ينمو قطاع الدهانات والبويات بشكل ملحوظ، خصوصًا أن سمعة الصادرات المصرية فى ذلك القطاع ممتازة، ولكن لا يخلو طريق القطاع من بعض العراقيل، أبرزها استيراد المادة الخام، وضعف القوى الشرائية الذى تسبب فى سداد مستحقات شركات الدهانات بالآجل، أما عن الشركات الصغيرة والمتوسطة فهى تحارب من أجل البقاء فى السوق.
قال وليد ممدوح، مدير قطاع سلاسل الإمداد بشركة دهانات ناشيونال، إنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تحركت المياه الراكدة، وارتفعت مبيعات قطاع الدهانات والبويات بشكل ملحوظ، مع نمو قطاع التشييد والبناء، والذى يعد قاطرة تدفع قطاع الدهانات للأمام.
وأوضح ممدوح، أن نحو %70 من خامات إنتاج الدهانات مستوردة، للحصول على أفضل جودة تصنيعية، خصوصًا المنتجات الصديقة للبيئة التى لا تصنع فى مصر، ورغم اجتهاد بعض الشركات المحلية الكبرى لتصنيع بعض الخامات، لكن يظل المكون الرئيسى للمنتج النهائى مستورد.
وأكد أن ميكنة الجمارك، ساعدت فى خفض زمن الإفراج عن الخامات، والتى شهدت أزمة كبيرة منذ عدة سنوات، بعدما تم حظر عدة مواد تستخدم فى صناعة المفرقعات أو ماكينات الطباعة عالية الجودة، إلا بموافقات أمنية، مؤكداً أن زمن الإفراج حالياً يتراوح بين 7 و10 أيام، وهو أفضل من ذى قبل.
وأشار إلى أن السوق الأفريقى، من أكبر الأسواق استيعابًا لمنتجات الدهانات والبويات، ويحتاج كميات ضخمة جدًا، خصوصًا كينيا وليبيا، ولكن مؤخراً اتجهت عدة دول أفريقية، للتصنيع المحلى، وهو ما أثر على الصادرات إلى أفريقيا.
وأوضح ممدوح، أن أكثر المنتجات التى شهدت طلباً مرتفعاً بالسوق خلال السنوات القليلة الماضية، هى الدهانات الإنشائية، تليها الدهانات التى تستخدم فى قطاع الأدوات المنزلية بمختلف أنواعها، ثم الدهانات البحرية تأثراً بنشاط حركة إصلاح وإعادة بناء السفن، أما عن دهانات الخشب، فمازالت تعانى تذبذباً دون وجود سبب واضح.
وبحسب بيانات رسمية صادرة عن غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، يضم السوق المصرى ما يزيد على 500 شركة عاملة فى قطاع الدهانات والبويات، بينها 25 شركة كبيرة، والباقى ما بين متوسط وصغير.
وتشير البيانات إلى وجود 5 شركات أجنبية تستثمر فى القطاع محلياً، وتبلغ قيمة إجمالى الاستثمارات فى قطاع الدهانات والبويات نحو 10 مليارات جنيه، ومؤخرًا اتجهت 6 شركات لتصنيع الراتنجات والمواد الخام محليًا.
وقال محمد حسن رئيس مجلس ادارة المؤسسة المصرية جروب للكيماويات، إن أبرز المشكلات التى تواجه صناعة البويات فى مصر، الغش التجارى وارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة.
وأضاف حسن، أن صناعة الدهانات شهدت طفرة كبيرة بداية من عام 2006 وحتى 2010، نظراً لمنع عدد كبير من الدول تصنيع بعض الأنواع من «الاكيهات»، كونها ملوثه للبيئة، وهو ما دفع المصانع المصرية إلى استغلال هذه الفرص واقتحام تلك الأسواق.
وأشار إلى أن الشركة وقعت عقود شراكة مع كيانات أوربية فى تلك الفترة للتصنيع للغير، مما أدى إلى مضاعفة الطاقة الإنتاجية.
