تحولت شركة “السويس للأسمنت” إلى خسارة 495.5 مليون جنيه خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري لتصل إلى 631 مليون جنيه، مقارنة بصافي أرباح 335.2 مليون جنيه خلال الفترة ذاتها من عام 2018، مع الأخذ في الاعتبار حقوق الأقلية من المساهمين.
وانخفضت إيرادات الشركة خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2019 لتصل إلى 4.91 مليار جنيه، مقابل إجمالي مبيعات 5.66 مليار جنيه في العام الماضي.
وأرجعت الشركة تحولها للخسائر خلال الفترة إلى انخفاض الإيرادات وزيادة المعروض واستمرار انخفاض الطلب بالإضافة إلى انخفاض الأسعار.
كما أضافت الشركة أن التكلفة الناجمة عن إغلاق مصنع طره في شهر مايو الماضي أدت أيضًا إلى التحول للخسائر خلال فترة التسعة أشهر الأولى من العام الجاري.
قال خوسيه ماريا ماجرينا، الرئيس التنفيذى لمجموعة «السويس للأسمنت»، إن قطاع الأسمنت المصرى يمر بأكبر أزمة فى تاريخه، فى ظل تراجع حجم الطلب 5% سنوياً منذ عام 2016، مع النمو الكبير فى الطاقات الإنتاجية، ليمثل الطلب نحو 50% فقط من إجمالى طاقات الإنتاج المتاحة.
وعبر خوسيه ماريا، خلال حوار مع «البورصة» عن قلقه من الأزمة التى يمر بها القطاع فى الوقت الراهن، والتى تعد الأصعب، ما دفع المجموعة لإغلاق مصنع «طرة للأسمنت» بشكل مؤقت، فضلاً عن تصفية الحكومة شركة «القومية للأسمنت»، وهناك 5 أو 6 شركات معرضة لخطر الإفلاس، ما دفع «السويس للأسمنت» لتقليص العمالة.
أضاف خوسيه ماريا، «الأزمة ليست فقط فى العمالة المباشرة بشركات الأسمنت، لكنها تمتد لأكثر من ضعفيها والمرتبطة بتجار وشركات نقل وشركات صيانة والعديد من الخدمات المقدمة«.
ويرى »ماجرينا«، رداً على سؤال حول مدى جاذبية عمليات الدمج والاستحواذ داخل القطاع، »أن التكامل أو الدمج بين الشركات لن يقدم حلولاً سوى خفض لبعض المصروفات الإدارية، لكن ستظل مشكلة فائض الإنتاج، ولا يوجد أى حافز خاصةً لدى اللاعبين الدوليين فى القطاع على مثل هذه الخطوة، والجميع عازف عن ضخ أى استثمارات جديدة مباشرة فى السوق فى ظل حجم الخسائر الهائلة التى تكبدتها شركات القطاع«.
وانخفض إجمالى مبيعات القطاع على المستوى المحلى والصادرات بنسبة 3.3% سنوياً فى النصف الأول من عام 2019 فى ظل النمو الذى شهدته أحجام المبيعات فى شهر يونيو بنسبة 4.5% على أساس سنوى.
وأرجعت بحوث »فاروس« انخفاض الطلب، إلى تأثير شهر رمضان؛ حيث ظل متوسط سعر البيع مستقراً فى الربع الثانى 2019، متوقعة أن يستمر خلال العام المالى 2019.
وأشارت »فاروس«، إلى أن متوسط معدل الاستخدام فى القطاع بلغ 52%، ليشكل مزيداً من الضغوط على شركات القطاع وأسعار البيع.
أضاف الرئيس التنفيذى لـ»السويس للأسمنت«، أنه من الصعب أن تنافس الشركات العالمية، الحكومة، حتى الشركات الخاصة المصرية ليس لديها القدرة أو الطاقات الإنتاجية لمنافسة الحكومة، ما يعنى عدم وجود استثمارات أجنبية مباشرة فى القطاع خلال السنوات المقبلة.
تابع: »لا أعتقد دخول استثمار أجنبى مباشر فى هذا القطاع. أى مستثمر جديد أو قديم يعلم جيداً وجود هذا الكم الهائل من فائض الإنتاج«.
ويرى أن حجم الاستثمارات التى تم ضخها فى بناء مثل هذه الكيانات الإنتاجية خلال سنوات من الصعب تعويضه، مقدراً حجم أصول الشركة بنحو 500 إلى 600 مليون دولار.
