تسبب تأخر فحص بعض منتجات الأدوات الصحية للتأكد من استيفائها المواصفات التى أقرتها الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، فى نقصها بالسوق المحلى، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها.
كما تسبب ارتفاع أسعار النحاس الذى يعد من مكوّنات الإنتاج الرئيسية للأدوات الصحية، فى زيادة أسعار المنتج النهائى ومن ثم انخفاض المبيعات.
وأرجع مستوردون، صعوبة التوجه للتجميع كبديل للاستيراد ، إلى ارتفاع نسبة الجمارك على مكوّنات الإنتاج لتقارب المنتج النهائى.
قال أحمد شنشن، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية الأوروبية للاستيراد والتصدير، إن السوق المحلى يعانى من نقص بعض المنتجات لتأخر نتائج الفحص الخاصة بها للوقوف على مدى مطابقتها للمواصفات المصرية، والتى تتضمن أن يكون المنتج مرشد لاستهلاك المياه.
أضاف شنشن، أن ارتفاع أسعار منتجات الأدوات الصحية الفترة الماضية يعود إلى المواصفات الجديدة التى تشترط الاستيراد بمواصفات معينة، بجانب ارتفاع تكلفة الشحن.
وأعلنت الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، انتهاء مهلة توفيق أوضاع الشركات المستوردة للأدوات الصحية للعمل بالمواصفة القياسية المصرية، رقم 8154 لسنة 2018 الخاصة بـ «وضع المعاير البيئية لإجازة منتجات الأدوات الصحية»، 23 يونيو الماضى.
أضاف أن عددا كبيرا من الشركات المستوردة للأدوات الصحية، لديها الرغبة فى الاتجاه للتصنيع. وتحول بعضها بالفعل، إلا أنها تعانى من مشكلات متعددة تقف عائقًا أمام تطورها.
وأكد شنشن، ضرورة تسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج وبعض مكوّنات الإنتاج لتجميع المنتجات محليا، لتكون نواة التحول للتصنيع تدريجيًا.
وأضاف أن بعض المصانع القائمة على التجميع، تواجه أزمة تتمثل فى ارتفاع نسبة الجمارك على بعض مكونات الإنتاج إلى %40 لتقارب النسبة المفروضة على المنتجات تامة الصنع، ما يعطل التصنيع المحلى ويساعد على زيادة الواردات.
وتابع: «يدرس عدد من المستوردين إنشاء شركة مساهمة لإنشاء مصنع لتصنيع الأدوات الصحية الخاصة بالخلاطات وصنابير المياه ومستلزمات السباكة.. والأمر قيد الدراسة من حيث التكلفة التى يحتاجها المصنع والمقدرة بنحو 200 مليون جنيه».
وأوضح شنشن، أن عدم توافر مكونات الإنتاج، من أكبر العقبات التى تواجه هذا التحول، إذ تحتاج تلك الصناعة لمدة تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات ، كى يكون هناك منتج محلى قادر على الوفاء باحتياجات السوق والمنافسة مع المستورد.
وذكر أن التصنيع فى الوقت الحالى مكلف للغاية، ويواجه منافسة شرسة من المنتج المستورد من الصين وتركيا وإيطاليا من حيث السعر والجودة، فى ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج محليًا، بجانب ندرة العمالة المدربة.
وأشار إلى أنه اتجه إلى تصنيع الدُش ووصلات السخان منذ عام 2016، إلا أن ارتفاع التكلفة وعدم توافر صناعات مغذية يعتبر عائقا أمام التطوير والتوسع.
وقال جمال الشهاوى، رئيس مجلس إدارة شركة حورس لاستيراد الأدوات الصحية، إن أسعار منتجات السباكة ارتفعت بنسبة %30 فى ظل نقص بعض المنتجات وزيادة الطلب عليها، تزامنًا مع تفعيل العمل بقرار المواصفة الخاصة باستيراد الأدوات الصحية.
وأضاف أن واردات الأدوات الصحية انخفضت بنسبة تتراوح بين 30 و%40 من كافة الأصناف الخاضعة للمواصفة الجديدة، ومنها الخلاطات والمحابس والصنابير والدُش.
