تتطلع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” للتعاون مع القطاع الخاص المصرى لتوفير الغذاء للمستهلكين بالسعر المناسب بجانب مشروعاتها المشتركة مع الجهات الحكومية ومنها وزارات الزراعة والرى والبيئة.
واحتفلت “الفاو” منذ أيام باليوم العالمى للأغذية تحت شعار “نظم غذائية صحية من أجل القضاء على الجوع فى العالم”.
وقال تقرير “الفاو” إن أكثر من 672 مليون من البالغين و124 مليون من الفتيات والفتيان فى عمر من 5 إلى 19 سنة يعانون من السمنة المفرطة، ويعانى أكثر من 40 مليون طفل دون سن 5 سنوات من زيادة الوزن، فى حين يعانى أكثر من 820 مليون شخص من الجوع.
وأرجع التقرير أسباب تلك المعدلات إلى النظام الغذائى غير الصحى ووصفه بالعامل الخطر الرئيسى للوفيات فى جميع أنحاء العالم.
وقال الدكتور نصر الدين حاج الأمين، ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” فى مصر إن “الفاو” تتعاون مع الحكومة المصرية عن طريق وزارة الزراعة التى تعد شريك للمنظمة الفاو باعتبارها مسئولة عن إنتاج الغذاء.
اتفاق مع “الزراعة” لتطبيق الإدارة المستدامة للأراضى والمياه والتنوع الزراعى بالوادى الجديد
أضاف أن وزارة الزراعة المصرية لها خبرة كبيرة فى مجال التغذية، ولكن التعاون غير مقتصر فقط على مجال الزراعة، وإنما يمتد إلى وزارات البيئة والرى وغيرها.
وتابع الأمين “وزارة الزراعة هى الشريك الأساسى لنا فى مصر، لكننا نتعاون مع كافات الجهات ومن بينها مؤسسات القطاع الخاص من خلال الوزارة”.
أوضح أن الأطفال والنساء فى مقدمة أولويات منظمة “الفاو” ويوجد تركيز على بعض المحافظات الأكثر احتياجاً، ويتم المساعدة على مستويات مختلفة، منها الإنتاج وابتكار نظم إنتاجية جديدة للزراعة، وفى مجال التوعية، والاستهلاك السليم وتشكيل الوجبات المناسبة كما يتم تنظيم برامج مع كافة الجهات الأخرى فى مجال الزراعة.
وقال الأمين إن “الفاو” مستعدة للتعاون مع كافة الشركاء ومن بينهم القطاع الخاص، لأن له دوراً كبيراً حيث يعد القطاع الأكثر تأثيراً على جودة الغذاء وتوصيله إلى أماكن أكثر احتياجاً، كما أنه يقوم بعمليات ما بعد الحصاد والتبريد والتخزين والتوزيع والتصنيف، وبالتالى يلعب دوراً فى توفير الغذاء بالسعر المناسب للمستهلك.
وأضاف “سد الفجوة الغذائية مهم، لكن أرى أنه ليس الهدف الوحيد والرئيسى، فسد الفجوة شبه مستحيل فى ظل نقص الإنتاج ونقص المياه، والمطلوب ضبط الفجوة حتى لا تتفاقم بشكل مضر وتوفير موارد أخرى بشكل مضمون ومستدام”.
أوضح أن الظروف والتحديات التى تواجهها مصر تقتضى ضرورة الانتقال إلى أنظمة غذائية أكثر استدامة، وضخ المزيد من الاستثمارات فى الأنظمة الزراعية والغذائية، علاوة على زيادة الإنفاق على البحث وتطوير سلاسل الإمداد الزراعية والغذائية بهدف تعزيز الابتكار ودعم زيادة الإنتاج المستدام.
وقال الأمين إن نتائج مصر فى نقص التغذية تقل عن 5%، لكن التحدى الأكبر حالياً لمصر هو مواجهة مشكلات سوء التغذية للأطفال والنساء فى مراحل الحمل، بجانب زيادة نسبة أمراض البدانة.
أضاف أن سوء التغذية يمكن أن يؤدى إلى العديد من المشاكل الخطيرة، ومنها على سبيل المثال، إصابة الأطفال بـ”التقزم” والتى وصلت نسبتها إلى 20% على مستوى مصر.
وتابع “نسبة البدانة متزايدة بشكل كبير على مستوى دول العالم، بينما على مستوى مصر، فإنها تصل إلى أكثر من 30%”.
أوضح أنه على صعيد نقص التغذية فمصر حققت نجاحات كبيرة، حيث يحصل العديد من الأشخاص على كميات تكاد تكون كافية من السعرات الحرارية.
مشكلة مصر تتلخص فى سوء التغذية والبدانة ونقص التغذية لا يتعدى 5%
وحول أحدث مشروعات “الفاو” مع الحكومة المصرية قال الأمين “أبرمنا منذ أيام اتفاقا حول الإدارة المستدامة للأراضى والمياه والتنوع البيولوجى الزراعى بالوادى الجديد وهو مشروع يعتمد على نهج النظام الإيكولوجى، خاصة أهداف النظم الإيكولوجية الزراعية، التى تتمثل فى نظم الإنتاج الزراعية والرعوية المعقدة”.
أضاف أن المشروع يوفر للمجتمعات المحلية وأصحاب الحيازات الصغيرة القدرات التقنية والوسائل المالية والمعرفة والدعم المؤسسى اللازم لتخطيط وإدارة موارد الأراضى والمياه والتنوع البيولوجى الزراعى على نحو مستدام.
