بدأت الحكومات الآسيوية فى القيام بدورها لإنعاش النمو الاقتصادى حيث تتراجع البنوك المركزية تدريجياً عن تخفيف السياسة النقدية.
وأعلنت الحكومة اليابانية الأسبوع الماضى عن حزمة تحفيز بقيمة 26 تريليون ين، ما يعادل 239 مليار دولار بعد يوم من إعلان هونج كونج عن خطوات إضافية لدعم الشركات التى عانت على مدار شهور من الاضطرابات السياسية.
وقال هاك بن تشوا، كبير الاقتصاديين فى “ماى بنك”: “سوف نشاهد المزيد من هذه الإجراءات فى سنغافورة”.
وأضاف “لقد ضاقت مساحة السياسة النقدية، بالنظر إلى مدى قرب أسعار الفائدة من الصفر وهناك اعتراف متزايد بأنه لا يمكنك الاعتماد فقط على البنوك المركزية ولذلك يتعين على الحكومات تقديم الدعم من خلال السياسة المالية”.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” أن الحديث قد يكون أسهل من الفعل على عكس قرارات أسعار الفائدة التى تتخذها عادة لجنة صغيرة تابعة للبنك المركزى، حيث إن الحوافز المالية تحتاج لموافقة من الحكومات والبرلمانات فى بعض الأحيان وقد تتعارض مع حدود الديون المنصوص عليها فى القانون بالإضافة إلى ذلك، قد لا يظهر تأثير السياسة المالية إلا بتأخير كبير.
وقال تيولى مكولى، رئيس اقتصاديات منطقة آسيا والمحيط الهادئ فى “سكوتيابنك” بسنغافورة إن صانعى السياسة بدأوا فى قبول أن هناك حاجة لعمل المزيد وأعتقد أن الحقيقة تكمن فى أنهم بحاجة إلى تخفيف قيودهم.
وكشفت الوكالة الأمريكية عن الإجراءات التى قامت بها مختلف حكومات الدول الآسيوية حتى الوقت الحالى.
أولا: اليابان
وصف رئيس الوزراء شينزو آبى، الحوافز الجديدة بأنها حزمة ثلاثية الأركان لتعزيز الإغاثة فى حالات الكوارث والحماية من مخاطر الهبوط والاستعداد للنمو على المدى الطويل بعد “أولمبياد طوكيو 2020”.
وأوضح رئيس الوزراء اليابانى أن هذه الإجراءات ينبغى أن تعزز النمو الحقيقى بنحو 1.4 نقطة مئوية.
وأوضح توم أورليك، كبير الاقتصاديين لدى وحدة “بلومبرج إيكونوميكس” أن السياسة النقدية تتحرك بسرعة وخاصة عندما تكون أسعار الفائدة فى طريقها إلى التراجع حيث تتمتع بدعم سياسى واسع وهذا ما يجعلها فعالة للغاية كأداة لإدارة الطلب.
وأضاف “على النقيض من ذلك، فإن السياسة المالية بطيئة الحركة غارقة فى المناقشات الأيديولوجية وتكتظ بالقيود السياسية وفى بعض الأحيان تكون الأداة الصريحة هى الوحيدة الموجودة هناك”.
ثانيًا: الصين
كان محور السياسة المالية للصين خلال العام الحالى حوالى 2 تريليون يوان أى ما يعادل 284 مليار دولار من التخفيضات الضريبية.
وعلى الرغم من أن هذه التخفيضات ساعدت فى تضخم العجز إلا أنها لم توقف تباطؤ الاقتصاد ومن المتوقع أن ينخفض النمو إلى أقل من 6% خلال العام المقبل.
وقالت “بلومبرج” إن الاجتماع الرئيسى لوضع السياسة الاقتصادية الشهر الحالى سيوضح بالتفصيل التوازن بين الإعدادات النقدية والمالية لعام 2020.
وفى الوقت نفسه، يبدأ المسؤولون خلال العام المقبل باستخدام بعض الإنفاق على البنية التحتية خارج الميزانية العمومية بتمويل من ديون الحكومة المحلية.
ثالثًا: الهند
اتخذت إدارة رئيس الوزراء ناريندرا مودى، سلسلة من الخطوات لوقف الركود فى الاقتصاد إضافة إلى التحفيز النقدى من خمسة تخفيضات فى أسعار الفائدة العام الحالى.
وتشمل التدابير خفض الضرائب على الشركات بقيمة 20 مليار دولار وصندوق بقيمة 1.4 مليار دولار لإنقاذ المشاريع السكنية المتوقفة بالاضافة إلى حافز بقيمة 7 مليارات دولار للمصدرين.
