في الوقت الذي تتصاعد فيه المطالب باتخاذ منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، مزيدا من الإجراءات لخفض إنتاج البترول، وتعهد المجموعة بالنظر في أي إجراء ضروري، ربما يشهد اجتماعها المقبل خطوة غير عادية وهي خفض المعروض البترولي بشكل أكثر.
أفادت وكالة أنباء “بلومبرج” أن “أوبك” وشركائها، التحالف المعروف باسم “أوبك بلس”، خفضت إنتاج البترول خلال العام الحالي للسيطرة على وفرة المعروض العالمي الناتج عن تعثر الطلب على البترول وزيادة المعروض من البترول الصخري في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، لا تزال هناك توقعات بتحقيق فائض جديد في المعروض العام المقبل، مما قاد العديد من المؤسسات الدولية، بداية من “مورجان ستانلي” إلى “كوميرز بنك”، لمطالبة الكتلة بزيادة القيود على الإنتاج عند اجتماعها في فيينا ، ديسمبر المقبل.
ولكن خلال الأشهر الأخيرة، أصبح المعروض في الأسواق العالمية أقل، مما أزال أي حاجة فورية لاتخاذ أي إجراء بشأن الإنتاج، وبالتالي إذا أعلنت “أوبك” عن تخفيضات إضافية، فسيكون ذلك بمثابة كسر لتقاليد المجموعة، التي عادة ما تنتظر ظهور تخمة في المعروض قبل اتخاذ أي إجراء.
وأوضح ديريك بروير، مدير مجموعة “آر إس إنرجى” للطاقة، أن أوبك تحدد سياساتها بشكل تفاعلي وليس استباقي.
ربما تضطر “أوبك” إلى تغيير عاداتها في ظل انخفاض أسعار البترول، فقد انخفض البترول الخام بنحو 20% في غضون 6 أشهر ليبلغ 60 دولارا للبرميل تقريبا في بورصة لندن، وهو ما ينخفض عن المستويات التي تحتاجها معظم دول أوبك لتغطية الإنفاق الحكومي. كما أنه عانى من خسارة أسبوعية تقدر بـ 0.7% يوم الجمعة الماضية.
ويتراجع الطلب بفعل النمو الاقتصادي العالمي اﻷضعف في عقد من الزمن، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، في حين ترتفع الإمدادات في الولايات المتحدة وأماكن أخرى.
وقال نيل أتكينسون، رئيس قسم صناعة البترول والأسواق في الوكالة الدولية للطاقة، إن التكتل يواجه تحديا خطيرا للدفاع عن اﻷسعار، في ظل ارتفاع مستوى الإمدادات.
وقال إد مورس، رئيس إدارة أبحاث السلع في شركة “سيتي جروب” في نيويورك: “إذا كانت هناك علامات واضحة على الضعف الاقتصادي بحلول ديسمبر، فمن المحتمل بشكل كبير خفض الإنتاج بمقدار إضافي يبلغ 500 ألف برميل يوميا كحد أدني”.
ومع ذلك، فإن إعلان “أوبك” عن مزيد من الانخفاض في المعروض، في الوقت الذي يعاني فيه السوق من عجز بالفعل، سيكون تغييرا لمبادئ المنظمة.
وعندما أسُست منظمة أوبك بلس في نهاية عام 2016، ارتفع الفائض في المخزون البترولي إلى مستوى قياسي يزيد عن 300 مليون برميل، وما زال المخزون يتراكم بمعدل 1.4 مليون برميل يوميا، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.
وأشارت “بلومبرج” إلى أن “أوبك” اتفقت على الجولة الحالية من التخفيضات في نهاية العام الماضي، عندما تجاوز العرض الطلب بمقدار 2.7 مليون برميل يوميا.
وعندما تجتمع أوبك في فيينا في ديسمبر، من المحتمل ألا تقدم الأسواق العالمية أي فائض فوري يمكن ﻷوبك التعامل معه.
وأفادت أوبك أن مخزونات البترول العالمية انخفضت بمقدار 228 مليون برميل في الربع الثالث، لتسجل أكبر انخفاض لها في عقد من الزمن. فقد كان الطلب على البترول في فصل الصيف قويا بشكل مفاجئ. كما ارتفع مستوى الانخفاض في إنتاج المجموعة وسط الاضطرابات التي تعاني منها إيران وفنزويلا والسعودية.
ومن المتوقع أن تشهد مخزونات البترول انخفاضات إضافية، بنحو 55 مليون برميل، في الربع الرابع من 2019، حتى لو استعادت السعودية إنتاجها بالكامل، بعد أن عانت منشآتها البترولية من هجمات صاروخية وهجمات طائرات دون طيار في منتصف سبتمبر الماضي.
ومع ذلك، ربما تدفع التوقعات الخاصة بالنصف اﻷول من عام 2020 منتجي البترول إلى اتخاذ إجراءات حاسمة.
وقال بوب ماكنالي، رئيس مجموعة “رابيدان” للطاقة والمسؤول السابق عن البترول في البيت الأبيض في عهد الرئيس اﻷمريكي السابق جورج بوش، إن التحالف بحاجة إلى خفض المعروض بمقدار مليون برميل يوميا، ولكن يبقى سؤال أخير يدور حول التوقيت اﻷنسب للخفض.
وأوضح أن “أوبك” عادة ما تنتظر إلى أن ترى زيادة في المعروض بشكل واضح، ولكن الارتفاع الكبير المتوقع في المخزونات خلال النصف اﻷول من 2020 ، ربما يدفع الكتلة إلى خفض الإنتاج في وقت مبكر عن المخطط له.