وكشف »ماجرينا« عن عقد عدد من الاجتماعات مع الحكومة لشرح الآليات التى تعاملت بها دول العالم فى أزمات مشابهة، وكيف خرجت بالاستثمارات بشكل آمن، ودفعت السوق لحالة من الاستقرار، والتى كان من بينها الصين، والتى قامت بترشيد الإنتاج وضبط السوق للموازنة بين العرض والطلب.
وأضاف أن دولاً أخرى طبقت نفس الآلية، ودولاً أخرى اتجهت لزيادة معدلات الاستهلاك، على الرغم من صعوبة الحل الأخير بالنسبة للوضع المصرى، حالياً، والذى يكاد يكون وصل لقمة معدلات الاستهلاك لكل نسمة بواقع 500 كيلو أسمنت/ مواطن فى الوقت الذى تقوم به الدولة بمشروعات قومية عملاقة مثل العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية، وغيرهما.
وقال العضو المنتدب لشركة »السويس للأسمنت«، إن الدعم أمر جيد بالنسبة لصناعة الأسمنت، ولكن لا أعتقد أنه الحل الأمثل، فالمنافسة مرتفعة إلى درجة كبيرة، ومع وجود دعم ستنخفض الأسعار أكثر من ذلك. لذلك فإن الدعم لن يفيد أياً من المنتجين أو عملائنا. وسوف تستفيد فقط الشركات العقارية، خاصةً أن شركات العقارات رغم تراجع أسعار مواد البناء، فإنها لم تخفض من أسعار بيع وحداتها وعلى العكس ارتفعت.
واعتبر مقترح استحداث آلية دعم صادرات الأسمنت غير مجدٍ؛ لأن الفرق فى تكلفة الإنتاج بين مصر وبين دول المنطقة المحيطة كبير جداً، يصل إلى حوالى 12 دولاراً، بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد أسواق لتصريف هذا الكم الهائل من فائض الإنتاج.
فعلى سبيل المثال، لمساندة صناعة الأسمنت المصرية فى التصدير، فإنها تطلب دعماً بقيمة 12 دولاراً لكل طن، وهو ما سيلتهم أكثر من مخصص مساندة الصادرات الخاص بجميع الصناعات الأخرى.
وعن واردات الشركة من الفحم، قال »ماجرينا«، إنَّ الشركة استوردت ما قيمته 600 مليون جنيه من الفحم خلال النصف الأول من 2019؛ حيث تقوم الشركة باستيراد الكميات التى تحتاجها فقط للإنتاج.
وتوقع »ماجرينا« احتفاظ الشركة بحصتها السوقية من صناعة الأسمنت، فى النصف الثانى من العام الجارى، والبالغة 14%، مع انخفاض واردات الشركة من الفحم بنحو 5% خلال الشهور الستة الأخيرة من 2019، وتستورد الشركة الفحم من روسيا وأمريكا.
وتعاقدت مجموعة السويس للأسمنت، مع الشركة المصرية للتكرير »ERC« لشراء نحو 200 ألف طن من الفحم البترولى، فى يوليو الماضى؛ حيث أوضح العضو المنتدب لـ»السويس للأسمنت«، أن العقد الجديد سيوفر نحو 50% من تكاليف النقل.
ورغم المحاولات التى قامت بها شركات الأسمنت فى السوق المصرى لتفادى الأضرار الناجمة عن خطط الإصلاح الاقتصادى عبر رفع الدعم نهائياً عن المحروقات وتحرير الأسعار، فإنَّ استمرار برنامج تحرير أسعار المحروقات لتلافى المشكلات الهيكلية فى الاقتصاد واصل تأثيره على القطاع.
وأوضح »ماجرينا«، أن تكاليف الإنتاج ارتفعت بنحو 11% منذ القرار الأخير برفع أسعار الكهرباء؛ حيث تستحوذ الكهرباء والوقود على نحو 60% من تكاليف الإنتاج فى صناعة الأسمنت.
ورغم ما يواجه صناعة الأسمنت من أزمات، فإن خوسيه ماريا ماجرينا، أكد اهتمام الشركة بإطلاق منتجات جديدة لتتناسب مع عمليات البناء الحديث، خاصةً فى الأعمال الإنشائية فى العلمين الجديدة، والعاصمة الإدارية؛ حيث يتم تطبيق نظم البناء المتقدمة.