ووعد زير المالية نيرمالا سيترامان، بذل المزيد من الجهد لكن المجال محدود مع توقعات خرق الحكومة لهدف العجز البالغ 3.3% من الناتج المحلى الإجمالى.
رابعًا: كوريا الجنوبية
قالت “بلومبرج” إنه مع تراجع النمو الاقتصادى إلى أدنى مستوى خلال عقد من الزمن، اقترحت حكومة كوريا الجنوبية ميزانية قياسية بقيمة 513.5 ترليون وون ما يعادل 431 مليار دولار للعام المقبل بزيادة 9.3% عن الميزانية الرئيسية العام الحالى.
ووصف وزير المالية هونغ نام كى، الميزانية بأنها توسعية قدر الإمكان حيث قام بنك كوريا المركزى، بالفعل بتخفيض سعر الفائدة المرجعى ليتوافق مع مستوى قياسى منخفض.
وكان الإنفاق الحكومى مصدرًا رئيسيًا لدعم الاقتصاد، حيث عوض تراجع الاستثمار المباشر.
وجاء اقتراح رفع الإنفاق عام 2020 بعد أن نفذت الحكومة ميزانية تكميلية خلال النصف الثانى من العام الحالى.
خامسًا: هونج كونج
استجابت حكومة هونج كونج المحاصرة بالركود من خلال مجموعة من التدابير المالية التى تهدف إلى تعزيز ثقة الشركات والأسر.
وكشفت بيانات الوكالة الأمريكية أن حجم الحزمة التى تم الإعلان عنها الأسبوع الماضى والبالغة 511 مليون دولار ستصل إلى 25 مليار دولار.
وتتوقع الحكومة عجزًا نادرًا فى الميزانية العام المالى الحالى ومع ذلك، بالنظر إلى المشكلات الهيكلية للمدينة وحدة الانكماش الاقتصادى يقول الاقتصاديون وصندوق النقد الدولى، إن الاستجابة لم تكن كافية.
سادسًا: تايلاند
اتخذت الحكومة سلسلة من الخطوات لتعزيز الاقتصاد الذى نما بأبطأ وتيرة فى 5 سنوات حيث أقر مجلس الوزراء الأسبوع الماضى جولة جديدة من التحفيز بقيمة 100 مليار باهت ما يعادل 3.3 مليار دولار من الإنفاق.
ويأتى ذلك بعد حزمة بقيمة 10 مليارات دولار فى شهر أغسطس الماضى شملت مساعدة المزارعين وأصحاب الدخول المتدنية بالإضافة إلى مبادرات لدعم إنفاق المستهلك والاستثمار.
سابعًا: إندونيسيا
يؤدى انخفاض الإيرادات لزيادة العجز فى الموازنة إلى 3% من الناتج المحلى الإجمالى.
وقال نائب وزير المالية سوازيل نازارا، إنه بدلاً من تقليص الإنفاق زادت الحكومة من نسبة العجز المستهدفة لهذا العام لتصل إلى 2.2% من الناتج المحلى الإجمالى ومستعدة لرفع توقعات العام المقبل.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يدفع فيه الرئيس جوكو ويدودو، الإصلاحات الهيكلية والضريبية لجذب الاستثمار.
وقال ترين نجوين ، كبير الاقتصاديين فى شركة “ناتيكسيس آسيا” المحدودة إن الحكومة ستحاول وضع عبء أقل على الاقتصاد مضيفًا أنه نهج أفضل بكثير من محاولة نشر الإنفاق المالى عندما لا يكون هناك مساحة كبيرة.
ثامنًا: نيوزيلاندا
فى محاولة لتعزيز الاقتصاد المتباطئ، سوف تستفيد حكومة نيوزيلندا من أسعار الفائدة المنخفضة القياسية للاقتراض والاستثمار فى البنية التحتية.
وذكرت وكالة “بلومبرج” أن وزير المالية جرانت روبرتسون، أمر وزارة الخزانة بتقديم مشاريع لخط أنابيب حكومى للاستثمارات قصيرة ومتوسطة الأجل.
تاسعًا: أستراليا
مع تباطؤ الاقتصاد، قاومت الحكومة الدعوات لاستخدام تكاليف الاقتراض المنخفضة القياسية لتمويل البنية التحتية أو تقديم تخفيضات ضريبية مخططة للسنوات المقبلة.
وبدلاً من ذلك، عقدت الحكومة العزم على تحقيق فائض فى الميزانية خلال العام المقبل لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمان.