وضعت الهيئة العامة للرقابة المالية رؤية مستقبلية لتطوير قطاع الخدمات المالية غير المصرفية، من خلال استراتيجية تتواكب مع الإجراءات والإصلاحات الأقتصادية الأخيرة، ويلعب قطاع الخدمات المالية غير المصرفية دورًا حيويًا فى دعم خطط الإصلاح والتنمية الاقتصادية المستدامة، بالإضافة إلى دوره الاستراتيجى فى تعميق وتحقيق الشمول المالى وتسهيل الحصول على التمويل.
وتمثل الخدمات المالية غير المصرفية نحو %16 من إجمالى هيكل القطاع المالى فى مصر فى حين تمثل الخدمات المصرفية %80 ونحو %4 للخدمات المالية بهيئة البريد المصرى.
قال الدكتور محمد عمران، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن الهيئة تدعو الحكومة للاستمرار فى جهودها فى دعم القطاع المالى غير المصرفى، مشيرا إلى أن الهيئة تترقب تطوير الأنشطة المستقبلية ومنها التمويل الاستهلاكى وأسواق العقود الآجلة ومنصات التمويل الجماعى وتنظيم تمويل المطورين العقاريين.
أضاف أن الهيئة أطلقت أول استراتيجية للقطاع المالى غير المصرفية خلال الـ 4 سنوات المقبلة لتحفيز النمو الاقتصادى إيماناً منها بأولوية التنمية الاقتصادية من خلال الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية.
تابع أن تطور القطاع المالى يتطلب تشريعات وقوانين ويتطلب تنفيذ القانون وسرعة الفصل فى النزاعات القانونية.
وأوضح أن الهيئة تسعى للانضمام لنادى الـ 13، الذى يستلزم أن يكون النمو مستداماً ويتطلب نمو %7 سنويا لمدة 25 سنة على الأقل.
ولفت إلى أن الهيئة حصلت على المؤشر الأفضل بتقرير مساهمة الأعمال فى حماية حقوق المساهمين لتتفوق على دول الشرق الأوسط وتحصل على المركز 57.
“عمران”: ندرس تقنيات “البلوك تشين” و”الحوسبة السحابية” وتطورات “الأمن السيبراني”
وقال إن جذب الشركات أحد المسارات الخاصة بالاستثمار، مشيرا إلى أن الهيئة وضعت منذ شهرين جدول أعمال لتطوير سوق المال ودفعه للأمام وتحقيق المزيد من النجاحات.
وذكر أن الهيئة تقوم بدراسة التطور التكنولوجى فى السنوات الأخيرة خاصة تقنية «البلوك تشين» وتقنية «الذكاء الاصطناعي» وتقنية «الحوسبة السحابية» وما تستحدثه من تحديات الأمن السيبرانى للوقوف على آثارها فى تغيير ديناميكية وطبيعة أسواق الخدمات المالية غير المصرفية.
وفى هذا الشأن قال الدكتور محمود محيى الدين النائب الأول لرئيس البنك الدولي، إن هناك حاجة إلى تقنية رقابية تتعامل مع متطلبات العصر الرقمى والذكاء الاصطناعى وقواعد البيانات الكبرى فى ظل انتشار أدوات ومؤسسات التقنية المالية.
كما تتبنى الهيئة العامة للرقابة المالية استراتيجية تنمية خلال السنوات المقبلة ترتكز على ثلاثة أجزاء رئيسية الإطار النظرى لقياس العلاقة بين القطاع المالى ومعدلات النمو ومستويات دخل الأفراد، ودور القطاع فى تحقيق التنمية المستدامة.
أما الجزء الثانى يستعرض قطاع الخدمات غير المصرفية فى مصر، ودوره فى توفير التمويل اللازم لعملية التنمية الاقتصادية وأدائه خلال السنوات الماضية والقادمة.
ويتضمن الجزء الثالث رؤية استراتيجية الهيئة العامة للرقابة المالية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية المستدامة لمصر 2030.
وتستهدف الهيئة من خلال استراتيجيتها تنمية القطاع المالى غير المصرفى، تحقيق معدل نمو أعلى فى القطاع لتوفير تمويلات لعدد أكبر من المستهدفين بهدف دعم وتمويل الاستثمارات لتحفيز النمو الأقتصادى فى مصر.