وأشار إلى أن تذبذب أسعار العملة، أدى إلى تخوف المستوردين من شراء كميات كبيرة، حتى لا يتعرض منتجه لفقد جزء من قيمته مع انخفاض سعر الدولار.
قال الشهاوى، إن المصانع المحلية غير قادرة على الوفاء باحتياجات السوق المحلى، متابعا : «يجب إزالة العقبات الجمركية أمام مدخلات الإنتاج لتجميعها محليا، كما يجب تشجيع الاستثمار فى هذا المجال بالتعاون بين كافة الجهات المعنية».
وكشف فوزى عبدالجليل، مستورد أدوات صحية، إن نحو 40 من المستوردين اتجهوا إلى التصنيع من خلال شراء ماكينات وخطوط إنتاج لبعض المكونات وتجميعها محليا.
وطالب الحكومة، بإعادة النظر فى الرسوم الجمركية المفروضة على الأجزاء المستوردة الخاصة بالأدوات الصحية، فى ظل ارتفاع الجمارك عليها، وهو ما يعد عائقًا أمام التوجه للتجميع.
وأكد أهمية إعطاء حوافز للمصنعين، فضلا عن توفير التدريب اللازم للعمال وأصحاب المصانع من خلال اتحاد الصناعات المصرية فى ظل قلة الخبرات فى هذا المجال.
وأشار إلى أن غياب الصناعات المغذية للقطاع أدى لإغلاق نحو 3 آلاف ورشة تعمل فى الصناعات المغذية للسباكة خلال الفترة من 2011 إلى 2015، ما أثر سلبًا على توفير مدخلات الإنتاج.
وقال نبيل حسن، رئيس مجلس إدارة مصنع الخالدين لإنتاج مكونات الأدوات الصحية، إن ارتفاع حجم واردات القطاع يعد من الأسباب الرئيسية لتراجع المبيعات، ومن ثم انخفاض الطاقة الإنتاجية محليًا.
وأضاف أن المنتجات الأجنبية من الأدوات الصحية تتميز بـ«التقفيل» الجيد للمنتج مع خامات رديئة، فى حين ترتفع جودة المنتج المحلى مع «فينيش» سيئ، وهو ما يعزز صدارة «الأجنبى» للسوق.
أوضح حسن، أنه رغم كون الشركة منتجه لمكوّنات الإنتاج، إلا أن انخفاض مبيعات المنتج النهائى للشركات المحلية يقلل مبيعاتها أيضًا، لأنهم المستهلك الرئيسى لمنتجات شركته.
وكشف أن عدم استقرار سعر النحاس أدى إلى توتر السوق، إذ يرغبون فى تثبيت سعره سواء كان منخفضًا أو مرتفعًا، مضيفا : «نشترى أحيانًا بسعر مرتفع ثم نفاجأ بعد فترة قليلة بانخفاضه، وهو ما يدعو المصانع إلى طلب الشراء بالسعر الأقل، ويسبب خسائر كبيرة للشركات فى ظل انخفاض الإنتاج».
وأشار حسن، إلى أن النحاس الذى يعد المكوّن الرئيسى لمنتجاتهم، يرتبط بالسعر فى السوق العالمى، ويتراح سعره حاليًا فى السوق المحلى بين 20 و25 ألف جنيه للطن بحسب الجودة.
وتابع: «رغم ارتفاع أسعار الكهرباء التى نستخدمها بشكل كبير، إلا أن أكبر مشكلة تواجهنا هى عدم استقرار سعر النحاس ، وحل تلك المشكلة سيكون خطوة جيدة للغاية للعاملين بالقطاع».
وطالب حسن، الحكومة بتشديد الرقابة على واردات الأدوات الصحية ومكوّنات الإنتاج نظرًا لاستخدامها فى المياه، ما قد يضر بصحة المستهلك حال دخول منتجات رديئة للسوق».
وقال إن أحد أسباب تراجع مبيعات الأدوات الصحية خلال المرحلة الحالية، هو انخفاض القدرة الشرائية للمستهلك فى ظل ارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية، واعتبار الأدوات الصحية سلعا ترفيهية إلا لو كان لا بد من تغييرها بقطع جديدة.
