0.25% تراجعاً فى النمو خلال الربع الثانى بعد مشكلات عملاق الطيران
قال رئيس بنك الاحتياطى الفيدرالى جيروم باول إن هناك تيارات متلاطمة واضحة تؤثر سلباً على الاقتصاد الأمريكى، بما فى ذلك التجارة وضعف الطلب الأجنبى، ولكن هناك عنصراً أقل وضوحاً ربما يضاف إلى القائمة، وهو شركة “بوينج الأمريكية لصناعة الطائرات”.
ولا تتصدر مشاكل الشركة المصنعة للطائرات عناوين الأخبار فحسب، بل إنها تقود البيانات الاقتصادية الأمريكية أيضاً.
وأوضحت ميجان جرين، الكاتبة فى صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن طائرة “ماكس 737” التى توقف تشغيلها فى العالم بعد حادث سقوط طائرتين من نفس الطراز، تسببت فى خفض النمو اﻷمريكى والإنتاجية والأرباح فى عدد من الشركات الأمريكية.
وأضافت أن “بوينج” ليست شركة عادية، بل إنها أكبر مصدر تصنيع فى الولايات المتحدة وصاحب عمل هائل، فمنتجاتها تتكلف مئات الملايين من الدولارات وتتطلب آلاف الموردين، وبالتالى ليس هناك غرابة فى تأثر الاقتصاد بتراجع تصنيف الشركة على خلفية زيادة مخاطر طائرات “ماكس737”.
وحدد خبراء الاقتصاد تأثير “بوينج” على نمو الاقتصاد اﻷمريكى بنسبة 0.25% فى الربع الثانى، ولكن مجلس المستشارين الاقتصاديين فى البيت الأبيض يعتقد أن الضرر أكبر من ذلك، فقد تسببت مشكلات “بوينج” فى خفض الناتج المحلى الإجمالى اﻷمريكى بنسبة 0.4% بين شهرى مارس ويونيو الماضيين.
واﻷهم من ذلك، أن “بوينج” أثرت سلباً على أجزاء الاقتصاد، التى كان يشعر الاقتصاديون بالقلق بشأنها، وهى الاستثمار والصادرات والمخزونات، فقد اضطرت الشركة إلى خفض إنتاجها من طائرات “ماكس 737” من 52 طائرة شهرياً إلى 42 طائرة، وذلك فى ظل عدم قدرتها على تسليم الطائرات التى تصنعها.
وعندما تقدم شركة طيران أو شركة تأجير على شراء طائرة، فإن ذلك يعد بمثابة استثمار تجارى ويعزز الناتج المحلى الإجمالى، ولكن النمو لا يتوقف إلى حين تسليم طائرة، ولكن هذا ما يحدث مع “بوينج” عندما يتم إيقاف شحنات طراز بوينج الأكثر شعبية.
ومما لا شك فيه أن مشاكل الطائرة “ماكس” تسببت فى الحد من الاستثمارات الأمريكية خلال الربع الثانى، وبالطبع لا تباع كل الطائرات على المستوى المحلى، فقد كانت صادرات الولايات المتحدة من الطائرات وأجزائها ومحركاتها مذهلة حيث بلغت 130 مليار دولار عام 2018، أى ما يعادل حجم الصادرات الأمريكية إلى الصين فى العام ذاته، ولكن تعليق طيران طائرات “ماكس” تسبب فى انخفاض الصادرات بنسبة 7.5% فى الربع الثانى.
ويعتبر تأثير “بوينج” هام من الناحية الاقتصادية، فرغم اتفاق معظم المستثمرين مع باول فى تأثر الاستثمارات والصادرات والمخزونات المزدهرة بحالة عدم اليقين حول التجارة وانخفاض الطلب الخارجى إلا أن الرواية غير مكتملة.
وقالت الشركة اﻷمريكية، الأسبوع الماضى، إنها تسعى للحصول على موافقة تنظيمية لإعادة “ماكس 737” للخدمة مرة أخرى فى الربع الرابع، فهذا اﻷمر سيساهم فى زيادة الإنتاج خلال العام المقبل، وستشهد الاستثمارات والصادرات الأمريكية تعزيزاً فى ظل تسليم الطائرات أخيراً كما أن المخزونات ستنخفض، مما قد يحسن الاقتصاد.
ولكن لا يزال هناك بعض الدلائل على أن إدارة الطيران الفيدرالية قد تؤجل منح “ماكس 737” الإشارة بحل كافة مشكلاتهم، كما أن خطوط “ساوث ويست” الجوية والخطوط الجوية الأمريكية والخطوط الجوية المتحدة وطيران كندا قامت جميعها بإلغاء رحلات الطائرات “ماكس” حتى يناير المقبل.
وأشارت “بوينج” إلى أن أى تأخير إضافى فى تشغيل”ماكس” قد يجبرها على خفض إنتاج الطائرات مرة أخرى أو إيقافه تماماً، مما قد يؤدى إلى تعريض الاستثمارات والصادرات الأمريكية لضربة شديدة دون تسجيل أى زيادة فى المخزونات، كما أن المخاوف المتعلقة بالتصنيع والركود الاقتصادى ستزداد.
ولا تعتبر “بوينج” العامل الوحيد الذى يؤثر على الاقتصاد الأمريكى، ولكن تأثيرها لا يُقدر فى أحيان كثيرة، كما أن قرار إعادة تحليق الطائرات “ماكس” مرة أخرى ربما يثبت تأثيره فى المنعطف الاقتصادى، لذا يجب ترقب “بوينج” أيضاً.