هل الرئيس دونالد ترامب جاد بشأن إجبار الشركات الأمريكية على الخروج من الصين؟ هذا ما يتحدث به مستشاروه.
وقال وزير الخزانة، ستيفن منوتشين، والمدير الاقتصادى فى البيت الأبيض، لارى كيدلو، فى مقابلات تليفزيونية بينما كان رئيسهم يحضر فعاليات مجموعة السبع، إن الرئيس لديه السلطة لاتخاذ هذه الخطورة، ولكن أضاف كيدلو: “لا يوجد شىء مطروح فى الوقت الحالى”.
وأشار ترامب فى مجموعة من التغريدات خلال أسبوع ملىء بالمناوشات مع الفيدرالى والصين: “نطالب شركاتنا الأمريكية العظيمة أن تبدأ فوراً البحث عن بديل للصين، بما فى ذلك إحضار الشركات إلى الوطن وصنع المنتجات فى أمريكا”.
ولكن يوجد فرق بين ما هو ممكن وما هو موصى به، خاصة بالنظر إلى ترنح الاقتصاد العالمى على حافة الركود، وانخفاض عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات لأدنى مستوى منذ 2016، وتراجع مؤشر “هانج سينج” فى هونج كونج لأدنى مستوى فى 4 أشهر أمس الاثنين نتيجة المخاوف من صراع تجارى أعمق.
والسؤال الآن إذا كان ترامب سيمضى قدماً فى ذلك أو يتراجع، مثلما حدث فى حالة المكسيك، والنتيجة الأكثر ترجيحاً هى الأخيرة لأن استثمارات الشركات الأمريكية فى الصين – مثل قطاع البنوك الأمريكى فى 2008 – أكبر من أن تفشل.
ووفقاً لمكتب التمثيل التجارى الأمريكى، كان لدى الولايات المتحدة استثمارات أجنبية مباشرة فى الصين بقيمة 107.6 مليار دولار، وهو رقم على الأرجح أكبر الآن رعم التوترات التجارية لأن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة نادراً ما ينخفض سريعاً، وعلاوة على ذلك، من الجدير النظر إلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى هونج كونج وماكاو البالغين 81.2 مليار دولار و2.5 مليار دولار على التوالى، خاصة مع مخاطر حدوث حملة من قبل الحكومة الصينية تهدد الوضع الخاص لهونج كونج، وهى احتمالية توقعها المشرعون بالفعل فى الولايات المتحدة.
ماذا ستبدو عليه العقوبات على الصين؟
تم استخدام قانون العقوبات عادة لتجميد أصول دولة ما ومنع الشركات الأمريكية من التعامل مع تلك الدول، كما أن التعريفات التى تم اقتراحها فى مايو الماضى ضد المكسيك كانت نوعاً من أنواع السلطات الممنوحة بموجب القانون، أو سوف يشرع فى النية المعلنة ويجبر الشركات الأمريكية على خفض استثماراتها فى الصين، والتى تصل إلى 191.3 مليار دولار وهو مبلغ كبير بشكل يثير القلق، فقد كان انخفاض قيمة أصول القطاع المصرفى التجارى الأمريكى من أعلى مستوى وصلت إليه فى ديسمبر 2008 حتى مستوياتها فى مارس 2010 كان 801 مليار دولار، وكان هذا التحول كافياً لإثارة أزمة مالية لايزال العالم يتعافى منها.
ويمكن أن تثير التخفيضات الأقل بكثير فترات ركود، كما كانت قيمة التراجع فى قيمة القروض التجارية والصناعية الأمريكية من أعلى مستوى قبل ركود 2001 إلى أدنى مستوى وصلت إليه فى 2004 حوالى 231 مليار دولار أو حوالى 310 مليارات بقيمة الدولار اليوم.
وإذا أجبرت الشركات الأمريكية على بيع أصولها فبالتأكبد لن تخفض أصولها فوراً إلى صفر، وإنما فى مثل هذا البيع الفوضوى لن تحصل على سعر جيد.
وعلاوة على ذلك، سوف تتأثر شركات مثل “جنرال موتورز” و”كاتربيلر” و”بوينج” الذين يعتبرون الصين واحدة من أكبر أسواقهم، وهو ما سيعقد مشكلات خدمة الديون التى اقترضوها لتمويل تلك الأصول فى الصين.
وبالطبع هذا السيناريو كارثى لدرجة تجعله مستحيل تقريباً، وإنما النتيجة الأرجح بالنظر إلى المعنويات المناهضة للصين فى الحزبين الرئيسيين فى أمريكا هى سيناريو تتدهور فيه العلاقات الاقتصادية بين الصين وأمريكيا تدريجياً خلال السنوات المقبلة، حتى أن ترامب لن يمضى قدماً فى الوقف المفاجئ وخفض الاستثمار السريع، لأن آثار ذلك على الاقتصاد العالمى الهش أكثر خطورة مما يمكن أن يتصوره المرء، وفكرة إجبار الشركات على الإنسحاب من الصين قد تكون مخيفة للشركات الأمريكية، ولكنها فى الحقيقة تهديد وهمى كالنمر الورقى.
بقلم: ديفيد فيكلينج، كاتب مقالات رأى لدى وكالة أنباء “بلومبرج”
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”