الإجمالى، فبعد أن تجاوزت الـ103% لعدة سنوات بدأت فى الانخفاض مستهدفة 80% من الناتج الإجمالى المحلى فى 2021 و77.5% فى 2022، ورغم أن الدين العام (محلى وأجنبيى) يعد تحدياً كبيراً، إلا أنه أقل من دول أخرى كبيرة وصل حجم الديون فيها إلى أكثر من 130% ومنها دول كبيرة كأمريكا واليابان وغيرها..
الخلاصة موديز بتستعرض عضلاتها وقدرة محلليها المتميزين اللى مرتباتهم فوق فوق .. ورغم اللى قالته أنا شايف تقريرها إيجابى بالنسبة لى أنا على الأقل، لأنها طول عمرها بتبرز مناطق الضعف وتحليلها… فهى تتوقع موديز بأن عجز الموازنة ومستويات الدين الحكومى (محلى وخارجى) ستنخفض خلال الفترة القادمة وسيبقى الحفاظ على فائض أولى مهماً وإيجابياً ليدعم القدرة على السداد، والتى يراها مازالت ضعيفة فى ظل الاحتياجات التمويلية الكبيرة وضعف السيولة المتاحة أمامها والمخاطر المرتبطة بها لاستدامة الإصلاح وهو ما يجعلها تلجأ للاقتراض دوماً)، حيث ان هذا الفائض يتحرك نحو 2% بحلول 2021.
كلام حلو بالنسبة لى كمحلل اقتصادى واستثمارى له خبرة فى المجال أرى ان التقرير جيد جداً ويمكن استغلاله بأن به اعترافات جيدة عن تحسن الاقتصاد المصرى رغم التحديات التى أشار إليها وهى ضعف القدرة على السداد ومخاطر ضعف السيولة وضعف الإصلاح المؤسسى (مستعيناً بالحوكمة التى تصدر دورياً عن البنك الدولى) والهيكلى الذى يحتاج مزيداً من الجهد لمواجهتها.
وخلاصة القول، إن العبرة فى زيادة الإنتاج والاستثمار والتصدير واستمرار تدفق الموارد الدولارية حتى يدعم ذلك من خطط مصر المالية لاستهداف تلك النسب من الناتج المحلى الإجمالى بحلول 2021 و2022.. مع الإسراع فى الإصلاح المؤسسى والهيكلى وتناغم أجهزة الدولة كفريق واحد يعمل من أجل تحقيق تلك الأهداف، ولازم نعرف نقرأ مثل هذه التقارير كويس وغيرها من التقارير الدولية ونفهم منهجياتها وكيفية حسابها وقياسها للتصنيفات (مثل تقرير التنافسية وبيئة ممارسة الأعمال والاستثمار والتجارة وفى العالم) عشان نعرف نتعامل معها ونعدل فى خططنا لتحسين ترتيب مصر وتصنيفاتها فيها..
وما نبغى إلا إصلاحا وتوعية..
بقلم: إبراهيم مصطفى
خبير اقتصاد واستثمار وتطوير أعمال