وأضاف أن ذلك دعا بعض مصانع القطاع إلى خفض الطاقات الإنتاجية، وبالتالى انخفاض مبيعات مكوّنات الإنتاج.
ووافقه فى الرأى، عبدالرازق محمود، رئيس شركة الطاووس لتصنيع الأدوات الصحية، قائلا: «المبيعات انخفضت جدًا المرحلة الماضية بسبب ضعف القوى الشرائية للمستهلكين.. بدلًا من قيام المستهلك بتغيير قطع الأدوات الصحية ، أصبح يلجأ إلى إصلاحها».
وأكد محمود، أن ارتفاع سعر النحاس من ضمن أسباب ارتفاع سعر المنتج النهائى، ما دعا المصنع إلى خفض طاقته الإنتاجية إلى نحو %10 مما كانت عليه قبل نحو 3 سنوات، بجانب تقليل عدد العمالة.
وقال إن الشركة قد تلجأ إلى تصدير جزء من إنتاجها إلى أفريقيا لتعويض تراجع المبيعات محليًا، إلا أن ارتفاع تكلفة الإنتاج وصعوبة المنافسة خارجيًا قد يحولان دون إتمام الأمر.
وأشار إلى أن الشركة تقدمت بعينات من منتجاتها إلى بعض شركات المقاولات لفحصها تمهيدًا للتوريد إليها فى بعض المشروعات التى تشرف عليها.
وقال سمير محمود، رئيس مجلس إدارة شركة التقوى بيور، المتخصصة فى صناعة الأدوات الصحية ومواسير الصرف الصحى، إن أبرز العقبات التى تواجه القطاع، هى تراجع الطلب بشكل ملحوظ، ما نتج عنه تشغيل نحو %55 فقط من الطاقة الإنتاجية للمصنع.
وأضاف أن الطلب يكون فى المواسم فقط، مثل شهر رمضان وبدء الدراسة والأعياد، فى حين أرجع قلة التوريدات للمشروعات القومية إلى ضعف السيولة والشراء بالآجل، وبالتالى تعطيل الإنتاج بالمصنع لعدم حصولهم على مستحقاتهم.
وأشار إلى أن الأوضاع السياسية فى أسواق العراق والسودان وليبيا تسببت فى انخفاض الصادرات لانعكاسها السلبى على حركة الشحن إليها.
وذكر أن المصنع يستورد مستلزمات الإنتاج من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية، فى حين يتم توفير القطع النحاسية محليًا بسعر 120 ألف جنيه تقريبًا للطن.
وقال أشرف بيجر، رئيس شركة فرست لاستيراد الأدوات الصحية، إن المنتجات التركية تحظى بإقبال كبير من المستهلكين ، نظرا لسعرها الجيد وجودتها المرتفعة، فى حين تجذب المنتجات الصينية الفئات الأقل لانخفاض سعرها وإن افتقدت الجودة.
أما الإيطالية فالأغلى والأجود، ولكن الإقبال عليها ضعيف لتراجع القدرة الشرائية للمستهلكين.
وأضاف بيجر، أن السوق يعانى من ركود شديد أجبر الوكلاء وكبار التجار على خفض أسعارهم لتقليل الخسائر، موضحًا أن المنتج المصرى ذات جودة مقبولة وأحيانًا يتفوق على المستورد، ولكن يظل الركود هو العقبة الأكبر أمام السوق بأكمله.
وقال سامر السيد، المستشار المالى لشركة بولو إيجيبت للأدوات الصحية، إن السوق لم يعد يستوعب المنتجات الوسطية من ناحية الجودة أو السعر، فالمجتمعات العمرانية الفاخرة والفنادق تشترط أفضل المنتجات.
وأضاف أن الشركة كانت مستوردة حتى وقت قريب، وبعد تشديد الخناق على الواردات وجدت أن التصنيع أوفر، مما دفعها إلى إنشاء مصنع بتكلفة 4 ملايين جنيه، رغم المعوقات التى تواجهها من ناحية ارتفاع أسعار الطاقة والضرائب والتأمينات وفوائد القروض واستيراد الخامات.