أوضح الأمين أن الإدارة المستدامة للأراضى والمياه التى ينفذها أصحاب الحيازات الصغيرة يجب أن تكون متناسبة مع خطة الإدارة التى تأخذ فى الاعتبار النطاق الواسع للقدرة الاستيعابية لقاعدة الموارد الطبيعية.
ويرى الأمين أن الدول العربية تعانى مشكلة خاصة، وهى أن بها فجوة كبيرة ومتسعة، فالمنتج من الغذاء لا يكفى احتياجات المنطقة العربية لأن الموارد محدودة لهذه الدول، وهذا أصبح واضح من التعايش مع الأزمة، وتوجد مجهودات منذ الستينيات والسبعينيات، وحتى الآن لخفض هذه الفجوة، وبالتأكيد تم تحقيق إنجازات إلا أن الفجوة كبيرة ومتزايدة.
وقال إن “الفاو” تدعو هذه الدول إلى مزيد من التعاون، خاصة فى مجالات زيادة الإنتاج لأن الفجوة واقع حالى، ويمكن للدول توفير المطلوب بأساليب أخرى آمنة ومستمرة أكثر من التركيز على الإنتاج فقط.
أضاف الأمين “نقص المياه فى الوطن العربى يهدد باتساع الفجوة الغذائية وفى الحقيقة المياه فى تناقص على مستوى العالم، والماء أكثر شحاً فى المنطقة العربية، وهذه واحدة من المهددات الرئيسية لزيادة إنتاج الغذاء فى الدول العربية”.
820 مليون شخص على مستوى العالم لا يجدون ما يكفيهم من غذاء
أوضح أن البدائل المتاحة تتمثل فى زيادة إنتاج الغذاء من نقطة الماء، والآن بحكم مجهودات العمل على مستوى العالم، توجد تكنولوجيا حديثة لتحسين العمل، بجانب زيادة الموارد المائية نفسها، وتحسين الجودة فيها، وإعادة استخدامها بشكل أفضل، وتحلية مياه البحر، لكن التعاون الإقليمة فة استخدام المياه هو بديل رئيسى لتعويض النقص.
وقال ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” فى مصر إن المنظمة تقود الجهود الدولية للقضاء على الجوع وتهدف لتحقيق الأمن الغذائى للجميع والتأكد من أن البشر يحصلون بانتظام على ما يكفى من الغذاء عالى الجودة لقيادة حياة نشطة وصحية وتعمل المنظمة فى أكثر من 130 دولة على مستوى العالم مع أكثر من 194 دولة عضواً.
أضاف أن تقرير حالة الأمن الغذائى والتغذية فى العالم لعام 2019 يشير إلى أن أعداد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية فى العالم فى تزايد إذ لا يجد أكثر من 820 مليون شخص ما يكفيهم من الغذاء، من بينهم أكثر من 50 مليون شخص فى منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، فيما تواصل معدلات زيادة الوزن والبدانة ارتفاعها فى جميع المناطق، خاصة بين الأطفال فى سن الدراسة والبالغين.
وأوضح الأمين أن نظم الغذاء الحالية عاجزة عن ضمان الأمن الغذائى للجميع، أو توفير نظم غذائية صحية بل وتُسهم النظم الغذائية كذلك فى التدهور البيئى، بسبب الطريقة التى تعمل بها نظم الغذاء حاليًا، بدءاً من الإنتاج الزراعى ووصولاً إلى التصنيع ومن ثم البيع بالتجزئة، حيث يتسبب الإنتاج المكثف للأغذية، إلى جانب تغير المناخ، فى فقدان التنوع البيولوجى بسرعة.
وتابع “اليوم ليس هناك إلا 9 أنواع نباتية تمثل 66% من إجمالى إنتاج المحاصيل، على الرغم من حقيقة أنه على مر التاريخ تم زراعة أكثر من 6 آلاف نوع من الأغذية ويعد وجود مجموعة متنوعة من المحاصيل المختلفة أمرًا حاسمًا لتوفير نظم غذائية صحية وحماية البيئة”.
وقال إن التغير المناخى يؤثر على نقص التغذية فى مصر والمنطقة حيث يعنى قلة توافر المياه السطحية، وزيادة تقلبات الأمطار، واستنزاف المياه الجوفية، والمزيد من حلقات تكرار الجفاف والفيضانات، وانخفاض المحاصيل الزراعية فى بعض بلدان المنطقة، فى الوقت الذى يتواصل فيه النمو السكانى، والتوسع الحضرى، ما يفرض ضغوط إضافية على المياه والأراضى والنظم الإيكولوجية الهشة.
أضاف أن قطاع الزراعة، الذى يستهلك أكثر من 85% من موارد المياه، سيعانى للحفاظ على حصته من موارد المياه فى ظل استمرار الطلب المتزايد على المياه للاستخدام المنزلي والصناعة والطاقة والسياحة.
أوضح أن “الفاو” أطلقت مبادرة ندرة المياه كمنصة حيوية لتسهيل تبادل الخبرات الفنية والدروس المستفادة من المنطقة وخارجها وتوفير حيز سياسى محايد لخلق مجالات التعاون التى تشتد الحاجة إليها بين شركاء التنمية الذين يعملون على جوانب مترابطة بشأن المياه، واستخداماتها وإدارتها.