مساعدة الجماهير على التخلص من السموم الرقمية تعزز مشاركتهم
تطبيق القيلولة ينبه المستخدم للاستراحة لتجديد النشاط الإلكترونى
من الواضح أن جعل عملية الرقمنة مستدامة سيعتمد على تلبية احتياجات الناس فى المجال الرقمى بدلاً من السعى وراء الابتكار من أجل الابتكار، وللاستجابة للتحديات الكثيرة المحددة فى هذه الدراسة هناك عدة توصيات للعلامات التجارية والحكومات.
فى البداية يجب تقسيم شريحة المستهلكين والجمهور حسب الدافع والاحتياجات، فالأساليب التقليدية للتقسيم حسب الخصائص الديموغرافية غير كافية فهناك حاجة لتحليل دوافع التعامل مع المنتجات والخدمات ما يعنى للعلامات التجارية إمكانية تصميم استراتيجياتها بدقة أكبر بكثير.
وعلى سبيل المثال عندما يتعلق الأمر بالنماذج الأولية للمنتجات والخدمات الرقمية الجديدة فقد يكون من المنطقى استهداف جماعة ذات مستويات منخفضة من الإلمام بالأدوات الرقمية أو لا تؤمن بالتأثير المجتمعى الرقمى ومن خلال التعرف على هذه المجموعات المهمشة يمكن ضمان تطوير منتجات وخدمات أكثر شمولاً واسرع انتشاراً على نحو أكثر فاعلية فى أسواق متعددة.
ويعمل المستهلكون على الأرجح عند استخدام المنتجات والخدمات الرقمية على تقليل كمية البيانات التى يشاركونها وتثبيت برامج حظر الإعلانات وإدارة بصمتهم الرقمية بشكل عام وفقاً لشروطهم، وهذا يميز قدرة العلامات التجارية على زيادة قيمة التفاعلات التى تجنيها من المستهلكين.
فعلى سبيل المثال، احتفلت شركة “أديداس” بشراكتها التى دامت 30 عاماً مع “هيئة ألعاب الوى” فى بوسطن وإصدار نسخة جديدة من حذاء الركض فقامت بتقديم مقطع فيديو مخصصاً لكل واحد من 30 ألف عداء شاركوا فى مارثون بوسطن 2018 وتم إرسالها بالبريد الإلكترونى إلى المتسابقين بعد ساعات فقط من انتهاء السباق.
واستفادت الحملة الإعلامية لـ”أديداس” من فعالية كبيرة انطلاقاً من خط الأساس العام للعلامة التجارية وارتفع معدل البريد الإلكترونى المفتوح للحملة بنسبة 113% وزادت مبيعات المنتج الفعلى لكل بريد إلكترونى بنسبة 1.189%.
على جانب آخر، مع اتخاذ العديد من المستهلكين خطوات لتقليل كمية البيانات التى يشاركونها والوقت الذى يقضونه عبر الإنترنت يمكن استخدام مميزات الولاء فى مساعدتهم على التفاعل مع المنتجات والخدمات الرقمية بشروطهم الخاصة.
وإذا تمكنت العلامات التجارية من وضع احتياجات المستهلكين فى المقام الأول من خلال دعم ارتباطهم الصحى بالعالم الرقمى، فسوف يعززون علاقات عملائهم، وعلى سبيل المثال تمتلك كل من “أبل” و”جوجل” ميزات غير مكتشفة لتشجيع مستخدميها على التخلص من السموم رقمياً بإظهار “زر وضع القيلولة” بعد الظهر ليأخذوا استراحة لمدة معينة خلال يوم واحد أو لمدة أسبوع واحد أو أكثر، ويمكن للشركات جعل الشفافية حول استخدام البيانات مصدراً إيجابيًا، لأن استخدامها هو المحرك الأول لعدم الثقة فى صناعة التكنولوجيا.
وقام البنك الأسترالى “إيه إن زد” بالشراكة مع الوكالة الرقمية “إسبور” بتحويل عملية طلب القرض إلى أسلوب سلس وشفافة للعميل من خلال “Banker Desktop” وهى تجربة شاشة مشتركة موحدة تمكن العملاء من تولى مسئولياتهم المالية بأنفسهم.
وبسط البنك العملية للعملاء والمصرفيين على حد سواء وتطلب ميزة هذه الشاشة فقط البيانات الأكثر أهمية من العميل ومن خلال التركيز على الشفافية فى تجربة العميل تمكن البنك من تقليل وقت تقديم الطلب بنسبة 83%، مما يوفر للشركة 1660 ساعة يومياً بجميع أنحاء أسترالياً.
ومن التوصيات المهمة أيضاً ضرورة فهم المهارات الرقمية لدى موظفى الشركات وإعادة وضع تصور عمليات العمل وتصميم المؤسسة باستمرار حسب القدرات الكاملة للأفراد.
