160 مليار دولار عجزاً حال معاناة صناديق الدخل الثابت من نقص متزامن للسيولة
قال صندوق النقد الدولي، إن صناديق السندات التي تحتفظ بأصول تبلغ قيمتها حوالى 1.7 تريليون دولار قد تواجه صعوبات في سداد المستثمرين بشكل فورى إذا زادت التقلبات ، محذرا من أن المشاكل في أسواق الدخل الثابت يمكن أن تزعزع استقرار النظام المالي العالمي.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” ، أن هذا التحذير تزامن مع تزايد المخاوف من ظهور فقاعة تسعير خطيرة في أسواق الدخل الثابت، إذ تتداول سندات بقيمة 15 تريليون دولار، وهو ما يمثل حوالي ربع الدين الصادر عن الحكومات والشركات على مستوى العالم بعوائد سلبية.
وتشير العائدات السلبية إلى ارتفاع الأسعار، لدرجة أن عائد المستثمرين سيكون أقل مما دفعوه عن طريق الفائدة والرأسمال إذا ما احتفظوا بالسندات حتى تاريخ الاستحقاق.
ويدق هذا الانعكاس أجراس الإنذار ،إذ إن السندات عنصر أساسي للمؤسسات الاستثمارية في جميع أنحاء العالم.
وتضخمت المخاوف بين المنظمين من أن صناديق السندات قد تكافح لتلبية طلبات السداد من قبل المستثمرين، بسبب مشاكل السيولة الأخيرة.
أوضحت الصحيفة البريطانية، أن العديد من مديري صناديق السندات قاموا بخفيض حيازاتهم من النقد والأصول السائلة الأخرى التي توفر دخلاً ضئيلًا أو معدومًا، في محاولة لتحسين العائدات.
وأدى البحث عن العائد، إلى ارتفاع الطلب على الأصول ذات الجودة الأقل والتي قد يصعب بيعها إذا تدهورت ظروف السوق.
وفحص صندوق النقد الدولي، عينة مكونة من 1760 صندوق سندات، أى حوالي 60% من أصول الدخل الثابت عالمياً والتي تبلغ 10.6 تريليون دولار لتحديد ما إذا كانت هذه الصناديق ستظل قادرة على تلبية أشد التدفقات الشهرية الخارجية التي سجلتها منذ يناير 2000.
وخلص تقرير صندوق النقد، إلى أن ما يقرب من سدس جميع أصول صناديق الثابت الدخل ستواجه “نقص السيولة”، ما يعني أن مديريهم لن يكون لديهم ما يكفي من النقد أو الأصول السائلة أو الائتمان المتاحة لإجراء سداد فورى للمستثمرين.
ولاحظ صندوق النقد الدولي، أن أضعف خُمس صناديق الدخل الثابت، قد تواجه نقصًا حادًا في السيولة يتجاوز 20% من أصوله.
وزاد متوسط النقص في السيولة عبر صناديق السندات بنحو الثلث على مدار العامين الماضيين، وقد يبلغ إجمالي العجز في قطاع الدخل الثابت 160 مليار دولار إذا كانت جميع الصناديق تعاني من صدمة سيولة متزامنة.
وقال المستشار المالي لصندوق النقد الدولي، توبياس أدريان، إن الانخفاض في حيازات الأصول السائلة يثير تساؤلات حول قدرة صناديق الدخل الثابت على امتصاص صدمات الاسترداد.
وكانت المشاكل أكثر انتشارًا بين الصناديق عالية العائد التي تستثمر في ديون الشركات الأقل جودة.
وقال صندوق النقد الدولي، إن نصف أصول الصندوق ذات العائد المرتفع تقريبًا قد تواجه نقصًا في السيولة، إذا واجه مدارئها تكرارًا لأكبر انسحاب شهري لها منذ عام 2000.
وحذر صندوق النقد، من أنه إذا كانت صناديق السندات غير قادرة على تلبية طلبات الاسترداد، فإن هذا قد يشعل النار في المبيعات ،و سيتخلى المديرون عن الأصول لجمع الأموال.. الأمر الذي من شأنه أن يتسبب في خسائر للمستثمرين الآخرين و يزيد مخاطر النظام المالي.
وذكرت “فاينانشيال تايمز”، ان أسعار الفائدة المنخفضة للغاية التي أدخلتها البنوك المركزية بعد الأزمة المالية، شجعت الارتفاع الكبير في إصدار الديون من جانب الحكومات والشركات خلال العقد الماضي.
لكن كشف تحليل صندوق النقد، أن ما يصل إلى 40% مما قيمته 19 مليار دولار من الديون المستحقة على الشركات، أصبحت الآن عرضة لخطر التخلف عن السداد إذا كان هناك تباطؤ اقتصادي عالمي، وقد يؤدي إلى خسائر واسعة النطاق لصناديق السندات.
وقال صندوق النقد الدولي، إن صانعي السياسة ينبغى عليهم النظر في إدخال معايير جديدة بناءً على مقاييس الجودة والسيولة لإدراج الأصول في محافظ الدخل الثابت لتقليل المخاطر.
واقترح أيضًا ، مطالبة مديري الأصول بمطابقة فترة الاسترداد لأموالهم بشكل أفضل مع ملف السيولة الخاص بمحافظهم الاستثمارية.
وسيتطلب ذلك تغييرات شاملة في الممارسة الحالية في أوروبا ، إذ توفر الغالبية العظمى من صناديق الاستثمار المشتركة للمستثمرين، السيولة اليومية رغم عدم وجود التزام رسمي للقيام بذلك.
وقال محافظ بنك إنجلترا، مارك كارني ، إن نقاط الضعف في السيولة هي مشكلة واسعة الانتشار لأن العديد من الصناديق تقدم عمليات استرداد يومية أثناء الاستثمار في الأصول،و التي قد تستغرق أسابيع أو أشهر للبيع بطريقة منظمة.
أوضح أن عمليات الاسترداد على نطاق واسع من الصناديق، يمكن أن تختبر قدرة الأسواق على استيعاب مبيعات الأصول، وتؤدى إلى تضخيم تحركات الأسعار ونقل الضغوط إلى أجزاء أخرى من النظام المالي بالاضافة إلى تعطيل توافر التمويل في الاقتصاد الحقيقي.
وقال باسكال بلانكوي، كبير مسؤولي الاستثمار في “أموندى” أكبر مدير للأصول في أوروبا، إن برامج شراء السندات الضخمة التي أدخلتها البنوك المركزية استجابة للأزمة المالية العالمية كانت مسؤولة جزئياً عن مشاكل السيولة في أسواق الدخل الثابت.
وأكدّ بلانكوي، أنه مع ارتفاع حصة الأصول التي تحتفظ بها البنوك المركزية ، ستكون هناك ندرة متزايدة في السندات المتاحة للمستثمرين للشراء.. الأمر الذى يضغط على السيولة في بعض الأسواق.