ستاندرد آند بورز: “برنت” قد يختبر مستوى 70 دولارا للبرميل إثر هجوم “بقيق”
يأتي الارتفاع القياسي في أسعار البترول بعد الهجوم على منشآت نفط سعودية، في وقت هو الأسوأ بالنسبة للاقتصاد العالمي الذى يعيش في قبضة الانكماش العميق.
ورغم أن الخطورة تعتمد على المدة التي ستستمر فيها زيادة الأسعار، فإن هذا الارتفاع سيتسبب في تآكل ثقة الشركات والمستهلكين الهشة بالفعل وسط النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين وتباطؤ الطلب العالمي.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يساهم فيه الركود التصنيعي بجميع أنحاء العالم، في عرقلة القوة التصديرية لدى الصين وألمانيا.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج”، أن صدمة البترول تأتي وسط موجة من علامات التحذير للاقتصاد العالمي.
وتضمنت البيانات الصادرة أمس الاثنين ، من الصين، أسوأ قراءة شهرية للناتج الصناعي منذ عام 2002.
وفي يوليو الماضى خفض صندوق النقد الدولي، توقعاته للنمو العالمي، وهي بالفعل عند أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية، إذ توقع الصندوق معدل نمو يصل إلى 3.2 ٪ العام الحالى و 3.5 ٪ في العام المقبل وهو الأضعف منذ 2009.
وأوضحت الوكالة الامريكية، أن العقود الآجلة للبترول الخام، ارتفعت بعد هجوم طائرات دون طيار على منشأة تابعة لشركة “أرامكو” السعودية.. ولكن سيختلف تأثير ارتفاع الأسعار حول العالم.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تواجه فيه الاقتصادات الناشئة،و التي تعاني عجزا في الحساب الجاري والعجز المالي، ومنها الهند وجنوب إفريقيا وغيرها، خطر تدفق رؤوس الأموال الكبيرة والعملات الأضعف.
وستتمتع الدول المصدرة بدعم من ايرادات الشركات والحكومة، في حين أن الدول المستهلكة ستتحمل التكلفة.
وباعتبار أن الصين أكبر مستورد للبترول في العالم، فإنها ستكون عرضة لارتفاع أسعار الخام في وقت تعتمد فيه العديد من الدول الأوروبية أيضًا على الخام المستورد.
ونظرًا لأن التضخم ليس مصدر قلق فوري في الاقتصاد العالمي، فإن القلق الأكبر هو تأثير صدمة الأسعار على الطلب العالمي الضعيف بالفعل.
وقال كبير الاقتصاديين الآسيويين في جامعة “أكسفورد” للاقتصاد في هونج كونج، لويس كويجس، إن التضخم ليس المشكلة في الوقت الحالي لكن نقص الإنتاج وزيادة الأسعار سيخنقان القوة الشرائية وبالتالي يثقلان الإنفاق في لحظة محفوفة بالمخاطر بالنسبة للاقتصاد العالمي.
وكشف تحليل أجراه صندوق النقد الدولي، في عام 2017 أن صدمة عام واحد وانحراف معياري واحد لإمدادات البترول بحيث يقفز السعر أكثر من 10 ٪ ، من شأنه أن يؤدي إلى تآكل الإنتاج العالمي بنحو 0.1 ٪ لمدة عامين.
واوضح ديفيد مان، كبير الاقتصاديين لدى “ستاندرد تشارترد” في سنغافورة، فى لقاء مع تلفزيون “بلومبرج” ، أن الأخبار الواردة من المملكة العربية السعودية تعزز فرصة دعم السياسة النقدية من البنوك المركزية تحسباً لارتفاع تكاليف الطاقة التي تشكل فعلاً ضريبة على المستهلكين.
وأضاف مان:”يمكننا القول إن هذا يضيف إلى الأسباب التي تجعلنا نرى مزيدا من المفاجآت الحذرة من البنوك المركزية خلال الأسابيع القليلة المقبلة”.
