ليس لدى رئيس الفيدرالى، جيروم باول، إجابة عما سيحدث لاحقاً، وهو يعرف أنه لا يعرف، ويعرف أنك تعرف أنه لا يعرف، لذا توقف عن السؤال.
وهذا هو سؤال التريليون دولار الذى يسأله الجميع فى وول ستريت وماين ستريت (لندن) وواشنطن: ما الذى سيحدث فى الاقتصاد؟ هل هناك ركود قادم؟ هل سيخفض الفيدرالى الفائدة فى الوقت المناسب؟ هل ينبغى أن أشترى أم أبيع؟ هل اتجه لإعادة التمويل؟ هل أوسع أعمالى؟ هل ستنتهى الحرب التجارية بدون عواقب خطيرة؟
وعندما نشر الفيدرالى أحدث توقعاته يوم الأربعاء الماضى، أسرع الجميع للنظر إلى المخطط النقطى ليرى إذا كان الفيدرالى سوف يخفض الفائدة مجدداً فى ديسمبر وكانت الإجابة لا، وحزن الجميع، ولكن هذا رد فعل خاطئ، لأنه كما قلت «باول لا يعرف الإجابة».
وعلى مدار عقدين، حاول الفيدرالى أن يكون قابلاً للتوقع بقدر المستطاع، معتمداً على نظرية أن أفضل طريقة لإدارة السياسة النقدية هى إعطاء الجميع خارطة لأين يتجه الفيدرالى، وكانت التوجيهات الاسترشادية تسمح للمستثمرين والمتداولين ورجال الأعمال والمستهلكين بتوقع السياسة النقدية وهو ما يبقى الاقتصاد يسير للأمام.
وباستثناء حالات الطوارئ، كانت سياسة الفيدرالى هى عدم مفاجئة الأسواق، ورغم النمو القوى، كانت رسالة الفيدرالى: نعدكم بأن نبقى أسعار الفائدة منخفضة لفترة طويلة للغاية، وأصدروا المخطط النقطى للتأكيد على التزامهم بإبقاء الفائدة منخفضة.
ثم عندما بدأوا دورة التشديد النقدى كانت رسالتهم: سوف ترفع الفائدة تدريجياً وساعدت المخططات النقطية على ذلك، ولكن بمجرد أن بدأ الفيدرالى خفض الفائدة مجدداً، أصبحت استراتيجية التوجيهات الاسترشادية عبء على الفيدرالى وتضر المخططات النقطية أكثر مما تنفع.
ويوم الأربعاء الماضى لم يفعل باول شيئاً سوى إعلان أن المخططات النقطية لم تعد ذات جدوى، وبدا أنه يقول لا تعيروا انتباهاً لتوقعاتنا لأننا فعلياً لا نعرف ماذا سيحدث تالياً، وليس لدينا ثقة فى توقعاتنا ويجب عليكم كذلك ألا تثقوا.
ولا يمكنك أن تعطى توجيهات ذات معنى إذا كنت لا تعرف منحنى الأمور، ووعد باول بأن يبقى على مرونة الفيدرالى وأن يحاول توجيه الاقتصاد بعيداً عن المشاكل ولكنه لم يقل إذا كانت المشكلات ستأتى أم لا أو متى ستأتى.
وقال باول إن الفيدرالى يمكنه أن يفعل الكثير لدعم الاقتصاد، ولكن لا يستطيع فعل الشئ الوحيد المطلوب الآن وهو تقديم «خارطة طريق مستقرة للتجارة الدولية»، ووحده الرئيس دونالد ترامب هو من يمكنه إخبار الشركات ما هى القواعد وهو وحده من يستطيع إزالة عدم اليقين.
وعدم معرفة إذا كانت ستنتهى فوضى الحرب التجارية ومتى تعنى أن توقعات الجميع ليست ذات قيمة، وباستثناء ضربة مباشرة من التعريفات الأعلى، سوف تعنى الحرب التجارية أن الشركات لا تعرف القواعد العام المقبل ولا حتى الأسبوع المقبل، وهناك عامل هائل مجهول فى المعادلة وهو ما يحبط الاستثمار.
ويأمل جميع الأعضاء السبعة عشر فى لجنة السوق المفتوح الفيدرالية أن الركود يمكن تجنبه، وتعتقد حوالى نصف اللجنة أن خفض الفائدة مرة واحدة أخرى قد يكون ضرورياً، ولكن لا يوجد منهم أحد يريد أن يقول علناأ أى توقعات بتخفيف عنيف رغم أنهم يعرفون أن المزيد من خفض الفائدة قد يكون ضرورياً.
ولا أحد منهم لديه ثقة كبيرة فى هذه التوقعات لأن هناك الكثير من الأمور المجهولة بما لا يسمح بتوقع أى شىء بثقة، وما يحتاجه الفيدرالى الآن ليس تقديم خارطة طريق للمستقبل وإنما وعد بأنه سوف يأخذ الخطوات الصحيحة مهما حدث، ولكن بالنظر إلى الإخفاقات السابقة من الصعب تسويق هذه الرسالة، ويعلم باول أنه لا يستطيع التحكم فى الأحداث ولكنه يتسطيع فقط اتخاذ رد فعل، فحظاً جيدا له!
بقلم: ريكس ناتينج
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: موقع ماركت ووتش