وتستهدف الوصول بحجم التمويل من خلال سوق رأس المال إلى 1600 مليار جنيه بنهاية 2022، فى حالة عدم تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، و2000 مليار جنيه فى حالة تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، بالإضافة إلى الوصول إلى 250 مليون قيمة إصدارات بحلول 2022.
كما تستهدف الهيئة الوصول إلى جملة أقساط تأمين تقدر بـ50 مليار جنيه بحلول 2022، وصافى استثمارات فى قطاع التأمين خلال نفس الفترة يصل إلى 150 مليار جنيه، بالإضافة إلى استثمارات صناديق تأمين يبلغ 100 مليار جنيه بحلول 2022.
أما بالنسبة لنشاط التمويل العقارى تسعى الهيئة للوصول إلى 20 مليار جنيه حجم تمويلات عقارية بحلول 2022، والوصول إلى 60 مليار جنيه حجم عقود تأجير تمويلى خلال نفس الفترة، بالإضافة إلى تحقيق 20 ملياراً حجم أوراق مخصمة بنهاية نفس المدة.
كما تخطط لمضاعفة عدد المستفيدين من نشاط التمويل متناهى الصغر ليصل إلى 4 ملايين مستفيد، بإجمالى أرصدة مستهدفة تصل إلى 25 مليار جنيه بحلول 2022.
وتوقع سامح الترجمان رئيس البورصة المصرية الأسبق، مزيدا من نمو الأنشطة المالية غير المصرفية، مع نشاط أكبر للشركات المدرجة بالبورصة، وخلق فرص استثمارية جديدة.
وتنتظر هيئة الرقابة المالية عدة ملفات هامة أبرزها التنمية المستدامة حيث قامت الهيئة باستحداث إدارة التنمية المستدامة فى الهيكل الإدارى للهيئة، واتخاذ تدابير لتعزيز الاستدامة على المستوى المؤسسى، ودمج مبادئ الأستدامة فى نظم التشغيل والإدارة وتحولها إلى ممارسة يومية لتعمق مستويات الاستدامة فى القطاع.
كما قامت بإنشاء مركز إقليمى للتمويل المستدام بهدف نشر الوعى بالتنمية المستدامة وتعزيز ثقافة الاقتصاد الأخضر داخل القطاعات المالية، كما قامت بإنشاء منصة إلكترونية لعرض الاتجاهات والتطورات فى مجال التمويل المستدام.
وقالت سينا حبوس مدير وحدة التنمية المستدامة بالهيئة العامة للرقابة المالية إن الخطة الاستراتيجية للهيئة لتطوير القطاعات المالية غير المصرفية تهدف إلى الوصول إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
أضافت أن الخطة ترتكز على الاعتماد على التكنولوجيا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتشجيع الشركات على التى ممارسات أكثر استدامة منها الالتزام مسئوليتها المجتمعية دورها فى حماية البيئة.
وهى كلها خطوات قوية وواثقة فى طريق التنمية المستدامة، إلا أن التوعية المجتمعية بمصادر التمويل الأخضر وتعميم الثقافة داخل القطاع المالى غير المصرفى بإنشطة التمويل بالإضافة إلى سوق المال هى التحدى الأكبر امام الرقابة فى الفترة المقبلة.
كما تولى الهيئة أهمية لملف صناديق الغستثمار حيث تشهد صناعة صناديق الاستثمار فى مصر منحنى متراجعا مقارنة بوضعها وتطورها فى الأسواق المالية المحيطة.
وعلى الرغم من اتخاذ الرقابة المالية خطوات مهمة لتشجيع صناعة إدارة الأصول وترسيخ الاستثمار المؤسسى داخل السوق، لزيادة الشمول المالى، وفقاً لاستراتيجية الحكومة، عبر استحدات أنشطة جديدة فى سوق رأس المال مثل التصكيك وشركات الاستثمار المباشر.
بجانب التعديل التشريعى الذى ألزم الشركات القابضة المرخص لها من الهيئة أن تكون استثماراتها فى الأنشطة المالية غير المصرفية بما لا يقل عن %50 من إجمالى الاستثمارات المالية لها وكذا تعديلات قانون سوق رأس المال بما يتلاءم مع آخر المستجدات.
لكن هناك تحد آخر يتمثل فى صناعة إدارة الأصول وهو ما يتطلب سرعة مواجهتها لدعم نشاط الصناعة ومواجهة القيود على صناعة الصناديق الاستثمارية وأدوات الدخل الثابت، والتى ألحقت الضرر بكافة شركات إدارات الأصول وأدت لتقليص حجم أصولهم المُدارة، فضلا عن وجود ضعف ملحوظ فى إقبال تدفق المستثمرين على الصناديق كخيار تمويلى، مقابل البدائل الاستثمارية الأخرى ذات العوائد المنخفضة وعديمة المخاطرة.
“محيي الدين”: تقنية رقابية للتعامل مع العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي وقواعد البيانات الكبرى
ويقع على الهيئة دورًا كبيرًا فى التوعية بأهمية دور صناديق الاستثمار فى الأسواق المالية والعوائد الاستثمارية المحققة ورفع مستوى الثقافة الاستثمارية، وينتظر هذا الملف بشدة قرارات جديدة من شأنها أن تنعش وتحفز الصناعة فى مصر.
ومن الملفات التى تتأهب لها الهيئة التكنولوجيا المالية، وتعمل الهيئة على مواكبة التطور التكنولوجى الذى يشهده السوق المحلى، وقامت الهيئة بتطوير موقع إلكترونى للمستثمر لتقديم كافة المعلومات الاسترشادية والرد على استفسارات المستثمرين.
وكذلك قامت بتكثيف التوعية بسجل الضمانات المنقولة، مع تنظيم ورش عمل تدريبية فى المحافظات المختلفة للتعريف بقانون وشروط الترخيص المؤقت والنهائى للتمويل متناهى الصغر.
كما تستعد الهيئة لتنظيم عمليات التمويل الجماعى وتتوجه لاستحداث قانون خاص بها لتقنين النشاط والذى يتم ممارسته حاليا بعيدًا عن الجهات الرقابية والتنظيمية.
وشهدت مؤشرات القطاعات المالية غير المصرفية تطورًا ملحوظًا منذ تأسيس هيئة الرقابة المالية بموجب القانون رقم 10 لسنة 2009.
وشهد رأس المال السوقى تغيراً كبيراً حيث حقق نموًا يبلغ 4 أضعاف، ليصل خلال 2019 إلى 717 مليار جنيه، مقابل 500 مليار جنيه خلال عام 2009.
وشهد قطاع استثمارات صناديق التأمين الخاصة انتعاشة قوية حيث حقق 75 مليار جنيه خلال 2019، مقابل 24 مليار جنيه فى عام 2009، بمعدل نمو خلال العشر سنوات يصل إلى أكثر من 2 مرة.
أما بالنسبة للاستثمارات الخاصة بشركات التأمين وصلت خلال 2019 إلى 102 مليار جنيه، مقابل 29 مليار جنيه خلال عام 2009، بمدل نمو يبلغ 2.5 مرة خلال العشر سنوات.
وعلى صعيد قيمة التأجير التمويلى الممنوح بلغ خلال عام 2019 حوالى 41 مليار جنيه، مقابل 4 مليارات جنيه خلال عام 2009 بمعدل نمو على مدار الـ10 سنوات يصل إلى 9 أضعاف.
وارتفع التمويل الممنوح من شركات التمويل العقارى ثلاثة أضعاف خلال العشر سنوات، ليحقق 1.9 مليار جنيه خلال عام 2019، مقابل 0.5 مليار جنيه خلال عام 2009.
أما بالنسبة لإجمالى حجم الأوراق المخصمة بلغ حوالى 7.2 مليار خلال عام 2019، مقابل 0.4 مليار جنيه بمعدل نمو يصل إلى 7 أضعاف خلال الـ 10 سنوات.
وعلى صعيد نشاط التمويل متناهى الصغر الذى تم إضافته ضمن أنشطة الهيئة مؤخرًا، حقق معدلات نمواً قوية خلال 4 سنوات تصل إلى 2.3 مرة، من خلل إجمالى تمويل ممنوح بلغ خلال 2019 حوالى 15 مليار جنيه، مقابل 4.5 مليار خلال عام 2016، وينقسم المستفيدون إلى %30 ذكور و%70 أناث.