تعمل منطقة اليورو على تطوير اقتصادها “ذو السرعتين”، إذ يدفع التأثير المتزايد للتوتر التجارى العالمى إلى معاناة بعض البلدان، فى حين تستفيد بلدان أخرى من قاعدة الطلب المحلى الأقوى، وأظهرت التدابير الاقتصادية علامات مشجعة لفرنسا، لكنها أشارت إلى استمرار الكآبة للاقتصادات التى تعتمد على التصدير مثل ألمانيا وإيطاليا.
وكشف مكتب الإحصاء الفرنسى، عن ارتفاع الإنفاق الاستهلاكى فى يوليو، وتوسع اقتصادى أقوى من التقديرات السابقة في الربع الثانى، وأوضحت البيانات أن الناتج الإجمالى المحلى لفرنسا زاد بنحو 0.3% فى الربع الثاني بزيادة عن التقديرات الأولية البالغة 0.2%، وهى نفس الوتيرة التى نما بها الاقتصاد فى الربع الأول.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن مثل هذه البيانات حافظت على معدل التوسع فى الأشهر الثلاثة الأولى من العام، إذ ساهم الطلب المحلى الأكبر فى دفع النمو.
وأوضحت بيانات المفوضية الأوروبية، ارتفاع المعنويات الاقتصادية في منطقة اليورو بشكل هامشى إلى 103.1 نقطة الشهر الماضى، مقارنة بنحو 102.7 في يوليو، وكان هذا الارتفاع بفضل التحسن الحاد فى المعنويات الإسبانية والزيادات الكبيرة فى نمو الاقتصادات الرئيسية الأخرى باستثناء إيطاليا.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تحسنت فيه المعنويات الصناعية الألمانية في أغسطس الماضى، إذ ارتفعت إلى -11.2 نقطة في أغسطس، مقارنة بنحو -13 نقطة في يوليو، لكنها ظلت أقل بكثير من متوسط العام الماضي، وتقل عن أى اقتصاد آخر فى منطقة اليورو، ووفقًا لتقديرات مكتب الإحصاء، انخفض التضخم الألماني في شهر أغسطس إلى أدنى مستوياته منذ حوالى 3 سنوات.
وفي الوقت نفسه، أبلغ مكتب العمل الفيدرالى، عن وجود 4 آلاف شخص عاطل عن العمل في شهر أغسطس الماضى، مقارنة بالشهر السابق، فى إشارة تبعث على القلق بأن المشكلات الصناعية فى البلاد تنتشر إلى سوق العمل الذي كان مرنًا إلى حد ما.
وقال كارستن برزيسكى، كبير الاقتصاديين في شركة “آى إن جى”، إن التأثير السلبى للانهيار الصناعى خلال الـ12 شهرًا الماضية، بدأ فى الانتشار إلى أجزاء أخرى من الاقتصاد الألمانى.
وكانت البيانات الاقتصادية الإيطالية مخيبة للآمال أيضًا على أساس سنوى، إذ انخفضت الطلبيات الصناعية بنسبة 4.8% فى يونيو، وهى أسوأ قراءة منذ ما يقرب من 3 سنوات مع انخفاض حاد فى الطلبات الأجنبية.
وأوضحت الخبيرة الاقتصادية الأوروبية فى “كابيتال إيكونوميكس”، ميلاني ديبونو ، أن إنتاج إيطاليا توسع فى العام الماضى، ولكنه الأسوأ أداءً فى الاتحاد الأوروبى، وقراءة المعنويات الاقتصادية لشهر أغسطس تتفق مع ركود الاقتصاد فى أحسن الأحوال فى الربع الثالث.
وذكرت الصحيفة البريطانية، أنه بشكل عام، فإن علامات الاستقرار الاقتصادي في جميع أنحاء منطقة العملة الموحدة ليست قوية بما فيه الكفاية أو ذات قاعدة جغرافية واسعة بما يكفي لمنع البنك المركزى الأوروبى من اتخاذ المزيد من الإجراءات لتحفيز الاقتصاد، وقال اقتصاديون، إن نمو أسعار المستهلكين المخيبة للآمال فى ألمانيا على وجه الخصوص، يمكن أن يبرهن على المزيد من التحفيز النقدى.
وتوقع خبراء الاقتصاد في مجموعة “سيتي جروب” المصرفية الأمريكية، أن تتعرض ألمانيا قريباً لأزمة اقتصادية حادة، والتى قد تضع الاستقرار المالي الأوروبى فى خطر، وأشار المحللون فى “سيتى جروب”، إلى أن كل شىء سيعتمد على مسار الناتج القومى فى الربعين الماليين الثالث والرابع من 2019.