وتوجد شركة واحدة قدمت نموذجاً مثالياً للحرص على تحديد مهارات موظفيها وهى شركة “تى ايه آند تى” متعددة الجنسيات كجزء من مبادرتها “الاستعداد للمستقبل” لإعادة تشكيل موظفيها من حيث المهارات التكنولوجية.
وقامت الشركة بإنشاء بوابة الذكاء المهنى “AI-p”، والتى ترسم خريطة طريق لكل موظف مع القيام بوضع مسار لرحلة عمل الموظف من حيث يقف هو إلى حيث يريد أن يكون، وتمكن البوابة الموظفين من التعرف على الوظائف المطلوبة فى الشركة والمهارات طويلة الأجل المطلوبة منهم، ثم يتم وضع منهج للموظفين لاكتساب هذه المهارات، حيث تهدف المبادرة لإعادة تدريب 100 ألف موظف بحلول عام 2020.
وتتناول زاوية أخرى من التوصيات أهمية البحث عن طرق ذات مغزى لتعزيز فهم قوة التقنيات الرقمية فى تحسين المجتمع وتلبية احتياجات الناس ورغباتهم.
وفى أواخر عام 2017، بالاشتراك مع الوكالة الرقمية “i 360” أصدرت شركة “ناشونال جيوجرافيك” أول تطبيق تأمل صوتى على الإطلاق باسم “Bravo Tango”، للمحاربين القدامى لمعالجة مشاكل الصحة العقلية فى مجتمعهم.
ويقدم التطبيق تمارين التأمل بداية من التنفس والتركيز إلى التصور واسترخاء العضلات ويتعرف التطبيق على أكثر من 40 حالة مزاجية بما فى ذلك الغضب والشعور بالوحدة والتعب والحزن والخوف لربط المستخدمين بممارسة مناسبة بناءً على مشاعرهم، ومنذ إطلاقه، اكتسب التطبيق أكثر من 10 آلاف مستخدم جديد وكان متوسط الوقت الذى يقضيه الشخص فى التطبيق خلال الشهر الأول من إطلاقه 10 دقائق.
ولكن ماذا عن دور الحكومة؟.. فى عام 2018، احتلت حكومة الدنمارك المرتبة الأولى فى استبيان الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية الذى يجرى كل سنتين، وهو ترتيب للحكومات الرقمية الأفضل أداءً فى العالم نتيجة لاستراتيجيتها الرقمية الأولى التى تنص على وجوب استخدام جميع المواطنين للخدمات العامة عبر الإنترنت وتلقى البريد الإلكترونى من الحكومة.
ويسلط النظام الضوء على أهمية حماية ثقة الجمهور فى هذه البيئة من خلال التزام شفاف بجعل هذه الخدمات آمنة للمواطنين والشركات على حد سواء، وتشمل الاستراتيجية الرقمية للدنمارك الجهود المبذولة لدعم فرص الأعمال الجديدة للقطاع الخاص وتشجيع الانتقال الرقمى للأعمال من خلال تحسين الظروف المحيطة، ويمكن للحكومات أن تأخذ زمام المبادرة من خلال إشراك الناس فى عملية تقرير ما هو أخلاقى وما يحمى مصالحهم، لا سيما من حيث صلته بالأخلاقيات حول استخدام البيانات الشخصية.
وفى إسبانيا، يهدف مشروع التشفير “DECODE” إلى بناء مجتمع رقمى جدير بالثقة من خلال إنشاء أدوات تسخر تقنيات سلاسل الكتلة والتشفير لاسترداد الأشخاص لملكية بياناتهم، وهى تعمل حاليًا مع مجلس مدينة برشلونة ومنصة التكنولوجيا المدنية Decidim.org لتمكين المواطنين من التعبير عن آرائهم مع التحكم بالوقت نفسه فى بياناتهم الشخصية.
ولتسهيل الأمر على الناس من حيث تحديث مهاراتهم على مدار حياتهم والاستفادة من إمكانات التقنيات الرقمية لخلق تجارب تعليمية أكثر مغامرة استخدمت حكومة سنغافورة تقنيات الواقع الافتراضى والمعزز لإنشاء وحدات تعليمية جذابة وتدريب لطلاب الطب فى السنة الأولى والثانية بجامعة سنغافورة الوطنية.
ويمكن من خلال النظام ممارسة التشريح البشرى التفاعلى الظاهرى عبر استكشاف التشريح والتعامل مع الأجزاء والهياكل المختلفة باستخدام سماعة رأس وأجهزة تحكم محمولة باليد، فضلاً عن المشاركة بتمارين ظرفية يصعب تكرارها فى الحياة الواقعية.