وأوضح السيد، أن التكلفة ارتفعت بشكل كبير.. لكنها تظل أوفر من التضييقات على الواردات، إذ تعد المنتجات التركية والصينية والإيطالية المنافس الأبرز للمنتجات المحلية.
وذكر أن المشروعات العقارية الكبرى سواء للقطاع الخاص أو العام، تشترط فى تعاقداتها أحيانًا علامات تجارية بعينها، أو أن يكون المنتج إيطالى أو تركى الصنع، مما يُضعف استفادة الشركات الصغيرة والمتوسطة من تلك المشروعات.
وقال تامر أحمد، عضو مجلس إدارة شركة مكة ستيل لتشكيل المعادن، إنه اتجه إلى التصنيع بدلًا من الاستيراد بسبب القيود التى فرضتها الدولة على الواردات وارتفاع سعر الدولار، حتى بات أرخص من الاستيراد.
وأضاف أنه انتهى من إنشاءات مصنعه فى المنطقة الصناعية بجنوب بورسعيد، على مساحة 2000 متر مربع، باستثمارات تتراوح بين 35 إلى 40 مليون جنيه، إذ يستهدف طرح منتجاته فى بورسعيد ومحافظات الدلتا والقاهرة الكبرى كمرحلة أولى، على أن يتجه لبقية المحافظات المرحلة الثانية.
وقال أحمد عثمان، رئيس شركة الفرسان لاستيراد الأدوات الصحية، إن معظم المستوردين توقفوا عن استيراد الأدوات الصحية، منذ تحرير سعر الصرف نوفمبر 2016 وتضاعف سعر الجنيه مقابل الدولار.
وأضاف أن صعوبة توفير السيولة الدولارية بجانب القيود الحكومية على الواردات لضبط الاستيراد مثل قرار «تسجيل المصانع»، ومنع دخول بعض المنتجات لمخالفتها المواصفات والجودة وفقًا لمصلحة الجمارك.. كل ذلك تسبب فى تراجع أعداد المستوردين ومن ثم حجم الواردات.
وأوضح أن التضييق على عملية الاستيراد وعدم وجود بدائل محلية دفع عددا كبيرا من تجار الأدوات الصحية إلى تغيير نشاطهم.
وكشف وجود فجوة بين الاستهلاك والانتاج المحلى تصل إلى %55، ما يتطلب إعادة النظر فى بعض الضوابط الاستيرادية، أو منح حوافز للمستوردين للتحول من الاستيراد إلى التصنيع، مطالبًا الحكومة بإعداد دراسة للقطاع للوقوف على مواطن الخلل ومعالجتها.
واقترح عثمان إنشاء مناطق صناعية متخصصة لكل صناعة، حتى يتمكنوا من تقديم المساعدات الفنية وتشجيعهم على التصدير، بجانب توفير تمويلات مالية للتطوير.
وقال ياسر حسنى، رئيس الشركة المصرية الإسبانية للأدوات الصحية، إن الصناعة مرتبطة بالسيراميك لدخوله فى تكاليف الإنتاج.. لذلك يعتبر ارتفاع سعر الغاز من أبرز المشكلات التى تحد من تطور عمل القطاع بجانب ضعف جودة المادة الخام.
وأضاف أن الشركة تستورد المادة الخام التى تدخل فى صناعة الأحواض حتى تتطابق مع المواصفات والجودة العالمية.
وتتمثل تلك المادة فى الخزف أو البورسلين اللذين يتميزان بمقاومتهما للحرارة والتلف، بجانب الحفاظ على الجودة والشكل الجمالى.
وأوضح حسنى، أن توفير تلك المادة محليًا بالجودة العالية المطلوبة سيعمل على إحداث طفرة كبيرة فى الصناعة، لاحتياج المصانع إليها.
وتابع: «يمكن تطويع أى مادة خام سواء البلاستيك المقوى أو الحديد المصقول فى صناعة الأدوات الصحية، إلا أن مقاييس المواصفات والجودة المتعارف عليهما عالميًا قد تقف عائق أمام ذلك».