يستعد المستثمرون لمزيد من الخسائر فى السندات اللبنانية حيث تواجه بيروت نداءات عاجلة لإعادة هيكلة ديونها الكبيرة.
وتراجعت قيمة الديون السيادية للبنان منذ أن دفعت وكالات التصنيف سندات الدولار إلى انخفاض أكبر لتستقر فى المنطقة غير المرغوبة فى وقت سابق من الشهر الحالى.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن السندات أجل عامان فقدت ربع قيمتها على مدى الثلاثين يومًا الماضية ويتم تداولها الآن بسعر 64 سنتًا مقابل الدولار.
يأتى ذلك فى الوقت الذى خرج فيه مئات الآلاف من اللبنانيين إلى الشوارع للاحتجاج على سوء إدارة الحكومة وتدهور الوضع الاقتصادى فى مظاهرات أجبرت رئيس الوزراء سعد الحريرى، على الاستقالة نهاية الشهر الماضى.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أنه يوجد فى بيروت واحد من أكبر أعباء الديون فى العالم ومن المتوقع أن تصل إلى 155% من الناتج المحلى الإجمالى بحلول نهاية عام 2019 .
وتراكمت الديون حيث تنفق الحكومة اللبنانية أكثر مما تجلبه وفى العام الماضي كان العجز يبلغ حوالى 11% من الناتج المحلى الإجمالى مما دفع صندوق النقد الدولى، إلى مطالبة الحكومة بضوابط مالية أعمق.
وعلى الرغم من أن وزارة المالية اللبنانية تقول إنها يمكن أن تسدد سندات بقيمة 1.5 مليار دولار مستحقة الشهر الحالى إلا أن الاقتصاديين يحثون بيروت على وضع خطة لإعادة هيكلة الديون مع تفاقم خطر التخلف عن السداد.
وكتب جيسون توفى، المحلل لدى “كابيتال إيكونوميكس” إن أزمة العملة والمشكلة المصرفية تتفاقم.
وتراجعت العملة المحلية فى لبنان أمام الدولار بحوالى الخُمس فى السوق السوداء وسط نقص متزايد فى العملة الأمريكية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن ضغوط السيولة أثارت المخاوف من أن احتياطيات البنك المركزى التى تتآكل بسرعة تدفع لبنان للاعتماد بشكل متزايد على هذه الاحتياطيات لخدمة الديون.
وقال رياض سلامة، محافظ البنك المركزى اللبنانى، إنه لن يفرض ضوابط على رأس المال أو يفرض خسائر على المودعين.
ومع ذلك، فرضت البنوك التجارية ضوابط فعلية عن طريق الحد من عمليات السحب والتحويلات الخارجية.
وتحتفظ الحكومة بمعظم الديون السيادية اللبنانية فى البنوك المحلية مما يقلل من خطر حدوث عمليات بيع حادة تحرضها صناديق التحوط فى الخارج.
لكن التعرضات العالية للبنوك المحلية تعنى أن ميزانياتها العمومية تضررت بشدة مع انخفاض أسعار السندات.
وأضافت “فاينانشيال تايمز” أن إعادة الهيكلة يمكن أن تبلور الخسائر لهؤلاء المستثمرين حيث توقع شخص يعمل فى صندوق تحوطى أن معدلات استرداد المستثمرين قد تصل إلى 20% فى حالة التخلف عن السداد.
وقال ناصر السعيدى، وزير الاقتصاد والتجارة السابق إن هناك حاجة إلى طرق مختلفة لتخفيف عبء خدمة الديون عن ديون لبنان بالعملات الأجنبية والعملات المحلية.
وأضاف السعيدى، أنه يمكن تمديد آجال الاستحقاق على الدين المحلى وتخفيض أسعار الفائدة إذا وافقت البنوك المحلية وصناديق المعاشات التقاعدية على التدابير.
وأشار إلى أن بنوك التنمية متعددة الأطراف والجهات المانحة الأجنبية يمكن أن تقدم ضمانات على ديون لبنان بالعملات الأجنبية مما يقلل من الألم الذى يتحمله المستثمرون.
ولم يتمكن لبنان من الاستفادة من حزمة قروض ميسرة بقيمة 11 مليار دولار تعهد بها مؤيدوه الدوليون لمشاريع البنية التحتية فى العام الماضى لأن هذه الأموال كانت مشروطة بالإصلاحات.
ويشعر المانحون الغربيون بالقلق من تمويل حكومة تضم “حزب الله”، وهى جماعة عسكرية وسياسية تعتبرها واشنطن منظمة إرهابية حيث يسيطر الحزب على المناصب الحكومية الرئيسية بما فى ذلك وزارة الصحة.
وقالت عليا مبيض، الخبيرة الاقتصادية فى بنك “جيفريز” إنه ينبغى على لبنان تبني بعض الإصلاحات الأساسية مثل تقليص نفقات القطاع العام الهائل وإصلاح النظام الضريبى إذا أرادت تخفيف عبء ديونها.
وأضافت مبيض، “سوف تحتاج الحكومة إلى خطة عمل متوسطة الأجل تحدد مسارًا واضحًا لتحقيق أهداف ذات مصداقية لتخفيض العجز كجزء من حزمة شاملة من تدابير إصلاح الإيرادات والنفقات”.