قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن النمو الاقتصادى فى الهند تباطأ بشكل كبير فى الربع الثالث، ما يسلط الضوء على عمق التباطؤ الذى أصاب دولة كانت تعتبر فى الآونة اﻷخيرة واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً فى العالم.
وأظهرت أحدث البيانات الرسمية ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى للهند بنسبة 4.5% فى الربع الثالث، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2018، وبانخفاض من نسبة 5% مسجلة فى الربع الثانى من العام.
ويعتبر هذا الربع السادس على التوالى الذى يشهد فيه اقتصاد الهند تباطؤاً؛ حيث انخفض معدل النمو من 8.1% فى الربع اﻷول من 2018 ليصل إلى أدنى مستوى له فى ستة أعوام فى اﻷشهر الثلاثة المنتهية فى سبتمبر الماضى، وسط تفاقم مستوى الكآبة حول آفاق النمو الاقتصادى فى البلاد.
ويؤكد التباطؤ على انتشار أزمة قطاع الظل المصرفى فى الهند، التى بدأت بانهيار المقرض الرئيسى «IL&FS» فى العام الماضى، فى الاقتصاد الأوسع نطاقاً.
وقال أوروديب ناندى، الخبير الاقتصادى الهندى لدى مؤسسة «نومورا»، إنَّ ما يحدث الآن هو انتقال العدوى ببطء، فقد انتشرت آلام صناعة الظل المصرفية فى الكيانات المالية الأخرى ووصلت إلى الاقتصاد الحقيقى، بما فى ذلك قطاعات مثل العقارات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهذا بدوره أثر على فرص العمل، فهذا هو تأثير الدومينو.
وسجل الاستثمار، الذى كان بطيئاً لمدة عقد تقريباً، نمواً سنوياً بنسبة 1% فقط فى الربع الثالث، منخفضاً من 4% فى الربع السابق، كما انكمش الإنتاج الصناعى بنسبة 1%، ونما الاستهلاك الخاص بنسبة 5% بارتفاع عن 3.1% فى الربع الثانى، ولكن الدافع الأكبر للنمو الاقتصادى جاء من الإنفاق الحكومى الذى ارتفع بنسبة 15.1%.
وتشير هذه الأرقام الحديثة إلى حجم التحدى الذى يواجه حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودى، التى تكافح من أجل إعادة إنعاش ثقة المستثمرين والمستهلكين فى الاقتصاد، ومنع المزيد من التدهور فى الظروف الاقتصادية.
وقام بنك الاحتياطى الهندى، الذى يعتزم عقد الاجتماع المقبل للجنة السياسات النقدية اﻷسبوع القادم، بخفض أسعار الفائدة بمقدار 1.35% على خمس مرات متتالية منذ فبراير الماضى.
وفى الوقت نفسه، خفَّضت الحكومة معدلات الضريبة اﻷساسية على الشركات إلى أدنى مستوياتها فى تاريخ ما بعد الاستقلال فى البلاد، لتنخفض من 30% إلى 22%، فى محاولة منها لجذب مزيد من الاستثمارات إلى البلاد.
ولكنَّ المحللين يقولون، إن الإدارة الهندية ليس لديها مجال كبير لتطبيق مزيد من الحوافز المالية، بالنظر إلى أنه من المرجح بالفعل أن يتجاوز هدفها المتمثل فى إبقاء العجز المالى عند 3.3% فقط من الناتج المحلى الإجمالى التوقعات.
وجادل المسئولون الهنود بأن الربع الثالث قد يشكل نهاية الركود الاقتصادى، وأن الاقتصاد سيشهد انتعاشاً فى الربع الحالى المقرر انتهاؤه فى 30 ديسمبر المقبل، ولكنَّ الاقتصاديين المستقلين يشككون فى أن الهند على وشك التحول، ويعتقدون أن المشكلات التى تواجه قطاع الظل المصرفى ستستمر فى التأثير سلباً على نمو البلاد.