تمتلك مصر، فرصة كبيرة للتوسع فى صناعة السيارات، مدعومة بعوامل تؤهلها لتكون الدولة الرائدة فى المنطقة، منها تاريخ الصناعة المحلية، والقاعدة العريضة من المستهلكين، لكن هذه الفرصة لاتزال بعيدة عن الاستغلال الحقيقى.
قال مايك ويتفيلد، الرئيس التنفيذى لشركة نيسان مصر، إن الطاقة الإنتاجية لجميع مصانع السيارات فى مصر لا تزيد على 65 ألف سيارة سنوياً، وهو حجم إنتاج لا يرتقى بأن يُنسب لتاريخ صناعة السيارات فى مصر، الذى يمتد لـ 60 عاماً، خصوصاً فى ظل توافر الإمكانيات الهائلة فى السوق المحلى.
وتتمثل تلك المزايا فى الإمكانات التصنيعية للمنتج الكامل أو الصناعات المغذية، بالإضافة إلى الأيدى العاملة، وانتقد ويتفيلد، فى حوار لـ«البورصة»، الأوضاع المتردية للصناعة، وانخفاض مبيعات السيارات فى مصر رغم ارتفاع عدد السكان والذى يتجاوز 100 مليون نسمة، لتصل نسبة امتلاك السيارات إلى الأفراد نحو 67 سيارة لكل 1000 مواطن، وهى نسبة ضئيلة للغاية.
ويرى الرئيس التنفيذى لشركة نيسان مصر، أن صناعة السيارات فى مصر يجب أن تشهد زيادة مطردة الفترة المقبلة ليدور حجم الإنتاج السنوى حول 400 ألف سيارة، وهو المعدل الذى يؤهلها للمنافسة العالمية، لافتاً إلى أن ذلك الأمر يستلزم تضافر الجهود بين المصنعين والحكومة أيضاً.
أعلن ويتفيلد، أن «نيسان» ترى أن مصر سوق مهم للغاية لها، وتطلع إلى ضخ مزيد من الاستثمارات بها، كما تعكف الشركة على إنشاء مشاريع مستدامة لصناعة السيارات فى مصر، وهو ما تحاول الشركة القيام به حاليًا بالتعاون مع الحكومة.
وكشف عن بعض المعوقات التى ظهرت مؤخراً، والتى ستعرقل صناعة السيارات فى مصر، أهمها إلغاء الجمارك على السيارات الأوروبية، فى حين لاتزال مستلزمات السيارات تخضع لرسوم جمركية، وهو أمر يحتاج لإعادة نظر الحكومة فيه، علاوة على ضرورة تقديم محفزات إنتاجية جادة لمصنعى السيارات، كما شدد على ضرورة وضع سياسة تسعيرية واضحة للسيارات، وتقديم فرص تمويلية أسهل، لتيسير شراء السيارات، وتحريك الجمود الذى يصيب السوق حاليًا لدفع عجلة الإنتاج.
<< ويتفيلد: لدينا 67 سيارة لكل 1000 مواطن.. ونحتاج رؤية واضحة
<< نسبة الـ 45% مكون محلى لا تمثل 20% كقيمة مُضافة بالمعايير العالمية
طالب ويتفيلد، بوضع رؤية واضحة على المدى الطويل لصناعة السيارات بالتعاون مع الحكومة، حتى تتمكن مصر من أن تصبح لاعباً فاعلاً فى صناعة السيارات داخل القارة الأفريقية بأسرها، ومن ثم التحول إلى التصدير.
مكونات الإنتاج المحلية
اعتبر مايك ويتفيلد، الرئيس التنفيذى لشركة نيسان مصر، أن طريقة قياس المكون المحلى حاليًا فى صناعة السيارات ليست صحيحة تمامًا، إذ تصل نسبة المكون المحلى حالياً فى صناعة السيارات لـ%45، ولكن الأمر ليس مجرد نسبة مُضافة، ولا يُقاس هكذا عالميًا، وإنما يقاس بـ «القيمة المُضافة».
أضاف أن النهوض بهذه الصناعة يحتاج أولاً لتوطين الصناعات المغذية، مروراً بأعمال اللحام وبناء وامتلاك «اصطمبات»، مؤكداً أن نسبة الـ 45% التى يُشارك بها مصنعو السيارات كمكون محلى لا تكاد تصل إلى %20 كقيمة مُضافة بالنسبة للمعايير العالمية.
أوضح ويتفيلد، أن «نيسان» فتسعى إلى النهوض بالمنتج المحلى المصرى، كى يصل إلى مستوى أكبر المصانع العالمية، ومنافسة مصانع المكونات الأخرى، بهدف تصدير المكونات المصرية.
أضاف أن النهوض بالصناعات المغذية سيزيد فرص العمل، وأمام كل فرصة عمل جديدة داخل مصنع «نيسان» تزيد أمامها 4 فرص عمل أخرى غير مباشرة خارج المصنع، سواء كان فى مصانع المكونات أو النقل أو موردى المواد الخام.
