ظهر تأثير العقوبات اﻷمريكية الكبير على الاقتصاد الإيرانى عندما أعلن صندوق النقد الدولى، فى أحدث توقعاته للنمو الاقتصادى، إمكانية انكماش اقتصاد إيران بنسبة 9.5% هذا العام، رغم إصرار حكومة الرئيس الإيرانى حسن روحانى على أن اﻷسوأ قد انتهى.
وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، إن صندوق النقد أكد أن إيران شهدت تدهوراً حاداً فى أوضاع الاقتصاد الكلى خلال العامين الماضيين ومرت بضغوط شديدة.
وقال أحد خبراء الاقتصاد الإيرانيين، إن إيران تمر بمرحلة نادرة من النمو الاقتصادى المنخفض فى تاريخ البلاد المعاصر، فهى لم تواجه مثل هذه اﻷزمة فى معظم أوقات حربها مع العراق خلال الثمانينيات وقبل ذلك ربما فقط عند غزو القوات “الأنجلو – سوفيتية” لإيران فى الحرب العالمية الثانية.
وخلال اﻷسبوع الماضى، توقع البنك الدولى أيضاً وصول اقتصاد إيران إلى أدنى مستوى له، قائلاً إنه سيشهد نمواً نسبته 0.5% سنوياً على مدى العامين المقبلين.
وتعرض اقتصاد إيران لصدمة فى مايو 2018 عندما قرر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووى وفرض عقوبات شديدة على الجمهورية الإسلامية.
ومنذ ذلك الحين، انخفضت قيمة الريال الإيرانى بنحو 60% خلال العام الماضى، وارتفع التضخم فى البلاد، كما انخفضت صادرات البترول، الذى يعتبر شريان الحياة للبلاد، من ذروتها البالغة 2.8 مليون برميل يومياً قبل فرض العقوبات إلى مئات الآلاف من البراميل يومياً الآن.
وقال مسؤولون إيرانيون إن بيانات الاقتصاد الكلى تحسنت فى النصف اﻷول من العام التقويمى الإيرانى والذى يبدأ من نهاية مارس وحتى سبتمبر، وسجل الاقتصاد، باستثناء صناعة البترول، نمواً نسبته 0.4% فى الربع الأول من العام الإيرانى.
وفى الوقت نفسه، اعترف روحانى بأن الناس لا يزالوا يشعرون بالضغط الاقتصادى الهائل، ولكنه قال أيضاً إن حكومته تمكنت من عبور العاصفة والحرب النفسية والسياسية والاقتصادية الكبيرة بنجاح، ويرجع الفضل فى ذلك إلى يقظة ومقاومة بلاده، كما أنه وعد الشعب بنتائج اقتصادية ملموسة فى وقت قريب.
وكدليل على ذلك، أشارت إيران إلى ارتفاع قيمة عملتها المحلية بنسبة 40% على مدار العام وحتى سبتمبر الماضى، فضلاً عن ازدهار بورصة طهران وزيادة الإنتاج الزراعى والصناعى.
بالإضافة إلى ذلك، استقرت الإيرادات الحكومية، بفضل ارتفاع الإيرادات الضريبية، بينما ساعد ارتفاع الصادرات غير البترولية، خاصة إلى دول الجوار مثل العراق وأفغانستان، فى تعويض النقص الحاد فى العملة اﻷجنبية والناتج عن انخفاض أرباح البترودولار.
وقال سعيد ليلاز، الخبير ذو التوجه الإصلاحى فى الاقتصاد السياسى الإيرانى، إن توقعات صندوق النقد الدولى لا تعكس تجربة الكثير من الناس، مشيراً إلى أن الاقتصاد كان سيشهد انهياراً الآن لو كان ينكمش بنسبة 9.5% هذا العام ولكن لا يوجد أى علامات على ذلك.
وقال روحانى، يوم الأربعاء الماضى، “فى الوقت الذى يمكن فيه للاقتصاد الإيرانى مواصلة تلبية الاحتياجات اليومية للأفراد، ربما تعيق العقوبات اﻷمريكية مساعى التنمية الاقتصادية على المدى الطويل، لذا فإن البلاد بحاجة إلى تحسين علاقاتها مع العالم الخارجى”.