يستعد بعض المستثمرين الأمريكيين لمواجهة توقعات، لم يكن من الممكن تصديقها من قبل، تشير إلى إمكانية توجه سندات الخزانة آجل 10 أعوام إلى العوائد الصفرية، خصوصا أن مستوى الإقبال على سوق السندات هذا العام لم يظهر أى انخفاض يذكر.
وفى عالم يحتوى على نحو 17 تريليون دولار من السندات الحكومية سالبة العائد، ما يعنى أن المشترين يضمنون استرداد مبالغ أقل مما دفعوه من خلال العائد وقيمة السند اﻷصلى إذا انتظروا حتى موعد الاستحقاق، ظل سوق السندات الحكومية الأمريكية ملاذا للمستثمرين الباحثين عن عوائد مرتفعة لفترة زمنية طويلة.
وأفادت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أن العائد على سندات الحكومة الألمانية آجل 10 أعوام يبلغ الآن سالب %0.70، فى حين يبلغ العائد على السندات اليابانية آجل 10 أعوام سالب %0.27، وبالتالى فإن العائد البالغ %1.5 على سندات الخزانة اﻷمريكية لآجل 10 أعوام يبدو جذابا.
وأوضحت الصحيفة، أن العائد على سندات الخزانة لآجل 10 أعوام كان %2 تقريبا قبل نحو شهر، ولكن الإطار الزمنى الضيق لانخفاض العائد بمقدار 50 نقطة أساس فى أغسطس الماضى فاجأ المستثمرين، ما دفع البعض إلى وضع مزيد من الانخفاضات المتوقعة على راداراتهم.
وقال نيك ماروتسوس، الرئيس المشارك للسندات العالمية لدى «جانوس هندرسون»، إن العالم بإمكانه أن يشهد عوائد صفرية قريبا، مشيرا إلى أن أى موجة بيع السندات،و التى تتسبب فى ارتفاع العوائد، قوبلت بالشراء الفورى حتى الآن.
وفى الوقت الذى يتوقع فيه تجاوز العائد على السندات آجل 10 أعوام حاجز الـ %1 قبل فترة طويلة، كان ماروتسوس أكثر حذرا فى وضع إطار زمنى لتحول العائد إلى دون الصفر.
ولسبب ما، أشار إلى أن السياسة التى ربما تضغط على الوضع الهبوطى، أى تحديد البنك الاحتياطى الفيدرالى ﻷسعار فائدة سلبية قصيرة الأجل، تبدو احتمالا مستبعدا للغاية.
وأضاف ماروتسوس: «فى الوقت الذى وضعت فيه البنوك المركزية فى أوروبا واليابان كل جهودها فى استخدام أسعار الفائدة السلبية لتحفيز النمو، كان «الاحتياطى الفيدرالي» يراقب الوضع عن كثب، ولكننا لم نصل بعد إلى النقطة التى ستتقبل فيها الولايات المتحدة ذلك اﻷمر تماما، ما لم يروا بعض أمثلة ملموسة من الواقع على نجاح تلك الخطوات.
وأوضحت «فاينانشيال تايمز» أن معدل ودائع البنك المركزى الأوروبى تصل حاليا إلى سالب %0.4، فهى وصلت إلى مستوى دون الصفر منذ يونيو 2014.
وأضافت أن البنك المركزى اليابانى أقر تطبيق سياسة أسعار الفائدة السلبية بشكل مفاجئ فى عام 2016، كما أنه يفرض الآن على البنوك التجارية فائدة نسبتها %0.1 لبعض الاحتياطيات التى تبقيها على شكل ودائع لدى البنك المركزى.
وفى ظل النمو القاتم للاقتصاد العالمى والحرب التجارية الناشبة بين الولايات المتحدة والصين، أشار كل من البنك المركزى الأوروبى وبنك اليابان إلى استعدادهما لتكثيف الاعتماد على سياسة أسعار الفائدة السلبية.
وفى الوقت نفسه، ترك «الاحتياطى الفيدرالى»، الباب مفتوحا لمزيد من التحفيز، ولكن سعر الفائدة المستهدف أعلى بكثير من الصفر، فهو يستهدف أسعار فائدة تتراوح بين %2 و%2.25، كما أن القوة النسبية للاقتصاد الأمريكى تعنى وجود مقاومة للضغط بقوة على هذه الرافعة.
ولهذه الأسباب، قال بيل أودونيل، المحلل الاستراتيجى لأسعار الفائدة لدى «سيتى جروب»، إنه فى الوقت الذى تتجه فيه السندات آجل 10 أعوام نحو إلى الصفر، قد يستغرق اﻷمر بعض الوقت قبل الوصول لهذا المستوى.
ويمتلك ستيف ميجور، الرئيس العالمى لأبحاث الدخل الثابت فى بنك «أتش.أس.بي.سي»، وجهة نظر مماثلة. فهو يعتقد أن قفز العائد نحو الصفر يعد طريقا طويلا، ولكن احتمالية عودة العوائد إلى ما كانت عليه فى بداية العام أمرا ينبغى فقدان اﻷمل فيه.
وأكد جاى باول، رئيس البنك الاحتياطى الفيدرالى، مؤخرا على قوة الاقتصاد الأمريكى، وقال فى الاجتماع السنوى للبنك فى جاكسون هول ، إن الاقتصاد فى وضع جيد.
ووفقا لهذا الصدد، حذر سكوت ديماجيو، الرئيس المشارك للدخل الثابت لدى شركة «أليانس بيرنشتاين» فى نيويورك، من إمكانية وجود خطر من أن يكون الاحتياطى الفيدرالى ضعيفا.
وأوضح أن الخصوم يرسمون صورة تدل على أن الاحتياطى الفيدرالى يحاول البقاء فى وضع أكثر توازنا، والحفاظ على بقاء بعض الخيارات.
وخفض الاحتياطى الفيدرالى، أسعار الفائدة القياسية بمقدار ربع نقطة فى اجتماعه الاسبوع الماضى مع إمكانية إجراء ثلاثة تخفيضات أخرى على الأقل بنهاية العام المقبل.
ولكى يعزز المستثمرون توقعاتهم تجاه التيسير الكمى، مما يمهد الطريق أمام وصول عائد السندات آجل 10 أعوام إلى الصفر، يجب أن تتغير توقعات النمو اﻷمريكى بشكل كبير، وذلك وفقا لما قاله المحلل الاستراتيجى أودونيل.