وقال رئيس استراتيجية الاستثمار وكبير الاقتصاديين في “إيه إم بى كابيتال”، شين أوليفر ، إن الارتفاع الكبير في أسعار البترول هو آخر ما يحتاجه الاقتصاد العالمي فى الوقت الحالى.
وقال موقع “ماركت ووتش”، إن الصراع المتصاعد في الشرق الأوسط يهدد بإحداث فوضى في سوق الطاقة العالمي بعد أن أسفرت هجمات الطائرات دون طيار في دمار أجزاء من منشأة “بقيق” التابعة لشركة أرامكو السعودية، وهي أحد أكبر معالجات البترول في العالم، وحقل بترول مجاور منفصل.
ماذا يعني ذلك بالنسبة ﻷسعار البترول؟
قالت الرئيس العالمي لاستراتيجية السلع الأساسية في شركة “آر.بي.سي” لأسواق رأس المال، حليمة كروفت، إن التصعيد اﻷخير قد يثبت أنه مغير لقواعد اللعبة في ديناميكيات الشرق اﻷوسط.
وقدرت وكالة “ستاندرد أند بورز جلوبال بلاتس” أن خام برنت، المعيار القياسي العالمي، قد يشهد ارتفاعا بقيمة 5 دولارات أو 10 دولارات للبرميل من مستوياته الحالية التي تتراوح بين 55 و 65 دولارا للبرميل، لتختبر المستوى الأعلى البالغ 70 دولارا للبرميل.
وقالت كروفت إن الحادث الكبير، الذي وقع السبت الماضي، يثير خطر حدوث مزيد من الاضطرابات في إنتاج الشرق الأوسط من البترول، وبالتالي احتمالية ارتفاع مخاطر قفز أسعار البترول إلى اﻷعلى.
ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” اﻷمريكية أن إنتاج ما يصل إلى 5 ملايين برميل يوميا، أو حوالي 5% من المعروض العالمي، توقف بسبب الاضطرابات اﻷخيرة.
ووفقا لذلك، توقع مسؤولون سعوديون استئناف ثلث الإنتاج الطبيعي بحلول يوم الأثنين، ولكن الخبراء يقولون إن الأمر قد يستغرق أسابيع حتى تعود المنشآت البترولية إلى كامل طاقتها الإنتاجية.
وكتب رئيس تحليل سوق البترول لدى مؤسسة “ريستاد إنرجي”، بيورنار تونهاوجن، في مذكرة بحثية صدرت اﻷحد الماضي، إن اﻷمر قد يستغرق وقتا أطول مما تدعيه السلطات السعودية.
وأضاف أنه رغم انخفاض الصادرات خلال العام الحالي، فقد وصلت مخزونات البترول السعودية إلى أدنى مستوى لها في 10 أعوام، وبالتالي فإنها تفتقد القدرة اللازمة لتعويض أي نقص في الإمدادت في الشرق اﻷوسط.
وقال ماغنوس نيسفين، رئيس قسم التحليلات لدى “ريستاد انرجي”، إن الهجوم الجوي الذي شنته الميليشيات المدعومة من إيران على محطات معالجة البترول الواقعة في قلب منطقة البترول السعودية، قلب السوق رأسا على عقب.
ويقترح مايكل فلين، من “برايس فيوتشرز جروب”، أن يتم استغلال احتياطات البترول الاستراتيجية العالمية لوقف الارتفاع الكبير في الأسعار، مشيرا إلى أن سوق البترول لن يركز فقط على الوقت الذي ستعود فيه منشآة أرامكو إلى العمل مرة أخرة، بل سيضع مدى تأمين المنشآة في الحسبان أيضا.
وأبدى تونهاوجن، رئيس تحليل سوق البترول، شكوكه في قدرة الولايات المتحدة على التخفيف بشكل فعال من ارتفاع الأسعار في المدى القريب.
وأوضح أن الولايات المتحدة لا يمكنها تعويض هذا النقص في الإمدادات بشكل سريع، فحركة ناقلات البترول تستغرق وقتا أطول، كما أنها تمتلك قدرة تصدير محدودة للغاية بواسطة ناقلات البترول الخام الكبيرة.