وأوضح حسن أن أكبر الشركات المنتجه للدهانات فى مصر حاليًا، كان سبب انتشارها عالميًا هو استغلالها لهذا القرار بجانب انخفاض أسعار المواد الخام فى تلك الفترة، ورخص العمالة، إذ قامت بإنشاء أكبر قاعدة تصديرية للأسواق الأوروبية من مصر.
وأشار إلى أن اللاكيهات هى الأكثر طلبًا فى الأسواق الأوروبية حاليًا، نظراً لتشديد الرقابة على تصنيعها.. لذلك تستحوذ الشركات المصرية على نسبة كبيرة من صادرات البويات لتلك الدول.
وقال المهندس أسامة الزناتى، رئيس مجلس إدارة شركة ألفا للدهانات، إن قطاع صناعات الدهانات من الصناعات الواعدة فى الفترة الحالية، نظراً للطفرة العمرانية التى تشهدها مصر حاليًا.
وأضاف أن الشركة تدرس إنشاء مصنع جديد على مساحة 5 آلاف متر مربع بتكلفة استثمارية 50 مليون جنيه، ومن المرتقب بدء عمليات التشغيل والإنتاج بنهاية 2019، وأشار إلى أنَّ الشركة تسعى خلال الفترة الحالية، للانتهاء من استكمال إجراءات الحصول على أرض صناعية من هيئة التنمية الصناعية بالسادات.
وأوضح أن الشركة تقدمت أكثر من مرة إلى الهيئة لتخصيص قطعة أرض لها، لكن زيادة أعداد المتقدمين دفعت الهيئة إلى الجدولة وتسليمهم الأراضى وفق أسبقية الحجز، وحصلت الشركة على وعد بتسليمها المساحة المطلوبة نهاية العام الحالى.
وتمتلك الشركة مصنعاً بالإيجار، بالمنطقة الصناعية فى مدينة السادات على مساحة 2000 متر مربع، وتسعى حالياً لامتلاك مصنع آخر لتنفيذ الخطة الخمسية لها، والتى تستهدف زيادة الإنتاج والتوجه إلى الأسواق التصديرية.
قال الزناتى، إنَّ الشركة تسعى للحصول على تمويل من أحد البنوك المصرية من خلال الدخول فى مبادرة الـ200 مليار الجنيه، والتى تتيح قروضاً لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة متناقصة تتراوح بين %5 و%7، وتطرح «ألفا مصر» جميع إنتاجها فى السوق المحلى، وتدرس فتح أسواق تصديرية مع بداية تشغيل المصنع الجديد بنهاية 2019.
وتأسست «ألفا مصر» عام 2004، وهى متخصصة فى الدهانات المعمارية، وأضافت منتجات جديدة منها الدهانات المائية والدهانات ذات اللمعات المختلفة، وقال سامح مراد، عضو مجلس إدارة شركة جولد للدهانات، إن تأخر دخول التكنولوجيا إلى قطاع صناعة الدهانات فى مصر أدى إلى تباطؤ نمو القطاع.
وأضاف مراد لـ «البورصة»، أن المشروعات القومية لعبت دوراً كبيراً فى زيادة مبيعات شركات الدهانات، خلال الفترة الأخيرة، كما دفعت الشركة إلى استحداث خطوط إنتاج جديدة؛ منها خط إنتاج للدهانات الديكورية.
وأشار إلى أن أبرز المشكلات التى تواجه شركات الدهانات هى تأخر المستحقات المالية فى السوق المحلى، نظراً لاعتماد أغلب التجار والموزعين على شراء المنتجات بنظام الآجل، الأمر الذى يؤخر تنفيذ الخطط التطويرية، ومن الممكن أن يعرضها للتعثر فى حالة عدم وجود سيولة مالية.
وأشار إلى أن سمعة المنتجات المحلية فى الأسواق الخارجية جيدة، نظراً لارتفاع جودتها مقارنة بمنتجات الدول الأخرى، إلا أن أغلب الشركات تفتقد مساعدة الدولة فى فتح أسواق تصديرية.