مزايا السوق المصرى
أوضح الرئيس التنفيذى لشركة نيسان مصر، توافر العديد من المميزات التى تتمتع بها مصر وتؤهلها للنهوض بصناعة السيارات المحلية، وأهمها الكثافة السكانية، وموارد الغاز الطبيعى، ومعدل النمو المرتفع، والموقع الاستراتيجى ذو الإمكانيات اللوجستية الهائلة، إلا أن ما ينقصها فعلياً هو وجود استراتيجية واضحة وبناءة للاستفاده من تلك العوامل.
وبالمقارنة بالتجربة المغربية وكيف استطاعت الوصول لدور ريادى فى صناعة السيارات عالميا، نجد أن تلك الصناعة قامت من العدم رغم إفتقار المغرب للإمكانات التى تؤهلها للدور الريادى الذى وصلت إليه الآن لتصبح واحدة من أكبر مراكز تصدير السيارات فى المنطقة، بجانب قوة صناعة مكونات السيارات التى تمتلكها حاليًا.
وأضاف ويتفيلد، أن وصول مصر لذلك المستوى فى صناعة السيارات ليس بالأمر المستحيل، وما يضفى الروح الإيجابية على الأمر، رغبة الحكومة الواضحة فى توطين صناعة السيارات وتحويل مصر إلى مركز إقليمى لتصديرها، مما يضطرهم للتفاوض ووضع استراتيجية كاملة بين مصنعى السيارات والمكونات والحكومة.
وأكد أن نيسان يمكنها الاستفادة من تلك المزايا لتصدير السيارات خارج مصر من خلال خطة طويلة الأمد تصل إلى 10 سنوات لتوطين الصناعات المغذية فى مصر، بالإضافة إلى التوازن بين الجودة والوقت والتكلفة، وتعد الأخيرة هى العامل الأساسى لحسم ذلك الميزان.
مصنع نيسان
وحول موعد طرح الشكل الجديد من السيارة «نيسان صنى»، استبعد ويتفيلد، طرحها فى نفس توقيت طرحها فى الأسواق العالمية، نظراً لأن طرحها محلياً سيستغرق المزيد من الوقت لتعديل خط الإنتاج وتوفير أجزاء السيارة محلية الصنع، بجانب تدريب العمالة على تجميع السيارة على خطوط الإنتاج.
وأضاف أنه من الأوفر استيراد السيارات اليوم من مصانع الشركة فى أوروبا عن تصنيعها لتقديمها بسعر منافس بسبب اتفاقيات الجمارك الأخيرة، مما يزيد من صعوبة إتخاذ قرار لتجميع طرازات جديدة فى مصنع الشركة.
أكد ويتفيلد، أن هدف نيسان الأول عند تجميع أى طراز جديد، سيكون توطين صناعة أكبر نسبة من مكونات السيارات لتقديم السيارة بسعر تنافسى للعملاء، وقال إن «نيسان مصر» تعمل على طرح منتجات جديدة على الدوام، لكن من الصعب بالتأكيد طرح منتجات مُجمعة محليًا على الدوام للأسباب السابقة.
<< استيراد السيارات من مصانع الشركة فى أوروبا “أوفر”.. والشركة “لا” تخطط لإنشاء مصنع جديد
ونفى الشائعات حول إنشاء مصنع جديد للشركة بمنطقة العين السخنة، مشيرا إلى أن مصنع الشركة بمدينة السادس من أكتوبر ينتج حاليًا 20 ألف سيارة تقريبًا سنويًا، وهذه ليست الطاقة الإنتاجية القصوى له، بل يمكنه إنتاج 50 ألف سيارة سنويًا، وحال نمو السوق ستقوم «نيسان» بالاستثمار فى منشآت أخرى بالتأكيد.
المشروع القومى للإحلال والتجديد
أعلن ويتفيلد، أن نيسان مصر تتفاوض حاليًا مع الحكومة للدخول فى مشروع الإحلال والتجديد للسيارات الأجرة سعة 16 راكب، لاسيما أن نيسان تستطيع المنافسة بقوة فى ذلك المشروع.
أضاف أن الخطط المستقبلية لنيسان تتضمن طرح السيارات الكهربائية فى مصر، خصوصا أن ترسانة نيسان تحتوى على «ليف Leaf» أحد أنجح وأشهر الطرازات الكهربائية فى العالم.. لكن لن تقوم الشركة بذلك حتى تتهيأ البنية التحتية للسيارات الكهربائية لدعم سير السيارات الكهربائية فى أغلب أنحاء البلاد، وستطرح نيسان فى 2020 الجيل الجديد من «جوك»، بجانب بعض الإضافات التقنية على طراز «قاشقاى».
يذكر أن شركة نيسان العالمية عينت مايك ويتفيلد فى منصب العضو المنتدب لشركة «نيسان موتور مصر»، وتتسم مسيرة ويتفيلد، بالنجاح منذ التحاقه بشركة نيسان كمتدرب فى إدارة التسويق عام 1981، ثم توليه العديد من المناصب القيادية وصولاً إلى منصب العضو المنتدب لشركة نيسان شمال أوروبا، ثم توليه منصب العضو المنتدب لنيسان جنوب أفريقيا، وبقى فى المنصب حتى مايو 2019 لمدة زادت عن 11 عامًا.