ولفت إلى أن القطاع يعانى من عدم تعريف مراكز التمثيل التجارى فى جميع الدول بالفرص التصديرية للمتاحة أمام المنتج المصرى، وهو ما يؤدى إلى ضياع كثير من الفرص التصديرية على الشركات كان من الممكن الاستفادة منها.
وقال مراد، إن أغلب الشركات فى الفترة الحالية تراهن على السوق الأفريقى فى زيادة معدل صادراتها، نظراً للاستفادة من الاتفاقيات المبرمة بين مصر وتلك الدول بجانب زيادة الطلب على بعض المنتجات، خاصة الدهانات الإنشائية.
وذكر أن الدهانات الإنشائية قوية جداً فى السوق المحلى، فى حين تحتاج إلى ضخ استثمارات أكبر فى الصناعات المكملة لها من الخامات بدلاً من الاعتماد على استيرادها، مما سيرفع معها الميزة التنافسية للمنتج المحلى، واعتبر أن أبرز المشكلات التى تواجه التصدير إلى الدول الأفريقية تتلخص فى صعوبة النقل بجانب صعوبة حصول المصدر على مستحقاته من المستورد، إلا اذا كان التسليم مباشر، نظراً إلى التشديد على التحويلات البنكية.
وأضاف أن أبرز الدول التى تصدر لها الشركة، حالياً، هى العراق والأردن، وتعتمد على تصدير مركزات الألوان، فضلاً عن المنتجات النهائية، وقدر مراد، مبيعات الشركة العام الماضى بحوالى 50 مليون جنيه، فى حين تستهدف زيادتها إلى 75 مليون جنيه بنهاية العام الحالى، وذلك بدعم من زيادة مراكز البيع التجارى التى تجهيزها حاليًا فى محافظات الصعيد.
وقال ياسر نور الدين، رئيس مجلس إدارة شركة كيما لكيماويات الإنشاء البناء الحديث (المتخصصة فى صناعة الدهانات والبويات)، إن نصيب الشركات الكبرى فى قطاع البويات والدهانات، فى المشروعات القومية الكبرى هو نصيب الأسد، لقدرتها على تخفيض أسعارها لضخامة إنتاجها، رغم أن بعض الشركات الصغيرة تمتلك جودة مماثلة لها، وتتفوق عليها أحيانًا.
وشدد نور الدين، على ضرورة تخصيص نسبة فى المشروعات القومية الكبرى، للشركات الصغيرة والمتوسطة، خصوصًا إذ التزمت بتقديم جودة عالية مماثلة لجودة الشركات الكبرى، وكذلك لدعم تلك الشركات التى تستطيع أن تكون قاطرة نمو إذا أتيحت لها الفرصة.
وتابع: «نحن كشركات صغيرة نجاهد للحفاظ على تواجدنا فى السوق، وسط منافسة غير متكافئة الفرص، حتى عندما نقوم بتوريد منتجاتنا للموزعين، يقومون بالبيع بأسعار غير المتفق عليها بما يضر بسمعة منتجاتنا، إذ يضيفون على السعر النهائى هامش ربح كبير، رغم شراءه منا بسعر زهيد».
وأشار نور الدين، إلى أن المنتجات محملة بأسعار مواد خام مستوردة من ألمانيا كما تستورد الألوان من الصين، لضعف جودة المنتج المحلى.
واستطرد: «حاولت التصدير إلى أفريقيا، ولكن محاولاتى لم تُكلل بالنجاح، لضعف النظم المؤسسية فيها، وعدم الاعتراف ببعض البنوك هناك، بالإضافة إلى أن التصدير هو مجازفة بمستحقاتنا المالية، لعدم وجود أى ضمانات»، وأشار إلى أن القطاع يحتاج الدعم الفنى، للتوجه إلى أسواق تصديرية مختلفة، وتساءل: «مستحيل أن أفرط فى فرصة تصديرية حقيقية، ولكن أين هى الفرص الحقيقية»؟